متابعات-
تواصل الإمارات حشر أنفها في الشأن الفلسطيني، وتعمل بكل ما أوتيت من قوة لإفساح المجال أمام "إسرائيل" لبسط نفوذها بالكامل على القدس المحتلة، غير آبهةٍ بأنها العاصمة الأبدية للفلسطينيين.
وتعمل الإمارات، التي يُعد ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، راسم سياساتها الخارجية وحاكمها الفعلي، من وراء الستار، لتنفيذ مخطط مشبوه يقضي بتهجير المقدسيين الصامدين، مستخدمةً المساعدات المالية والعينية في سبيل تحقيق ذلك.
ويستند المخطط، بحسب ما كشفه نائب رئيس الحركة الإسلامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الشيخ كمال الخطيب، لقناة "الجزيرة" القطرية، في 28 أغسطس 2019، إلى تحويل إماراتيين ملكية عقارات في القدس إلى إسرائيليين، بعد شرائها من خلال وسطاء.
وأشار إلى أن شخصيات إماراتية مارست "التضليل والتدليس لشراء منازل من فلسطينيين في القدس، لبيعها لاحقاً لإسرائيليين".
نائب رئيس الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر: إماراتيون يشترون عقارات في #القدس ثم ينقلون ملكيتها للإسرائيليين pic.twitter.com/b0aHOYk2vk
— قناة الجزيرة (@AJArabic) August 28, 2019
ويربط مراقبون بين ما يحدث من تحركات إماراتية في القدس و"صفقة القرن"، التي تعكف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إعدادها، وطرحها على الملأ، عقب الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية، المقررة إقامتها في الـ17 من سبتمبر 2019، بحسب تقارير غربية.
و"صفقة القرن" هي خطة تعدها الإدارة الأمريكية لتسوية النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، ويتردد أنها تقوم على إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة لمصلحة "إسرائيل"، وضمنها وضع مدينة القدس الشرقية المحتلة، وحق عودة اللاجئين.
وتم الكشف عن الشق الاقتصادي للصفقة المثيرة للجدل، في "ورشة المنامة"، التي انعقدت بالعاصمة البحرينية أواخر يونيو 2019، تحت اسم "السلام من أجل الازدهار"، وسط مقاطعة فلسطينية على مختلف المستويات الرسمية والشعبية.
وكان ترامب قد اعترف في 6 ديسمبر 2017 بالقدس عاصمة لـ "إسرائيل"، كما نقل سفارة بلاده من "تل أبيب" إلى المدينة المقدسة، منتصف مايو 2018؛ تزامناً مع ذكرى نكبة الفلسطينيين، الذين هُجِّروا من أراضيهم وديارهم عام 1948.
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد كشفت في بداية يونيو 2019، أن ولي عهد أبوظبي هو أول من قدَّم رؤية لتسوية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وتبنَّتها إدارة ترامب، مؤكدة أن "مقترحات بن زايد للسلام هي جوهر خطة جاريد كوشنر صهر ترامب".
تبادل أدوار
وكان "الخطيب" قد كشف في حوار سابق لـ"الخليج أونلاين"، أن للسعودية دوراً في شراء ذمم المقدسيين لقبول "صفقة القرن"، كما أكد أن دور الإمارات بدأ يظهر تدريجياً وتتكشف مخططاتها في المدينة المقدسة.
ولفت إلى أن الدور الإماراتي بمدينة القدس شهد تطوّراً كبيراً في السنوات الأخيرة، وحاولت من خلال بعض المشاريع "الإنسانية" التي تقدّمها بالمدينة تحسين مظهرها والتغطية على الجرائم والصفقات التي تجريها مع الاحتلال من تحت الطاولة.
وشدّد على أن الشعب الفلسطيني يفضّل الموت جوعاً على أن يأكل من الأموال التي تُدفع لشراء الذمم والعقارات المقدسية وقتل المسلمين، موضّحاً أن دور الإمارات بات مكشوفاً للجميع، وكل أموالها وتبرّعاتها سيقاطعها الفلسطينيون.
وكان الناشط المقدسي خالد أبو لبن قد صرح سابقاً لـ"الخليج أونلاين"، بأن "أهل مدينة القدس بأكملها يعلمون ماذا تريد الإمارات من هذه الأموال والوجبات الغذائية التي تقدّمها لهم في شهر رمضان وغيره من أيام السنة".
وأضاف "أبو لبن": "الإمارات تؤدِّي دوراً مشبوهاً وخطيراً في القدس، مثل السعودية، وهدف الدولتين واضح؛ هو تمرير صفقة القرن الأمريكية وشراء ذمم المقدسيين بالأموال للقبول بالصفقة رغم مخاطرها على المدينة والتي تستهدف وجودها ومكانتها الكبيرة والمرموقة".
وأشار إلى أن الدور السعودي قد كُشف للجميع سابقاً، ولكن الدور الإماراتي لم يكن ظاهراً حتى الشهور الأخيرة؛ حين كُشف عن دور أبوظبي في شراء عقارات قريبة جداً من المسجد الأقصى المبارك من خلال جمعيات وشركات خاصة تابعة لها وبيعها لدولة الاحتلال، وسعيها المحموم لفتح باب التطبيع عبر اللقاءات السياسية والاقتصادية وتنظيم الأنشطة الرياضية.
وشدد الناشط المقدسي على أن الإمارات تسعى إلى التطبيع الكامل مع "إسرائيل" من خلال بوابة القدس، وتجاوزت الدول العربية كافة في ذلك، والخطوات التي تفعلها بالمدينة المقدّسة "مشبوهة" وخطيرة، وهدفها مساعدة الاحتلال في السيطرة على المدينة وتنفيذ مخطّطاته العنصرية والتهويديّة.
تطبيع متصاعد مع "تل أبيب"
وكانت صحيفة "البيان" الإماراتية قد نشرت في يونيو 2017، تقريراً على صفحاتها وموقعها الإلكتروني بعنوان: "الإمارات: ثقتنا بقطر صفر"، مرفقةً خريطة للوطن العربي، وضمنها فلسطين، حيث كانت المفاجأة تلوين حدودها بالعَلم الإسرائيلي، وهو ما يُظهر اعترافها الرسمي بلا خجل أو مواربة بـ"إسرائيل".
جدير بالذكر أنه خلال الأعوام القليلة الماضية، شهدت العلاقات العربية-الإسرائيلية، خاصةً دول حصار قطر (السعودية والإمارات والبحرين)، تطوّرات متسارعة وغير مسبوقة، وسط تنامي مظاهر التطبيع مع الدولة العبرية، وزيارات من تلك الدول لـ"تل أبيب"، واحتفاء بذلك في وسائل الإعلام المحسوبة على الرياض وأبوظبي.
وتتذرع دول حصار قطر بأن التحالف مع "إسرائيل" بات ضرورياً لمواجهة الأخطار الإيرانية المحدقة بالمنطقة، وتمدد أذرع طهران ومليشياتها في لبنان وسوريا والعراق واليمن، وذلك لتسويغ مظاهر التطبيع، التي باتت على الملأ وأمام عدسات الكاميرات بلا خجل أو مواربة، وكان أبرزها لقاء وزير الخارجية البحريني مع نظيره الإسرائيلي في واشنطن (يوليو 2019).