ترجمة أسامة محمد - هآرتس-
بالتوازي مع الحوار القطري الأمريكي الاستراتيجي، والذي اختتم للتو في واشنطن بقرارات وتوصيات، اعتبرت انتصارا للدوحة في خضم الأزمة الخليجية الناشبة، منذ يونيو/حزيران الماضي، زعمت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن العديد من القادة اليهود الداعمين لـ(إسرائيل) تقربوا من قطر، خلال الفترة الأخيرة، رغم كل التحفظات على سلوك الدوحة الداعم لحماس والمعادي للسامية، على حد وصفها.
ومضت الصحيفة بالقول إلى أن عدد من هؤلاء القادة اليهود، التقوا أمير قطر خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وزار بعضهم الدوحة، خلال الأشهر القليلة الماضية.
وقالت الصحيفة، في تقرير لها، إن «مورتون كلاين»، وهو من المنظمة الصهيونية الأمريكية، عرض عليه أن يشارك في هذه اللقاءات، لكنه رفض الدعوة، وأصدر بيانا شرح فيه السبب.
«كلاين» قال في بيانه: «قررت المنظمة الصهيونية أنه في هذه المرحلة لا يمكننا أن نسمح بإشراك المنظمة في إمكانات إضفاء الشرعية على أي نشاط من أنشطة دولة قطر المشينة، إذ أن المنظمة مهتمة بالاجتماع معهم إذا اتخذوا خطوات صريحة أولا لتغيير سلوكهم الوحشي».
زيارات للدوحة
لكن الصحيفة تذكر أن «كلاين» زار الدوحة، في وقت سابق من يناير/كانون الثاني المنصرم، والتقى الأمير القطري «تميم بن حمد»، زاعمة أن هذه الزيارة جاءت بالتزامن مع زيارات أخرى لشخصيات عامة بارزة أخرى معروفة باسم «أنصار الحكومة الإسرائيلية»، مثل «آلان ديرشويتز» و«مايك هوكابي».
وأشارت «هآرتس» إلى أن زيارات هؤلاء القادة اليهود إلى قطر، جلبت عليهم انتقادات قوية من مؤيدي (إسرائيل) الآخرين الذين حذروا من أن القطريين يستخدمون أسماء «مؤيدة لإسرائيل» للتغطية على دعمهم لحماس والمنظمات الإرهابية الأخرى، على حد وصفها.
وتعود الصحيفة إلى «مورتون كلاين» لتقول على لسانه أنه اضطر لزيارة قطر، بعد أن وجد العديد من القادة اليهود يذهبون إلى هناك، وأنه وجدها «فرصة لاستخدام زياته لمحاولة إقناع القطريين برفع دعمهم لحماس، ووقفهم معاداة السامية التي تنشط على قناة الجزيرة».
اختراق قطري
واعتبرت «هآرتس» أن قطر «نجحت، خلال بضعة أشهر، في الوصول إلى قطاعات من اليمين اليهودي الأمريكي»، موضحة أن قائمة القادة اليهود الذين زاروا البلاد في الأشهر الأخيرة، شملت «مالكولم هونلين»، النائب التنفيذي لرئيس مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى، و«جاك روزين» من المؤتمر اليهودي الأمريكي.
ونقلت الصحيفة مزاعم «كلاين» بأن قطر اختارت الانخراط في محاولة اختراق «صهابنة يمين الوسط»، على حد تعبيره.
ومضى «كلاين» بالقول: «ذهبت إلى الدوحة مع تقرير مكون من 50 صفحة من إعداد قسم البحوث لدينا، يتضمن كل المشاكل المتعلقة بقطر، من علاقاتهم مع حماس، مرورا بالمحتويات المعادية للسامية على قناة الجزيرة، وليس انتهاء بالكتب المعادية للسامية في معرض الدوحة الدولي للكتاب».
وأضاف: «مهمة منظمتنا هي مساعدة اسرائيل والشعب اليهودي، وهناك تاريخ طويل من القادة اليهود الذين توجهوا باسم شعبنا إلى ممثلي الطرف السيء».
ومن بين الأمثلة، ذكر «كلاين» أن «اسحق شامير» التقى بالفلسطينيين في مدريد، وقد التقى «بيغن» مع «أنور السادات». وأكد كلين أن «هذا رئيس دولة (يقصد الأمير تميم) وليس رئيس حماس».
وقال إن الزيارة كانت فرصة هامة «لأقول لهم ما يحتاجون إليه».
وحول القضية الفلسطينية قال «كلاين»: «لقد أخبرت الأمير لماذا كان خطابه حول القدس أمام الامم المتحدة خاطئا، قلت إن القدس مدينة يهودية منذ آلاف السنين، كما تكلمت حول نقدي لمبادرة السلام العربية، وقلت إنه في هذه القضية، سيكون علينا أن نختلف باحترام، وقد أشار القطريون إلى أن العديد من الإسرائيليين، مثل شمعون بيريز، دعموا هذه المبادرة».
وأشارت «هآرتس» إلى أن أحد الزعماء اليهود الآخرين «هونلين وديرشويتز»، زعم أنه زار قطر لمحاولة المساعدة في إعادة إعادة جثتي جنديين اسرائيليين تحتجزهما حماس، مضيفا أنه كان يريد «التحقق فيما إذا كانت قطر قد غيرت موقفها من حماس وغيرها من القضايا».
انتقادات مضادة
وقالت الصحبفة إن زيارات القادة اليهود إلى قطر واجهت انتقادات قوية من داخل الطائفة اليهودية، حيث نشر الحاخام «شمولي بوتاش»، وهو زعيم أرثوذكسي من نيوجيرسي، كان شديد الانتقا لإدارة أوباما، عددا من المقالات التي انتقدت القادة اليهود الذين ذهبوا إلى قطر.
وجاء أحد عناوين مقالاته في هذا الإطار، والتي نشرت في محلة «بريتبارت»، خلال نوفمبر/تشرين الثاني: «الجماعة اليهودية للبيع لقطر؟».
وكتب بوتاش في ذلك: «يبدو أن البعض في مجتمعنا للبيع، ولم يكن هناك أي طلب لقطر أولا لوقف تمويل الإرهابيين من حماس، لا شك أن هؤلاء الأفراد اليهود الذين استأجرتهم قطر وقبولهم المال القطري سيقلل من الضغط على قطر التي تعاني حاليا من مقاطعة شديدة بسبب نشاطاتها في تمويل الارهاب».
ونشرت «يغال كارمون»، من معهد بحوث وسائل الإعلام في الشرق الأوسط، وهي منظمة مؤيدة لـ(إسرائيل) ترصد وسائل الإعلام العربية، مقالة نشرت مؤخرا تحت عنوان «قطر.. الإمارة التي تخدع الجميع.. وتمكينها»، حذرت خلالها من أنه «من المحزن أن نرى القادة اليهود الأمريكيين» في قطرعن طريق التدخل بجهل في النزاعات الداخلية التي لا تهمهم، والصراعات العربية المعقدة التي يصعب تقييمها حتى كمراقبين».
بدوره، قال «جوناثان شانزر»، من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية ومقرها واشنطن لصحيفة «هآرتس» قبل أسبوعين، أنه «ليس من الخطأ أن يقوم المحللون والمثقفون بالسفر إلى قطر للتعرف على الوضع هناك، والمشكلة هي أنهم لا يسمعون الجانب الآخر من القصة، وهم يحصلون على خط الحكومة ثم يعودون إلى ديارهم، ويحتاجون أيضا إلى سماع منتقدي قطر».
ويضيف: «هناك الكثير من المواد التي يجب أن يكونوا على دراية بها مثل علاقات قطر بحركة حماس، وتنظيم القاعدة، طالبان، الإخوان المسلمون وغيرهم من الجهات الفاعلة المشككة».
وتساءلت «هآرتس» في ختام مقالها: «هل من قبيل الصدفة، أن الحجة داخل الجالية اليهودية حول قطر تحدث في نفس الوقت الذي تقترب فيه إدارة ترامب من الإمارة»؟
ومضت إلى القول: «فهذا الأسبوع، يزور وفد قطري كبير واشنطن، وقبل أسبوعين، أجرى ترامب اتصالا هاتفيا مع الأمير تميم شكر فيه تحرك قطر لمكافحة الإرهاب والتطرف بكافة أشكاله، بما في ذلك كونه من الدول القليلة التي تمضي قدما في مذكرة تفاهم ثنائية في هذا الإطار».