آرون شيفر/ المونيتور -
استعانت شركة "موانئ دبي العالمية" العملاقة، بمسؤول استخباراتي إسرائيلي سابق؛ للضغط على الإدارة الأمريكية للحصول على الدعم في محاولتها لتشغيل أكبر ميناء بحري في السودان.
ووقعت "موانيء دبي" عقدا بقيمة 5 ملايين دولار - تم سداد 1.5 مليون دولار مقدما - مع "آريه بن منشيه" وشركته "ديكنز آند مادسون" ومقرها مونتريال في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي؛ للحصول على امتياز مدته 20 عاما في بورتسودان.
ووفقا لملفات الضغط التي تم الكشف عنها حديثا، فقد دعا العقد شركة "ديكنز آند مادسون" إلى الضغط على إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" للحصول على حق "صيانة وتطوير" الميناء، الذي يتعامل مع معظم الواردات السودانية.
وقال "بن منشيه" لـ"المونيتور"، إنه أقام علاقات عميقة مع المسؤولين السودانيين بفضل صفقة ضغط مثيرة للجدل مع الجنرال "محمد حمدان دقلو"، الحاكم العسكري الفعلي السابق للبلاد. وتبلغ قيمة العقد 6 ملايين دولار تمت الموافقة عليه دوليا، وتم توقيعه في مايو/آيار 2019، وأدى إلى إجراء تحقيقات من جانب كندا والأمم المتحدة.
وقد أبرم السودان في عهد الرئيس المعزول "عمر البشير" صفقة بقيمة 2.4 مليار دولار مع شركة موانئ فلبينية بخصوص بورتسودان. لكن المجلس العسكري الانتقالي بقيادة "دقلو" ألغى الاتفاق في أبريل/نيسان 2019 بعد اعتقال "البشير".
وقال "بن منشيه" إن "موانئ دبي العالمية" كانت تراقب الميناء بالفعل خلال فترة "البشير". وأضاف: "الآن لدينا على الأرجح علاقات أعمق مع السودانيين أكثر مما لديهم (الشركة الفلبينية)".
وأوضح أنه لا يزال يمثل المصالح السودانية، ولكنه يعمل الآن مع المجلس العسكري المدني الذي تولى السلطة من المجلس العسكري الانتقالي في أغسطس/آب الماضي.
وقال إن الهدف هو المساعدة في إنشاء "اتحاد سوداني" بين السودان وجنوب السودان من خلال زيادة صادرات الطاقة، لا سيما من خلال تطوير بورتسودان، موضحا أن "جنوب السودان لديه النفط، ولا يمكن تصديره، إلا عبر السودان متجها شمالا".
وقال إن الهدف النهائي، هو أن يكون هناك "دولتان تتمتعان بالسيادة ولديهما حدود مفتوحة، أمام حركة البضائع عبر المنطقة. حدود مثل تلك الموجودة بين دول الاتحاد الأوروبي".
وأكد "بن منشيه" أن محاولة الحصول على الإقرار الأمريكي شهدت "تقدما كبيرا"، مضيفا: "نأمل أن يتم ذلك قريبا جدا"، فيما رفض ذكر أي مسؤولين أمريكيين تحدث إليهم.
وتأتي جهود الضغط هذه في الوقت الذي قامت فيه "موانئ دبي العالمية"، بإجراء أول توسع لها في قطاع النفط والغاز، حيث استحوذت على شركة "Topaz Energy and Marine" ومقرها دبي بأكثر من مليار دولار.
وفي الوقت نفسه، انخرطت دولة الإمارات بعمق في العملية الانتقالية في السودان، وتعهدت بضخ مليارات الدولارات لـ"تحقيق الاستقرار في البلاد بعد الإطاحة بالبشير".
وقال "روهان أدفاني"، أحد كبار مساعدي السياسة الخارجية في مؤسسة "The Century Foundation" الذي كتب عن موانئ دبي العالمية وعلاقاتها بالعائلات الحاكمة الإماراتية، إن الدولة الخليجية "أوضحت أنها تبذل جهودا متضافرة لتوسيع نفوذها في تلك المنطقة".
وتابع: "إن المشكلة مع السودان هي أنها تخضع لعقوبات دولية. لذلك، من الواضح أن تسيير الأعمال هناك أمر صعب".
وتعد "موانئ دبي العالمية" ليست غريبة على حملات الضغط الأمريكية، ففي عام 2006، اضطرت الشركة إلى التخلف عن محاولة تشغيل 6 موانئ أمريكية، على الرغم من دعم إدارة "جورج دبليو بوش"، وسط رد فعل عنيف في الكونجرس في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001.
وقال "أدفاني": "لقد توسعت (موانئ دبي) بشكل كبير خلال العشرين عاما الماضية؛ ما أدى إلى تغير سمعتها". ولم ترد "موانيء دبي" على طلب التعليق.
وكان "بن منشيه" يمثل سابقا الجنرال الليبي "خليفة حفتر"، وفي العام الماضي وقع عقدا بقيمة مليون دولار لمساعدة المرشح الرئاسي التونسي "نبيل القروي" في الفوز بالانتخابات؛ لكن العقد أصبح فضيحة كبرى في تونس، وساهم في هزيمة "القروي" بعد أن أعلن "المونيتور" عن وجودها.