الخليج أونلاين-
شهدت علاقات بعض الدول العربية مع "إسرائيل"، وتحديداً خلال الشهور الأخيرة، تطورات لافتة وحساسة، تجاوزت قوتها جميع الخطوط الحمراء التي وضعت قبل أكثر من 22 عاماً، وكانت تعتبر حينها "إسرائيل هي العدو الرئيسي في المنطقة".
ورغم حرص تلك الدولة، التي باتت تُسمى بـ"المطبعة"، على عدم كشف مراحل وتفاصيل تطور علاقتها مع دولة الاحتلال، فإن ما يكشَف عنه من خلال الإعلام وتصريحات المسؤولين، سواء من داخل "إسرائيل" أو من خارجها، كان يفضح هذا التطور الذي دخل مرحلة "متقدمة وحساسة"، وفق رؤية المراقبين.
مصادر عربية دبلوماسية رفيعة المستوى كشفت، في تصريحات حصرية لـ"الخليج أونلاين"، أن العلاقات بين الدول العربية مع "إسرائيل"، وعلى وجه الخصوص السعودية والإمارات، قد شهدت قبل ثلاثة أشهر، وتحديداً بشهر ديسمبر الماضي، تطوراً لافتاً في تاريخ العلاقات الثنائية.
وأكدت أنه في ذات الشهر (ديسمبر) زارت وفود عربية على أعلى المستويات "الأمنية والعسكرية" مدينة "تل أبيب"، وكانت تلك الزيارة هي الأولى من نوعها من حيث وزن تلك الشخصيات، وكانت مغلفة بطابع السرية التامة.
"إسرائيل" تدرب قادة جيوش عربية
المصادر العربية أوضحت أن الوفد العربي لم يزر "تل أبيب" هذه المرة بغرض البحث في توطيد العلاقات أو حتى تطويرها، وتركوا ذلك للمستوى السياسي الذي يحدد مصيره، بل كان لهدف آخر سيكون له تبعات هامة على المنطقة بأكملها، وخاصة في تاريخ الصراع العربي مع "إسرائيل".
وذكرت أن الهدف الرئيسي من الزيارة كان إجراء تدريبات مكثفة على معدات عسكرية وأجهزة أمنية متطورة تستخدم في الحروب، تحت إشراف قادة رفيعي المستوى من جيش الاحتلال الإسرائيلي، في إحدى القواعد العسكرية في مدينة "تل أبيب".
قادة الجيوش العربية، بحسب المصادر ذاتها، "يفتقرون للخبرة العسكرية في التعامل مع بعض الأجهزة الأمنية المتطورة التي تستخدم في الحروب، ورأوا في إسرائيل ملاذهم الوحيد لكسب الخبرة اللازمة للتعامل مع هذا التطور العسكري الذي يجتاح المنطقة".
وتابعت حديثها: "دورات التدريب التي يتلقاها مسؤولون رفيعو المستوى في الجيوش العربية وعلى وجه الخصوص من الإمارات والسعودية، أصبحت دورية داخل دولة الاحتلال، والزيارات لتل أبيب تتم مرة كل شهر، ولكن تحرص تلك الدول أن تبقى في إطار السرية التامة".
وكشفت المصادر لـ"الخليج أونلاين"، أن الوفود الأمنية العربية وصلت إلى مدينة "تل أبيب" عبر طائرة خاصة أقلعت من مطار أبوظبي مباشرة نحو مطار "بن غوريون" الإسرائيلي، وتوجه الوفد العربي مباشرة إلى أماكن إقامتهم، ومن ثم إلى مراكز التدريب الخاصة التي تتوزع بين مدينتي "تل أبيب" والقدس المحتلة، ويشرف عليها أعلى الهيئات العسكرية في دولة الاحتلال.
الجدير ذكره أن العلاقات العربية مع دولة الاحتلال قد تطورت في الشهور الأخيرة، وعلى وجه الخصوص مع السعودية، التي تُوّجت بزيارات متبادلة واتفاقيات وصفقات عسكرية، كان أبرزها شراء الرياض منظومة "القبة الحديدية" الدفاعية العسكرية من "تل أبيب"، وفق ما كشفه "الخليج أونلاين" مؤخراً.
وكشف "الخليج أونلاين"، بتاريخ 28 أكتوبر الماضي، عن إتمام السعودية صفقة شراء أجهزة تجسس عالية الدقة والجودة من "إسرائيل" قيمتها 250 مليون دولار أمريكي، تم نقلها للرياض وبدأ العمل بها بشكل رسمي بعد أن تم تدريب الطاقم الفني المسؤول عن إدارتها وتشغيلها.
زرع الإجرام في الجيوش العربية
وذكرت المصادر أن السعودية والإمارات، اللتين تخوضان معارك وحروباً وخاصة في اليمن، "تحرصان على كسب الخبرة العسكرية من دولة الاحتلال، لضرب عصفورين بحجر واحد، أولهما كسب الخبرة العسكرية لجيوش السعودية والإمارات في التعامل مع الحروب والتطورات العسكرية وتبادل الخبرات، وثانيهما فتح آفاق جديدة في التطبيع مع دولة الاحتلال".
وتضيف المصادر: "السعودية والإمارات رموا خلف ظهورهم قضية أن إسرائيل هي العدو في المنطقة، وبالنسبة لهم المصالح أهم وأكبر بكثير من أي قرار عربي حرم ومنع إقامة أي علاقات رسمية مع دولة الاحتلال إلا بعد استعادة الحقوق الفلسطينية كاملة".
وبسؤال "الخليج أونلاين" عن مدى خطورة أن يدرب قادة إسرائيليون قادة جيش عربية في المنطقة، أجابت: "هذا يعني أن الأمر سيتجاوز تبادل الخبرات العسكرية والأمنية، وسيصل إلى مرحلة أن ينقل ويزرع قادة الاحتلال فكرهم وعنصريتهم وإجرامهم في العقول العربية بشكل تدريجي، ما يخلق جيشاً مجرماً وجاهزاً لارتكاب الجرائم، والدليل على ذلك ما يجري في اليمن من قتل للنساء والأطفال والشيوخ بدم بارد من قبل التحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات".
وتشهد العلاقات السعودية-الإسرائيلية أفضل أيامها في التاريخ؛ إذ أعرب رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، الجنرال غادي إيزنكوت، في مقابلة مع صحيفة "إيلاف" السعودية، ومقرّها بريطانيا، عن استعداد "إسرائيل" لتبادل المعلومات الاستخبارية مع الجانب السعودي بهدف التصدّي لنفوذ إيران.
وشهد عام 2018 سلسلة زيارات ولقاءات تطبيعية بين "إسرائيل" والسعودية في مجالات عدة، إذ كشفت وسائل إعلام عبرية عن زيارة اللواء أحمد عسيري، نائب رئيس المخابرات السعودية المقال، دولة الاحتلال عدة مرات في مناسبات مختلفة، وفق ما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.