حسن علي كرم- الوطن السعودية-
أن يرفع مرزوق الغانم صوته عالياً ، بصفته رئيس مجلس الأمة الكويتي ، و بصفته رئيس الوفد الكويتي المشارك في مؤتمر البرلمانات الدولي و يطالب الوفد الإسرائيلي الخروج من القاعة بكونه يمثل دولة الاحتلال و قتلة الأطفال ، فهذا ليس بجديد و لا بغريب ، فلقد عمله قبله رئيس مجلس الأمة الأسبق السيد أحمد السعدون ، إلا أن الفرق بين السعدون و الغانم أن الأول عمله بلا دعاية ، و بذرابه و كياسة و بحكمة السياسيين و بلا فرقعات أو هوليله ، فعل ذلك عن إيمان و عن يقين شخصي ، و ربما سياسي بحسبان الكيان الصهيوني دولة محتلة و غاصبة لأرض عربية ، و مقدسات إسلامية ...
أعترف هنا أن الغانم عمل له جو ، و تسليط إعلامي غير مسبوق ، حيث تناولت وسائل الإعلام التقليدية ، و الإعلام الحديث ، في كل الوطن العربي و العالمي مطالبة الغانم خروج الوفد الاسرأئيلي من القاعة ، لكن العجب العجاب هو أن جميع الوفود الحاضرة ، و التي تمثل القارات الخمس ، و بينها دول صديقة و حامية لإسرائيل ، و دول بين - بين لا مع و لا ضد و قلة تتعاطف مع القضية الفلسطينية علناً و دول ربما تتعاطف مع القضية لكن من وراء الحجاب ، أقول كل هذه الوفود الحاضرة سكتت كما رأينا أو كما شاء ناشرو مقطع الفيديو أن يصوروه لنا ، حدث هذا كما لو أن على رؤوسهم الطير ، أو كأن الغانم سحرهم ، أو أخافهم ، بلسانه أو بصوته أو بلغته البليغة ، و الأعجب العجاب أيضاً أن مقطع الفيديو الذي انتشر كالنار في الهشيم عبر وسائل التواصل للغانم ، و هو يطالب الوفد الاسرائيلي بالخروج ، لم نسمع منهم رداً أو تعقيباً أو ملاحظة أو اعتراضاً أو أقلها لم نسمع رأي رئيس الجلسة ، هل كلهم داخلهم الخوف و أرعبهم أو أفحمهم الغانم ، أم كانوا على باطل و الغانم وحده الذي حمل سيف الحق ، و الشجاعة الإلهية حتى دعا الوفد الإسرائيلي بالخروج و يقول ما لم يتجرأ الآخرون قوله ، أو أقلها اتفاقاً مع الوفود العربية الحاضرة ..؟!
لا شك سيبقى هذا المشهد (البطولي) ماثلاً أمام الأعين كما لو كان فيلم اكشن ، ثم يخرج المتفرجون من الصالة و ينسون مشاهده ، كان أحد المعلقين الكويتيين صادقاً عندما علق من على شاشة ال بي بي سي العربية الإخبارية الذي شبه مطالبة الغانم طرد الوفد الاسرائيلي بفرقعة الألعاب النارية التي تبعث وهجها ثم تختفي ، بمعنى أنك أنت يا مرزوق لا أنت خدمت القضية و لا حررت فلسطين و لا أنقذت طفلاً فلسطينياً من الرصاص الإسرائيلي ، خصوصًا و هنا الأهم أن أصحاب القضية صمتوا ...!!!
لا نريد أن نعود إلى ٢ / ٨ / ١٩٩٠ لأن في نظر البعض أن أحداث ٢ / ٨ قد انتهت و باتت من التاريخ ، لكن ما رأي مرزوق الغانم في النصب التذكاري " للشهيد صدام حسين " و المعروض في إحدى ساحات غزة ، و يطوف الغزاويون حوله كل يوم حيث يتباركون به ، كما لا أريد هنا أن أذكر الغانم أنه لازال هناك فلسطينيون يشتمون الكويت و يدعون عليها بالشر، أيضاً لا يهمني إن كل الوفود العربية الحاضرة في قاعة المؤتمر البرلماني التزموا الصمت ، و تَرَكُوا لك وحدك البطولة الفارغة ، كل ذلك بصراحة لا يهمني ، لكن يهمني أن أذكر مرزوق الغانم أن في الغزو الغاشم كانت إسرائيل إحدى دول التحالف التي ساهمت بتحرير الكويت من براثن الجار العربي المسلم المجرم ، و يهمني أن لا نخلق أزمات أو تتضرر مصالحنا و علاقاتنا مع دول صديقة يعلم الغانم أنها القوة الخفية و العظمى الحامية للكيان الإسرائيلي ...
كويتياً يكفي حجم التعليقات و التغريدات و الرسائل المعارضة التي نشرت عبر وسائل التواصل كافياً لكي يعلم الغانم أنه لم يمثل رأي الكويتيين ، و أن الكويتيين عقلاء لا ينزلقون في الترهات و البطولات الفارغة ، و اللي يبي يحرر فلسطين الطريق معلوم و مفتوح ، و العنوان ما يضيع ...