المونيتور- ترجمة على النجار -
اعتبر تحليل أورده موقع المونيتور الأمريكي، أن هناك أسبابا متعددة تمنع السلطة الفلسطينية من توجيه النقد للمملكة العربية السعودية، رغم وجود تقارب بينها وبين (إسرائيل)، كان آخرها المشاركة في مؤتمر وارسو.
وذكر التحليل أن الولايات المتحدة الأمريكية و(إسرائيل) أشادتا بالمشاركة العربية في الاجتماع الوزاري لتعزيز مستقبل السلام والأمن في الشرق الأوسط في وارسو، ولا سيما السعودية، ممثلة بوزير الدولة للشؤون الخارجية "عادل الجبير".
وأشار إلى أن المشاركة التي جرت في 13 و14 فبراير/شباط، كان ينظر إليها باعتبارها تقاربا عربيا إسرائيليا كبيرا ضد إيران.
وتابع أنه "رغم أن مؤتمر وارسو كان يركز على ضرورة مواجهة إيران، فإن التقارب العربي الإسرائيلي أثار التساؤلات حول موقف السلطة الفلسطينية، خاصة أن صحيفة وول ستريت جورنال ذكرت في 14 فبراير/شباط، أن الرياض أشادت بخطة السلام الأمريكية في الشرق الأوسط المعروفة بصفقة القرن".
وأوضح التحليل الذي كتبه الصحفي الفلسطيني "أحمد ملهم " المقيم برام الله، أن هناك عدة أسباب وراء امتناع السلطة الفلسطينية عن التعبير عن أي موقف إزاء هذا التقارب بين الرياض وتل أبيب.
وأشار إلى أنه على الرغم من أن وسائل الإعلام تصور الرياض على أنها تختار موقفا سياسيا قريبا من (إسرائيل) والولايات المتحدة لصالح صفقة القرن، فإن السلطة الفلسطينية تعتقد أن هناك التزاما سياسيا بالقضية الفلسطينية من جانب الرياض.
وأضاف أن السلطة الفلسطينية تعتقد أيضا أن السعودية ملتزمة بتقديم الدعم المالي للخزينة الفلسطينية، حيث نقلت الرياض في 13 فبراير/شباط 60 مليون دولار، كجزء من مساهمتها، لنوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2018، ويناير/كانون الثاني 2019.
وتساهم المملكة بمبلغ شهري قيمته 20 مليون دولار أمريكي في ميزانية السلطة الفلسطينية، وتقدم الدعم لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
وعلى هامش القمة العربية في أبريل/نسيان 2018، أعلنت السعودية عن منح 150 مليون دولار للأوقاف الإسلامية في القدس ومبلغ 50 مليون دولار للأونروا.
وفي 2018، أعلنت السعودية أن مساعداتها الإنمائية الإنسانية والاجتماعية للفلسطينيين بلغت 6 مليارات دولار بين عامي 2000 و2018.
وقال "محمود هباش"، مستشار الشؤون الدينية للرئيس الفلسطيني "محمود عباس" للمونيتور: "لا يمكننا الإدلاء بأية تعليقات، حيث إن فلسطين لم تكن موجودة بمؤتمر وارسو، ولم يسبق لنا أن قمنا بالماضي بالتشكيك في الموقف السعودي من القضية الفلسطينية، ولن نقوم بذلك في المستقبل".
وقال إن ما سمعه الرئيس الفلسطيني من الملك "سلمان" في اجتماعهما الأخير يؤكد على دعم السعودية للفلسطينيين، ومعارضتها صفقة القرن، والتزامها بالمبادرة العربية.
وأضاف أن الرياض لم تؤخر دعمها المالي للسلطة الفلسطينية، فالسعودية والجزائر هما الدولتان الوحيدتان اللتان تدفعان دائما حصتيهما لدعم الخزينة الفلسطينية.
وفي 12 فبراير/شباط التقى "عباس" مع العاهل السعودي وولي العهد "محمد بن سلمان" في الرياض، وتحدث مع "محمد بن سلمان" عن آخر التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
وأصبح موقف السلطة الفلسطينية وحركة "فتح" تجاه السعودية أكثر وضوحا بعد أن أفادت قناة i24NEWS العبرية في 8 فبراير/شباط، أنه تم تسريب وثيقة لوزارة الخارجية الإسرائيلية، تكشف عدم رغبة السعودية في تطبيع العلاقات مع (إسرائيل)، أو الموافقة على صفقة القرن في غياب التنازلات الإسرائيلية للفلسطينيين.
ووفق التحليل فقد تعرضت السلطة الفلسطينية لحصار سياسي ومالي من جانب الولايات المتحدة و(إسرائيل)، ما قوض قدرتها على انتقاد أي موقف عربي في الوقت الحالي.
وفي هذا الصدد قال "نبيل عمرو"، القيادي بحركة "فتح" للمونيتور: "ليس من المفترض أن تكون العلاقات بين السلطة الفلسطينية والدول العربية متوترة، لأن وضع السلطة لا يمكنه تحمل مثل هذه الأزمة"، مضيفا: "الشيء الذي يحدث بين بعض الدول و(إسرائيل) عبارة عن تقارب تدريجي، ومع ذلك فهو ليس تطبيعا".
وفي المقابل قال "عمر الغول"، المحلل السياسي الذي عمل مستشارا لرئيس الوزراء الفلسطيني السابق "سلام فياض"، للمونيتور: "إن مؤتمر وارسو يهدف بشكل رئيسي إلى تطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية وصرف الانتباه عن الصراع العربي الإسرائيلي".
وأضاف أن السلطة الفلسطينية تمر بالفعل بمرحلة سياسية معقدة مربكة، ولهذا السبب لا تحتاج إلى خصوم إضافيين، بل تسعى إلى حشد الدعم لصالحها، ولهذا السبب تغلب القيادة الفلسطينية الحكمة بعض الشيء في تعاملاتها، وتعمل على التغلب على الارتباك في المواقف العربية، وتجنب أي صدام مع أي طرف عربي.