القدس العربي-
اتهم جبريل الرجوب، أمين سر اللجنة المركزية لحركة «فتح» الفلسطينية، «دولة خليجية» لم يسمّها (لكن الجميع يعرف أنها الإمارات) بالعمل على إفشال جهود التقارب مع حركة «حماس»، وتبديد المصالحة الوطنية التي يتوق إليها الفلسطينيون، مشيرا إلى أن طائرات تلك الدولة حطت في مطار بن غوريون مؤخرا «بدعوى تقديم المساعدات للفلسطينيين».
يؤكّد الربط الذي قام به الرجوب، بين غضب الإمارات من المصالحة الفلسطينية مع التطبيع المخاتل مع إسرائيل مع الاستخدام الكاريكاتوري لفكرة مساعدة الفلسطينيين، التقارير التي نشرت أول أمس وأشارت إلى أن أبو ظبي تضغط على «حلفائها» (الذين يعرف الجميع أيضا أنهم أتباع للدولة الخليجية وليسوا حلفاء)، كما هو الحال مع الميليشيات العسكرية التابعة لها في اليمن، والجنرال الليبي خليفة حفتر، للتطبيع مع إسرائيل.
تعتبر «المصالحة الوطنية» هدفا استراتيجيا للفلسطينيين، الذين يواجهون مخاطر كبيرة انضافت إليها تحدّيات وجوديّة هائلة بعد أن قامت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتعهيد مجموعة من الصهاينة المتحمسين، وعلى رأسهم صهره جاريد كوشنر، والسفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان، بـ«حل المسألة الفلسطينية» على طريقة الجناح الاستيطاني المتطرّف في إسرائيل، وأدّت إلى اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارتها إليها، والموافقة على خطّة لضم أراض في الأغوار والضفة الغربية وفرض السيادة عليها.
من الناحية الواقعية، فإن حركتي «فتح» و«حماس» لم تتوصّلا، ورغم المخاطر الكبرى التي تحيق بهما، إلى الاقتراب عمليّا من تلك «المصالحة» المنشودة، وأن كل ما حصل حتى الآن هو الاتفاق على إقامة مهرجان سياسي للحركتين في غزة، وهو أمر، على تواضعه، يمثّل خطوة في مسار يتمنى الفلسطينيون أن يقارب أكثر بين قياداتهم السياسية، ويمهد لتطبيق استراتيجيات مواجهة مع إسرائيل، وهو أمر، يعرف الفلسطينيون أكثر من غيرهم، أن دونه عوائق تاريخية وجغرافية وسياسية وايديولوجية.
يحتاج الطرفان، اللذان فرقّتهما السياسة والجغرافيا منذ 13 عاما، إلى غطاء عربيّ وعالميّ يساعدهما على اختراق بعض هذه العوائق، وهما يعلمان أن إسرائيل ستحاول بكل ما في وسعها لإفشال هذا التقارب ومنع هذه المصالحة وإضافة عوائق وحواجز مرئية وغير مرئية لمنع هذا التقارب.
لا تحتاج المسألة إذن إلى عالم رياضيات ليحسب أن ما تفعله الإمارات يصبّ عمليّا في المجهود الحربي الإسرائيلي، وأن ما تفعله علانية وسرا يمثّل تواطؤا خسيسا ضد الشعب الفلسطيني، وليس ضد قياداته السياسية فحسب، وهو ما يمثّل تقاربا بين القيادتين السياسيتين لأبو ظبي وتل أبيب هدفه ليس معاكسة وتخريب التقارب المنشود بين القيادتين السياسيتين لفتح وحماس فقط، بل تدمير أحلام الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة غير خاضعة للاحتلال العنصريّ، وليست تابعة للاستبداد العربي.