الخليج أونلاين-
تتصدر الإمارات العربية المتحدة قائمة الدول المطبعة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، في قطار يسير متسارعاً نحو علاقات أشد وأمتن، وتتوسع يوماً بعد يوم، بإطار سعي أبوظبي لتنفيذ مشاريعها المتهمة بالتخريب في المنطقة، والتي تتوافق مع تل أبيب.
ورغم أن الشعوب العربية والمسلمة حول العالم ترى في "إسرائيل" كياناً محتلاً لفلسطين ولأراضٍ عربية أخرى، وترفض أي اعتراف أو علاقة تطبيعية معها، فإن ذلك لم يمنع النظام الإماراتي من إظهار العلاقات بطابع رسمي وعبر قنوات أخرى غير رسمية.
وإن كان النظام الإماراتي لم يطبع مع "تل أبيب" بشكل مباشر ومفاجئ، حيث إن الخطوات والأنباء اليومية عن الزيارات الرسمية والوفود السياسية والعلاقات التجارية والرياضية تشير إلى تدرج يختتم بعلاقات مفتوحة أسوة بالنظام المصري وغيره، وهو ما لم تحلم به "إسرائيل"، وتسعى له باستمرار.
خطوات تطبيعية جديدة
وفي حادثة جديدة للتطبيع بين الطرفين احتفت دولة الاحتلال بسيارة إماراتية تحمل لوحة "أبوظبي" جابت شوارع الأراضي المحتلة، يوم السبت (11 يناير 2019).
ونشر حساب "إسرائيل بالعربية" التابع لخارجية الاحتلال: إن "سيارة تحمل لوحة ترخيص إماراتية تجوب شوارع إسرائيل"، وأرفق المنشور بصور للسيارة.
ولفت إلى أن "مواطني إسرائيل تفاجؤوا هذا الأسبوع بتحرك سيارة تحمل لوحة ترخيص تابعة لإمارة أبوظبي في الطرق الإسرائيلية".
سيارة تحمل لوحة ترخيص إماراتية تجوب شوارع اسرائيل
— إسرائيل بالعربية (@IsraelArabic) January 11, 2020
تفاجأ مواطنون في إسرائيل هذا الأسبوع بتحرك سيارة تحمل لوحة ترخيص تابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة وخاصة لإمارة أبوظبي في الطرق الإسرائيلية.
نشر هذه الصور مراسل القناة ال-12 الإسرائيلية فرات نصار@nassar_furat pic.twitter.com/sfOeayZmcy
ويتضمن الحدث، الذي يعقد على مدار يومين، عقد ثلاثة اجتماعات وزارية تغطي القضايا الأساسية المتعلقة بتسريع وتيرة تبني مصادر الطاقة المستدامة.
وكان الموساد الإسرائيلي استغل اجتماعات "آيرينا" عام 2010 في أبوظبي لتنفيذ عملية اغتيال ضد الفلسطيني محمود المبحوح، في أحد فنادق دبي، واكتفت أبوظبي بالحصول على تعهد إسرائيلي شفهي بعدم تكرار الجريمة، فيما تعتبر تل أبيب أن مكتبها الدائم في أبوظبي، الذي يمثل دولة الكيان، بمنزلة سفارة رسمية مكتملة له.
نحو الاعتراف بالكيان
وتسير السلطات الإماراتية نحو الاعتراف بـ"إسرائيل" دولة شرعية، في تناسٍ تام لآلام الشعب الفلسطيني في خسارة أرضه التي تضم "المسجد الأقصى" أحد أبرز مقدسات المسلمين، بالإضافة لارتقاء آلاف الشهداء وإصابات الجرحى، واستمرار أسر أفراد الشعب عبر الزج بهم في سجون الاحتلال، ومناهضة حق الفلسطينيين في استعادة أراضيهم عبر إعانة الاحتلال.
وكان عام 2019 المنصرم حافلاً بمسيرة التطبيع والتعاون بين أبوظبي وتل أبيب بشكل كبير ولافت، حيث تنوع بين زيارات لمسؤولين سياسيين واقتصاديين وتبادل التبريكات والتهاني، وبناء معبد يهودي لأول مرة في جزيرة العرب، ومواصلة التطبيع الرياضي بشكل بارز.
فقد أعلنت دولة الاحتلال مشاركتها في معرض "إكسبو دبي 2020"، في 10 ديسمبر 2019، مشيرة إلى أن المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، يوفال روتيم، زار دبي في إطار الاستعدادات لمعرض "إكسبو 2020"، ووقَّع على اتفاق المشاركة.
وفي 15 ديسمبر 2019، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن وفداً من كبار المسؤولين في وزارة العدل الإسرائيلية توجهوا إلى الإمارات العربية المتحدة؛ للمشاركة في مؤتمر دولي حول مكافحة الفساد ينظَّم بأبوظبي.
وأردفت الصحيفة العبرية: إن "دينا زيلبر، نائبة المدعي العام، تترأس الوفد الإسرائيلي الذي يضم مسؤولين كباراً من القسمين الجنائي والدولي في النيابة العامة الإسرائيلية".
وفي يوليو 2019، زار وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس أبوظبي، وشارك في مؤتمر الأمم المتحدة لشؤون البيئة، والتقى مسؤولاً إماراتياً كبيراً، وطرح مبادرة للسلام الإقليمي، وتجول في جامع زايد الكبير بالعاصمة الإماراتية.
التطبيع طال التبريكات المتبادلة، حيث نشرت حسابات سفارات دولة الإمارات في عدة دول تهاني لليهود بمناسبة احتفالهم بما يسمى "عيد الحانوكا" (الأنوار)، في ديسمبر 2019.
وتمنَّت السفارات في تغريدات نشرتها على حساباتها بمنصة تويتر "السعادة لليهود"، مضيفةً: "أطيب تمنياتنا لأصدقائنا في الديانة اليهودية بمناسبة اليوم الأول من عيد الأنوار"، وهو ما أنعش دولة الاحتلال، التي وصفت تلك الرسائل بـ"الدافئة".
مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية: "بضمن التهاني الجميلة العديدة التي تلقيناها بمناسبة حلول عيد حانوكا، سررنا بتلقي التهاني من سفارات دولة الإمارات في العالم. نحن نثمن هذه الرسائل الدافئة ونأمل أن تشهد العلاقات بين إسرائيل والإمارات المزيد من النمو في عام 2020" https://t.co/lNzhyxLmCi
— إسرائيل بالعربية (@IsraelArabic) December 24, 2019
وسبق تلك المنشورات تبادل رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، تغريدات تروّج لتطبيع العلاقات بين "إسرائيل" ودول عربية وإسلامية، على منصة "تويتر".
وأعاد نتنياهو نشر تغريدة لوزير الخارجية الإماراتي على حسابه بـ"تويتر"، معرباً عن سعادته بما "يتم من تنسيق بين إسرائيل وبعض الدول العربية".
واعتبر جاكي حوجي، محلل الشؤون العربية في إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي نشرته صحيفة "معاريف" العبرية تحت عنوان "العلاقات الدافئة بين إسرائيل وأبوظبي".
ولفت حوجي إلى أنه "لم يكن من الصعب هذا الأسبوع تفويت تبادل الابتسامات بين إسرائيل والإمارات. هذه المرة وللتغيير لم نكن نحن من بدأ".
وما يدلل على سير الإمارات نحو الاعتراف القريب هو ما دعا له وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، في مارس 2019، إلى تسريع وتيرة التطبيع بين الدول العربية و"إسرائيل"، معتبراً أن ذلك من شأنه أن يساعد على التوصل إلى حل للصراع العربي-الإسرائيلي.
وفي تصريحات نشرتها صحيفة "ذا ناشينال"، التي تصدر بأبوظبي، اعتبر قرقاش أن قرار كثير من الدول العربية عدم التحاور مع "إسرائيل" عقّد مساعي التوصل إلى حل على مدى عقود.
وفي ظل ذلك أصبحت تل أبيب تفخر بارتفاع علمها في النشاطات والفعاليات الرياضية التي تقام في الأراضي الإماراتية، مثل مشاركة وفد "إسرائيل" في الأولمبياد، في مارس 2019، وكذلك مشاركة نشاطات أخرى.
كما أظهرت دولة الإمارات تقدماً غير مسبوق في دعم الديانة اليهودية ضمن خططها للتطبيع مع "إسرائيل"؛ من خلال إعلان موعد إنشاء أول معبد يهودي رسمي في البلاد والأكبر بالمنطقة، الذي سيكتمل في ثلاث سنوات ويُفتتح عام 2022.
وأكدت وكالة الأنباء الإماراتية "وام"، في 22 سبتمبر، أن المعبد اليهودي سيقع ضمن نطاق مجمع للأديان يطلق عليه "بيت العائلة الإبراهيمية"، في أبوظبي.
مبادرة حميدة للتقريب بين مختلف الأديان التوحيدية في العاصمة الإماراتية أبو ظبي: سيتم بناء مجمع يضم مسجدًا وكنيسة وكنيسا يهوديا لتشجيع التسامح الديني، والتقريب بين الأديان التوحيدية المختلفة تحمل رسالة وحدة إلى العالم. سيتم تسمية المجمع على اسم النبي ابراهيم عليه السلام.
— إسرائيل في الخليج (@IsraelintheGulf) September 22, 2019
pic.twitter.com/Z20awMpycc
ولم تقتصر هذه التحركات على المستوى الرسمي بل طالت وسائل الإعلام المقربة من أبوظبي، التي تدعم خطها لمحاولة إقناع الرأي العام العربي بجدوى ما تقوم به.