جيروزاليم بوست- ترجمة شادي خليفة -
بعد ساعات من إعلان الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» قرار انسحاب واشنطن من خطة العمل المشتركة الشاملة، اندلعت التوترات بين (إسرائيل) وإيران في سوريا. ووسط هذه التوترات، أعلن وزير الخارجية البحريني، «خالد بن حمد آل خليفة»، على موقع «تويتر» يوم الخميس: «طالما تتمسك إيران بالوضع الراهن بالنسبة لقواتها وصواريخها العاملة في المنطقة، فإن أي دولة - بما فيها (إسرائيل) - لديها الحق في الدفاع عن نفسها بتدمير مصدر الخطر». وقبل أيام فقط من تغريدته، شاركت فرق بحرينية وإماراتية في السباق الافتتاحي لسباق الدراجات الجبلية في (إسرائيل).
لكن ما هو أقل شهرة، هو أنه خلال العقد الماضي، دعت البحرين باستمرار إلى سلام شامل بين العرب و(إسرائيل). وبدأ الأمر كله في عام 2009، عندما نشر ولي العهد البحريني، «سلمان بن حمد آل خليفة»، مقالا في صحيفة «واشنطن بوست» يقول فيه: «نحن بحاجة إلى تفكير جديد حول ما إذا كان لمبادرة السلام العربية الأثر الذي تستحقه على الأزمة». واعترف الأمير في مقالته بأنه «يمكن أن يغفر للإسرائيليين تفكيرهم بأن كل صوت عربي هو صوت للكراهية. مثلما يمكن أن يغفر للعرب تفكيرهم أن كل إسرائيلي يرغب في تدمير كل فلسطيني».
ولم يقتصر الخطاب «التصالحي» البحريني على وجهة نظر الأمير، ولكن المملكة عينت أيضا امرأة يهودية، وهي «هدى عزرا إبراهيم نونو»، كسفيرة لها في واشنطن، حيث خدمت بين عامي 2008 و2013.
وفي مقابلة مع وزير الخارجية، الذي كرر تصريحات الأمير التصالحية بدعوة الدول العربية إلى التعامل مع (إسرائيل)، شدد على أنه «لا يمكن الوصول إلى التطبيع إلا من خلال الاتصالات». وشدد الدبلوماسي البارز على الحاجة إلى الحوار مع الدولة اليهودية، مع التأكيد على أن المبادرة العربية لعام 2003 لا تزال متاحة «كدعوة للسلام». وأكد الوزير: «نحن نريد السلام. ولا شك في أن لـ (إسرائيل) الحق في الوجود، ونحن جادون في هذا».
وبينما تواصل البحرين لعب دور قيادي من خلال العلاقات العلنية مع الدولة اليهودية، كما يتضح من تغريدة وزير الخارجية الأخيرة، فإن موقف المنامة تجاه (إسرائيل) مرتبط بمبادرة السلام العربية التي قدمها ولي العهد السعودي - آنذاك - «عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود» عام 2002.
وبموجب المبادرة السعودية، يعترف جميع أعضاء الجامعة العربية بـ(إسرائيل)، بشرط انسحاب الدولة اليهودية من جميع الأراضي المحتلة منذ يونيو/حزيران عام 1967. كما تدعو المبادرة إلى تنفيذ قراري مجلس الأمن رقم 242 ورقم 338، الذي أعاد تأكيده مؤتمر مدريد في عام 1991، وفقا لمبدأ الأرض مقابل السلام، وقبول (إسرائيل) لدولة فلسطينية مستقلة، عاصمتها القدس الشرقية. وبناء على ذلك يتم منح التطبيع الكامل من قبل جميع الدول العربية في إطار سلام شامل مع (إسرائيل). ولكن كما ذكرت مقالة افتتاحية أخرى منفصلة لصحيفة «جيروزاليم بوست» في يناير/كانون الثاني من هذا العام، فمن المتوقع أن يتم إطلاق خطة سلام في الشرق الأوسط قريبا من قبل «ترامب»، ربما بعد فترة وجيزة من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
وعلى الرغم من أنه لم يتم الإفصاح عن أي تفاصيل تتعلق بخطة سلام «ترامب»، فقد شكل الرئيس الأمريكي «تحالفه العربي» الخاص به، المكون من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والأردن، وتبدو كلها ملتزمة على الأقل بدعم خطته للسلام. وفي هذا السياق، فإن البحرين، التي لا تزال على مقربة من السعودية، في وضع جيد يسمح لها بنقل الرسائل العربية إلى (إسرائيل)، بينما يتم إعداد الأساس لخطة سلام «ترامب» في واشنطن.
ولتحقيق هذه الغاية، وفي إشارة إلى تصاعد التوتر بين (إسرائيل) وإيران، قال السفير البحريني في واشنطن «عبد الله بن راشد بن عبد الله آل خليفة»، يوم الخميس: «لن تتسامح أي دولة مع العدوان من أي نوع. وبما أن إيران تختار القيام بأعمال عدوانية ضد الآخرين، تحتفظ الدول بحق اتخاذ إجراءات محسوبة بشكل كبير لحماية مصالح أمنها القومي، ويشمل هذا (إسرائيل). فحق الدفاع عن النفس هو حق أصيل للجميع».
وفيما يتعلق بتهديد طهران للشرق الأوسط الأوسع، والخليج على وجه الخصوص، قال السفير: «لم يعد من الممكن السماح للنظام الإيراني بمواصلة عمله كالمعتاد، من خلال المحاولات المستمرة لتقويض الهيكل الأمني الإقليمي، والسعي لتحقيق طموحاته في تصدير الثورة».
الوحدة الخليجية
وعلى الرغم من الزخم الإيجابي لعزل طهران على المستوى الإقليمي من خلال التقريب بين (إسرائيل) ومجلس التعاون الخليجي، في شكل تقديم خطة سلام «ترامب» الخاصة بالقضية الإسرائيلية الفلسطينية، لا يزال الاستقرار في الخليج العربي غير مؤكد. وقد تسببت أزمة قطر وحرب العلاقات العامة ضد الدوحة في واشنطن في الوصول بالخليج إلى حافة الهاوية، حيث تم فرض الحصار على قطر، حيث تقع أكبر قاعدة للجيش الأمريكي في الخارج، ما يؤثر على العمليات العسكرية الأمريكية في العراق وأفغانستان.
ومن المفهوم جيدا أيضا في دوائر السياسة في واشنطن أن مجلسا خليجيا موحدا مطلوب من أجل تطبيق الضغط اللازم على طهران لتعديل سلوكها الإقليمي الخبيث. ولتحقيق هذه الغاية، يجب حل أزمة قطر، حتى تتمكن الولايات المتحدة و(إسرائيل) من الاستفادة بشكل كامل من عوائد السلام العربية الإسرائيلية الناشئة، التي يركز هدفها الاستراتيجي على عزل طهران إقليميا.
فبدون استقرار في الخليج، ستكون العلاقات العربية الإسرائيلية مجرد علاقات تكتيكية، لأن انعدام الثقة بين مشايخ دول مجلس التعاون الخليجي سوف يمنعهم حتما من التخلي عن القضية الفلسطينية من أجل صنع السلام مع (إسرائيل). ويجب أن نتذكر أن «الصمغ» الذي يربط (إسرائيل) ومجلس التعاون الخليجي هو فلسطين. وبدون حل عادل للشعب الفلسطيني، بما أن الإجماع العربي لا يزال يعارض بشدة الصهيونية على الرغم من الهواجس العربية الإسرائيلية بشأن إيران وتطلعاتها الإقليمية، لا يمكن للعلاقات العربية الإسرائيلية أن تزدهر، وستظل على الأرجح مقتصرة على الارتباطات بين النخبة.