نيويورك تايمز-
تناولت صحيفة “نيويورك تايمز” التناقض في تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي ودولة الإمارات حول احتمال بناء شراكة في المجال الصحي. فعلى ما يبدو لم تكن دولة الإمارات جاهزة بعد لعلاقة مفتوحة.
وفي تقرير أعده رونين بيرغمان وبن هبارد، قالا فيه إن نتنياهو أعلن يوم الخميس عن شراكة جديدة مع الإمارات لمكافحة فيروس كورونا، وصورها بأنها آخر تقدم في جهود الدولة اليهودية لبناء علاقات قوية مع الدول العربية. إلا أن الوصف المتحمس من نتنياهو ناقضته الإمارات بعد ساعات، وأصدرت بيانا باردا وصفت اتفاقا وقع بين شركتين إماراتيتين وإسرائيليتين لتطوير تكنولوجيا لمكافحة فيروس كورونا.
وصبّ البيان الإماراتي الماء على البارد على ما بدا وكأنه انقلاب دبلوماسي، مما يشير إلى أن العلاقات القوية بين البلدين تخفي وراءها خلافا حول خطط نتنياهو لضم الضفة الغربية ووادي الأردن.
وكان نتنياهو يخاطب عددا من المتخرجين في قاعدة عسكرية قرب تل أبيب، حيث تحدث بعبارات مفخمة عن الشراكة التي قد تنفع الشرق الأوسط بشكل عام. وقال إن “قدرتنا على العمل ضد كورونا يمكن أن تخدم المنطقة بكاملها”. مضيفا أنها “تخلق فرصا لنا وتفتح باباً للتعاون الذي لم نره مع دول بعينها”.
وقال إن التعاون يشمل البحث والتنمية بين وزارتي الصحة الإسرائيلية والإماراتية في مشاريع طبية تتعلق بفيروس كورونا. كاشفا أن البلدين سيعلنان عن اتفاقية “بعد لحظات”.
وليس من الواضح ما الذي سيدفع الإمارات لاتخاذ خطوة كهذه، في وقت تعمل إسرائيل على رسم خطط لضم أجزاء من الضفة الغربية، وهو تحرك شجبته الدول العربية بما فيها الإمارات. وبعد أربع ساعات جاء الجواب في تغريدة على تويتر من متحدثة باسم وزارة الخارجية الإماراتية.
وقالت هند العتيبة: “في ضوء تقوية التعاون الدولي في مجال الأبحاث والتنمية والتكنولوجيا في خدمة الإنسانية، وقعت شركتان إماراتيتان اتفاقا مع شركتين في إسرائيل لتطوير البحث التكنولوجي في مكافحة كوفيد-19”. ولم تذكر التغريدة أي شيء عن اتفاق بين دولتين لا تقيمان علاقات دبلوماسية ولا عن وزارتي الصحة، رغم تحسن العلاقات بين البلدين في السنوات الماضية.
ولا يعرف إن كانت إسرائيل والإمارات قد توصلتا لاتفاق، انهار بعدما تم الكشف عنه، أو ما يفسر الإعلانين المتناقضين. ولكن الإماراتيين على ما يبدو لم يشعروا بالارتياح من خطط الضم واتخاذ خطوات عامة باتجاه إسرائيل في هذا الوقت.
وتقول باربرة ليف، السفيرة الأمريكية السابقة في أبو ظبي، والزميلة في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إن تصريحات نتنياهو أجبرت الإماراتيين على إصدار بيان لم تكن جاهزة للإعلان عنه. ولو كانت هناك علاقات قوية على المستوى الحكومي فمن الواضح أن الإماراتيين لا يريدون أن يعلم الرأي العام عنها.
وقالت: “ليسوا على اتفاق في وقت لا تناقش الحكومة الإسرائيلية فيما إن كانت ستضم الضفة الغربية، ولكن ما هو حجم ما تضمه منها. وتعهد نتنياهو بضم 30% من أراضي الضفة الغربية بحلول الأول من تموز/ يوليو، وهي خطوة يعتبرها معظم العالم خرقا للقانون الدولي وعقبة أمام إنشاء الدولة الفلسطينية في المستقبل.
وقبل أسبوعين، كتب سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة مقالا في صحيفة إسرائيلية بارزة بعنوان “إما الضم أو التطبيع”، حذر فيه الإسرائيليين من أن الضم سيوقف وفي الحال كل طموحات إسرائيل في تحسين العلاقات الأمنية والاقتصادية والثقافية مع العالم العربي والإمارات العربية المتحدة.
وتعلق “نيويورك تايمز ” على أن شراكة مع الإمارات كانت ستكون مكسبا سياسيا لنتنياهو الذي حاول بناء علاقات مع الدول العربية بدون أن يدفع بالعملية السلمية مع الفلسطينيين.
وفي الوقت الذي يرفض القادة العرب أية علاقات مع إسرائيل، اعتبر آخرون أن العلاقة مشروطة باتفاق إسرائيلي- فلسطيني قبل فتح العلاقات. وفي السنوات الأخيرة حدث تحول لدى دول الخليج العربية في نظرتها لإسرائيل، من دولة ظالمة في معاملتها للفلسطينيين، إلى التعامل معها كشريك تجاري وأمني مهم، خاصة في المنافسة مع إيران. و
قالت شمريت مئير، المحللة الإسرائيلية في شؤون العالم العربي، إن الإعلانيين يوم الخميس مهمان رغم ما بدا من تناقض. وقالت: “الحديث عن شركتين خاصتين تتعاونان من شركتين إسرائيليتين في مجال كوفيد-19 هي لغة غير معهودة في الشرق الأوسط، ولم يسمع بها من قبل”.
وتعاون البلدان في الفترة الأخيرة في مجال مكافحة كوفيد 19، عندما قام الموساد الإسرائيلي وبهدوء بالحصول على بعض المعدات التي تحتاجها إسرائيل لمواجهة فيروس كورونا من دول الخليج.
وفي الوقت الذي تظل إسرائيل غير محبوبة في العالم العربي، إلا أن القضية الفلسطينية تراجعت أهميتها في دول المنطقة التي باتت مهتمة بمشاكلها الاقتصادية وصعود الانتفاضات الشعبية ومكافحة الجماعات الإرهابية مثل تنظيم “الدولة”.
وأصبحت دول الخليج خاصة السعودية والإمارات تتعامل مع إيران كتهديد رئيسي للأمن والاستقرار بالمنطقة، ولهذا بدت إسرائيل كشريك مهم ضد إيران.
ويقول إيلي أفيدار الذي ترأس البعثة الإسرائيلية في قطر ما بين 1999-2001 وعضو الكنيست الحالي: “غيرت الإمارات موقفها من إسرائيل في ضوء التهديد الإيراني الذي يرونه خطرا عليهم”.
كل هذا قاد إلى تعاون سري في مجالات عدة، أمنية، تكنولوجية، زراعية وفي الفترة الأخيرة صحية.