الخليج اونلاين-
من الباب الخلفي دخلت المملكة العربية السعودية بيت تطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، لتترك الباب خلفها مفتوحاً أمام دخول بلدان عربية جديدة، وذلك عبر البوابة الاقتصادية.
ففي الوقت الذي كانت تتغنّى "إسرائيل" بإقامة علاقات واتصالات مع دول عربية عدة، جاءت الإمارات بعد السعودية لفتح باب جديد من التطبيع مع دولة الاحتلال.
وتحرص "إسرائيل" بشكل دائم على إخفاء أسماء الدول العربية التي تُقيم علاقات سياسية واقتصادية أو أمنيّة معها؛ خوفاً من المواقف الشعبية والرسمية الرافضة للاحتلال.
وبينما تلجأ الدول العربية لفرض تعتيم إعلامي على لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين، كشفت مصادر رفيعة المستوى لـ "الخليج أونلاين" عن بوادر تطبيع بين الإمارات و"إسرائيل".
المصادر التي رفضت كشف هويّتها قالت: إن "الإمارات قرّرت فتح صفحة غير مسبوقة في تاريخ علاقاتها مع الاحتلال"، مُستدلّة بـ "لقاءات عُقدت بين الجانبين في عدة عواصم".
- صفحة جديدة مع إسرائيل
وفي تصريحات خاصة لـ "الخليج أونلاين"، أضافت المصادر أن "الإمارات أرادت أن تحذو حذو السعودية لفتح باب جديد من العلاقات مع إسرائيل لتحقيق تطبيع سياسي واقتصادي كامل، يحظى بدعم من الإدارة الأمريكية والرئيس دونالد ترامب شخصياً".
وقبل أسابيع قليلة، وبحسب المصادر ذاتها، عُقدت عدة لقاءات سرية مشتركة جمعت مسؤولين إماراتيين وآخرين إسرائيليين رفيعي المستوى، في العديد من العواصم، من بينها واشنطن، فضلاً عن لقاءات مقبلة ستُعقد في العاصمة الإماراتية أبوظبي.
ووفق المصادر، فإن "العلاقة بين الإمارات وإسرائيل تتطوّر تدريجياً، خاصة بعد الأزمة الأخيرة التي حدثت على خلفيّة اغتيال الموساد القيادي في حركة حماس و(ذراعها العسكرية) كتائب القسام، محمود المبحوح، في 19 يناير 2010".
وتضيف: "بعد حادثة المبحوح جرت اتصالات ولقاءات عديدة بين مسؤولين إماراتيين وإسرائيليين، تجاوزت قضيّة الاغتيال ووصلت إلى حدّ إقامة علاقات اقتصادية وأمنيّة متينة قد تتطوّر لأن تصبح سياسية".
ودعّمت المصادر قولها السابق بالحديث عن موقف الإمارات المعادي للرئيس الفلسطيني محمود عباس، ودعمها لغريمه المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، كخليفة لـ "أبو مازن".
وبسؤال "الخليج أونلاين" عن طبيعة تلك اللقاءات والملفّات، أكّدت المصادر أن بعضها ذات طابع سياسي تتعلّق بالوضع الراهن في المنطقة، خاصة "صفقة القرن" التي ينوي ترامب تنفيذها في الشرق الأوسط.
وتحدّثت المصادر أيضاً عن ملفّات اقتصادية يجري تناولها خلال اللقاءت السرية بشأن إقامة مشاريع مشتركة بتكلفة مالية عالية، دون الإفصاح عن ماهيّتها وموعد تنفيذها.
وزادت القول: "أبوظبي ومنذ سنوات طويلة تسعى لإقامة علاقات علنيّة مع إسرائيل، لكنها تخشى ردّات الفعل الفلسطينية والعربية"، مشيرةً إلى أن "السعودية والإمارات لن تكونا آخر دولتين، فالشهور المقبلة كفيلة بكشف أسماء أخرى".
وأواخر شهر نوفمبر 2015، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية افتتاح ممثليّة دبلوماسية لدى وكالة الأمم المتحدة للطاقة المتجدّدة "إيرينا"، التي تتّخذ من أبوظبي مقرّاً لها.
وكشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، نهاية شهر مارس من العام الماضي، أن سلاح الجو الإسرائيلي أجرى، في 27 مارس، مناورات جوية مشتركة مع عدة مقاتلات من جيوش أجنبيّة، من بينها الإمارات، في قاعدة سلاح الجو اليونانية.
العلاقات بين أبوظبي و"تل أبيب" لم تقتصر على التمثيل الدبلوماسي والمناورات الجوية المشتركة فقط؛ ففي ديسمبر 2014، كشف موقع "ميدل إيست آي" لأول مرة عن وجود طائرة إيرباص A319 مسجّلة برقم الذيل D-APTA تحلّق بين "إسرائيل" والإمارات.
وقال الموقع إن رحلة الطائرة بين مطار "بن غوريون" في تل أبيب ومطار أبوظبي تُدار من قبل شركة الطيران الخاصة "برايفت إير".
وذكر تقرير آخر لوكالة "بلومبيرغ" الاقتصادية، في 8 فبراير من العام الماضي، أن "السعودية والإمارات استعانت بشركات التكنولوجيا والأمن الإسرائيلية لتصيّد ومراقبة الإرهابيين".
ولفت إلى أن "الإمارات استعانت بشركة إسرائيلية (لم يحددها التقرير) لوضع برامج لمراقبة معارضيها"، لكنه لم يشر إلى تاريخ ذلك.
- من المستفيد؟
وكان "الخليج أونلاين" انفرد، في 9 مارس الماضي، بالكشف عن تفاصيل لقاءات سرية هي الأولى من نوعها جرت بين السعودية و"إسرائيل" في العاصمة المصرية القاهرة، مطلع مارس، وأثارت ردود أفعال فلسطينية وعربية ودولية وإسرائيلية كبيرة.
وفي ذات السياق، فسّر المتخصّص بالشأن الإسرائيلي، مؤمن مقداد، تفاصيل العلاقات بين أبوظبي وتل أبيب والمستفيد منها. وقال: إن "مؤشّر العلاقات بين الطرفين آخذ في الارتفاع وفقاً لمصالحهما، رغم سرّيتها بعض الشيء".
وأضاف مقداد في حديث لـ "الخليج أونلاين": إن "الأحداث (التي تشهدها المنطقة) على مدار الوقت كشفت بعضاً من هذه العلاقات التي تؤكّد مدى الارتباط بين الطرفين وتطوّره".
وتابع: "المصالح الإسرائيلية من العلاقات مع الإمارات عديدة؛ فمن الناحية الأمنيّة إسرائيل جنت فوائد من تعاونها مع الإمارات، منها مثلاً أن الموساد تحرّك بحرّية حين اغتال المبحوح".
وعلى صعيد السياحة، أشار إلى أن "مصادر أجنبية كشفت مسبقاً عن وجود خط جوي مباشر بين تل أبيب وأبوظبي، ما يدلّل على التعاون السياحي المشترك بين الطرفين، إضافة لوجود تعاقدات بينهما لتزويد أبوظبي بمعدّات مراقبة متطوّرة لحماية حقول النفط".
وأشار المتخصّص بالشأن الإسرائيلي إلى علاقات على الصعيد العسكري أيضاً، خاصة بعد مشاركة الإمارات في مناورات عسكرية مع إسرائيل، شهر مارس من العام الماضي.
وأضاف مقداد: "الدول العربية في تسابق واضح لتوطيد علاقاتها مع إسرائيل، خاصة تلك التي تعارض إيران؛ فهي وجدت الملاذ الآمن لحماية نفسها مع إسرائيل".
وأوضح في ختام حديثه أن "الإمارات نسجت علاقات خاصة مع إسرائيل، ولن نستغرب من توسّعها لتصبح علنيّة خلال فترة قريبة".