الخليج الجديد-
خلال السنوات القليلة الماضية، رصدت تسريبات وصحف ودوريات متخصصة تزايد التعاون السري بين الإمارات و(إسرائيل)، خاصة في المجال العسكري، وشمل ذلك إبرام صفقات ضخمة بمليارات الدولارات سواء بشكل مباشر أو عبر وسطاء، بل إن الدولة الخليجية شاركت في مناورات جوية مع سلاح الجو التابع للكيان الصهيوني.
وبشهادة الإسرائيليين أنفسهم، ففي مقابل الحصول على التكنولوجيا والمعدات العسكرية الإسرائيلية، تغاضت أبوظبي وغيرها من العواصم السنية الأخرى مثل الرياض والقاهرة عن الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، وهمشت القضية الفلسطينية، ودعمت صفقات سياسية تتغاضى عن حقوق الفلسطينيين مثل "صفقة القرن" المزعومة التي طرحتها إدارة "ترامب" مؤخرا.
صفقات وجنرالات
وبحسب ما أورده "يوسي ميلمان" محلل شؤون الاستخبارات والأمن في صحيفة "هآرتس" العبرية الثلاثاء 11 فبراير/ شباط الجاري، فإن الإمارات (خصوصا أبوظبي) تقيم منذ أكثر من عقد من الزمان علاقات متشعبة مع جهاز الأمن الإسرائيلي.
وذكر المحلل الإسرائيلي أن وزارة الأمن الإسرائيلية صادقت على تصاريح تصدير لشركات باعت إلى أبوظبي طائرات من دون طيار، ومعدات للدفاع عن منشآت النفط، ومعدات مخصصة للحرب الإلكترونية.
ولفت "ميلمان" إلى أن حجم الصفقات التي أبرمها الإسرائيليون مع الإمارات بلغت وفق التقديرات حوالي مليار دولار خلال العقد الأخير.
وقال محلل الشؤون الاستخباراتية إن أحد رجال الأعمال الإسرائيليين الذين أبرموا صفقات مع الإمارات، هو "ماتي كوخافي"، الذي يعمل في شركاته المسجلة في سويسرا كل من رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق، "عاموس مالكا"، وقائد سلاح الجو السابق، "إيتان بن إلياهو"، ومسؤولين كبار سابقين في أجهزة الشباك والموساد وقطاع الصناعات الأمنية الإسرائيلية.
وقد شارك في إبرام هذه الصفقات أيضا موفد حكومة "نتنياهو" الأسبق لشؤون الأسرى والمفقودين، "دافيد ميدان"، والمدير العام السابق لشركة "أروناوتيكس"، "آفي ليئومي"، وكلاهما زارا الإمارات لمرات عديدة.
عقد من التعاون
وبحسب تقرير لصحيفة "جيروزاليم بوست" فقد كان "ماتي كوخافي"، رجل الأعمال الإسرائيلي هو أول من فتح بوابة التكنولوجيا والمنتجات العسكرية الإسرائيلية لدولة الإمارات.
وذكرت الصحيفة العبرية أن " كوخافي" كشف عن ذلك في خطاب ألقاه في سنغافورة قبل أكثر من عقد من الزمان، وأكد فيه أنه كان يبيع الأجهزة والبرامج الإسرائيلية إلى أبوظبي.
وأوضحت الصحيفة أنه من خلال شركته التي تتخذ من سويسرا مقرا لها، باع " كوخافي" معدات للأمن الداخلي لحماية منشآت الغاز والنفط البحري، كما زود أبوظبي بكل أنظمة الدفاع الإلكتروني وبعض أنظمة الطائرات بدون طيار.
وأشارت الصحيفة إلى أن "كوخافي" قام باستئجار طائرة ركاب خاصة، ونقل العشرات من الخبراء الإسرائيليين من تل أبيب إلى أبوظبي عبر قبرص، بهدف إخفاء تعاملاته مع حكومة أبوظبي.
وأشارت الصحيفة إلى أنه مع عام 2012 بدأ بريق "كوخافي" وحظوظه في التراجع، وتضاءلت أعماله ونفوذه، ليدخل "آفي ليومي"، وهو مصنع إسرائيلي للطائرات بدون طيار إلى الفضاء الإماراتي بدلا منه.
وذكرت الصحيفة أن الأموال الضخمة أذهلت بعض الإسرائيليين المشاركين في الصفقات ووجدوا أنفسهم يتقاتلون على الفوز بها لدرجة أنهم دخلوا في معارك قانونية في المحاكم للحصول على رخص لتصدير أنظمة لدولة الإمارات.
اتهامات دولية
وفي مايو/أيار من العام الماضي، كشف تقرير لمنظمة "العفو الدولية" (أمنستي) معلومات جديدة عن تورط (إسرائيل) في صفقات بيع أسلحة وأجهزة تجسس لدول وأنظمة استبدادية في العالم تستخدم في ارتكاب جرائم قتل ضد المعارضين، من بينها دولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي أغسطس/آب الماضي، كشف تحقيق أجرته صحيفة "هآرتس"، أن الإمارات أبرمت صفقة ضخمة مع (إسرائيل)، حصلت بموجبها على قدرات استخباراتية متقدمة، تشمل طائرتي تجسس حديثتين.
وأشار التحقيق إلى أن هذا الصفقة بدأت تتبلور قبل عقد من الزمان، برعاية "ماتي كوخافي".
ووفقا للصحيفة، فإن الصفقة بلغت قيمتها نحو 3 مليارات دولار.
وفى فبراير/شباط 2019، كشفت تقارير وجود اتصالات وتحركات عربية (سعودية إماراتية) سرية تجري تحت الطاولة لإتمام صفقة عسكرية كبيرة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
ووفق التقارير، لعبت الولايات المتحدة دور الوسيط الرئيسي بين الدول العربية و(إسرائيل) لإتمام هذه الصفقة التي تتجاوز قيمتها المبدئية حاجز الـ200 مليون دولار أمريكي.
ولفتت التقارير إلى أن الصفقة العسكرية التي جرى التشاور عليها شملت معدات تجسس متطورة، إضافة لأسلحة ثقيلة أخرى مثل المدرعات والدبابات فائقة السرعة وأنظمة المراقبة.
وسطاء إماراتيون
وفي نوفمبر/تشرين الثاني" 2018، وتحديدا بعد واقعة مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي"، كشف تحقيق إسرائيلي أن "وسيطا إماراتيا" حاول خلال عام 2015، بتوجيه من العائلة المالكة في السعودية، تجنيد رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق "إيهود باراك"، للتوسط في إبرام صفقات سلاح إسرائيلية لصالح السعودية، عبر شركة استشارات خاصة يشارك "باراك" في تأسيسها.
وأورد التحقيق، الذي نشرته صحيفة "ذي ماركر" الإسرائيلية، نص اتصال هاتفي بين الشخص الإماراتية وبين "إيهود باراك".
وخلال الاتصال، قال الوسيط الإماراتي إنه التقى مسؤولين في الحكومة السعودية في معرض لصناعات التكنولوجيا أقيم في دبي، وأن لديه علاقات وثيقة مع الرجلين الثاني والثالث في المملكة، في إشارة لولي العهد السعودي "محمد بن سلمان"، الذي كان حينها وزيرا للدفاع في المملكة العربية السعودية، وشقيقه الأمير "خالد بن سلمان".
وقالت الصحيفة إن الجنرالات والسياسيين السابقين في (إسرائيل) لتسيير الأعمال التجارية لا يعد أمرا جديدا، لكنه في هذه الحالة يعد "مؤشراً إضافياً للتحالف الذي يجري نسجه بين (إسرائيل) والسعودية بفضل خلفية العداء المشترك لإيران من جهة، وبفضل تكنولوجيا التجسس والاختراق التي طورتها شركات إسرائيلية وترغب الدول المجاورة في الحصول عليها من جهة أخرى".
وبحسب الصحيفة، فإن الوسيط الإماراتي ذكر شركات إسرائيلية محددة تثير اهتماما خاصا لدى السعودية، وأن المملكة كانت ترغب في الحصول على خدمات "هذه الشركات" لاختراق الاتصالات الهاتفية للمعارضين السعوديين و"أعداء المملكة".