متابعات-
مرت عدة أيام على حدث مصيري في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، وهو إعلان الإمارات التطبيع مع دولة الاحتلال بشكل رسمي، من خلال اتفاق رعته الولايات المتحدة، دون أي تحرك أو إصدار أي موقف من جامعة الدول العربية.
ويضع صمت جامعة الدول العربية أمام التطبيع الإماراتي الرسمي مع "إسرائيل"، تساؤلات حول سبب تأخر البيت العربي الجامع عن تبني موقف صارم من خطوة أبوظبي، المخالفة لمبادرة السلام العربية، وقرارات الأمم المتحدة، إضافة إلى تشكيك في استقلال قرارها بعيداً عن ضغوط بعض الدول.
وتشترط الجامعة العربية لإقامة أعضائها علاقات مع "إسرائيل"، انسحاب اﻷخيرة من الأراضي المحتلة عام 1967، وتمكين الفلسطينيين من إقامة دولتهم المستقلة على حدود 1967، وحل مشكلة اللاجئين.
ورغم أن الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي يعد مخالفاً لمخرجات القمة العربية التي أعلِنَت بالعاصمة اللبنانية بيروت في عام 2002، ضمن مبادرة السلام العربية، التي وقعت عليها جميع الدول العربية، فإن الجامعة لم تتحرك حتى الآن.
انتهاء دورها
ولم تتوقف النداءات الفلسطينية التي تطالب جامعة الدول العربية بالتحرك، والتي كان أبرزها مطالبة أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، بإصدار بيان إدانة للاتفاق الإماراتي الإسرائيلي أو الاستقالة من منصبه.
وجاء نداء عريقات للجامعة العربية بضرورة التحرك، بعد تأكيده أن الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي يعد خرقاً فاضحاً لقرارات الجامعة، ونسفاً للمبادرة العربية للسلام وقرارات القمم العربية، والإسلامية، والشرعية الدولية، وعدواناً على الشعب الفلسطيني، وتفريطاً في الحقوق الفلسطينية والمقدسات، وعلى رأسها القدس والدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران (يونيو) للعام 1967.
كذلك، دعا عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الأمين العام للاتحاد الديمقراطي الفلسطيني "فدا"، صالح رأفت، جامعة الدول العربية إلى عقد اجتماع عاجل؛ من أجل إدانة الإعلان الإماراتي - الإسرائيلي الذي رعته الإدارة الأمريكية، والخروج بموقف عربي واضح يُلزم الإمارات بالتراجع والالتزام بالمبادرة العربية.
أستاذ الإعلام في جامعة القدس والمحلل السياسي، الدكتور أحمد عوض، يؤكد أن دور جامعة الدول العربية انتهى كمنظمة إقليمية تحمي أعضاءها، منذ الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003.
ويعود صمت جامعة الدول العربية عن الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي، كما يوضح عوض في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى "وجود نفوذ لدى أبوظبي في الجامعة، إضافة إلى أن هناك أغلبية من الأنظمة العربية لا تستطيع الإعلان صراحةً عن تأييدها أو رفضها لما قامت به أبوظبي، خاصةً بعض الأنظمة التي لها علاقات سرية أو علنية مع إسرائيل".
وتحولت جامعة الدول العربية، وفق عوض، إلى "سيف مسلَّط على أعضائها، حيث تم توظيفها لحماية مصالح استعمارية؛ من أجل تدمير بعض أعضائها، كما أنها غابت عن القضايا العربية المهمة، ولم تستطع أن تفعل شيئاً لها، أو ترسل قوات عسكرية، أو مساعدات".
أداة سياسية
وخلال الفترة الماضية، استُخدمت جامعة الدول العربية كأداة سياسية لتنفيذ أجندات لبعض الدول خاصةً مصر، التي بدأت توظفها وفق مصالحها، والتي كان آخرها دعوتها في (9 أكتوبر الماضي) إلى عقد اجتماع طارئ بمقرها في القاهرة، بعد ساعات من إطلاق تركيا عملية "نبع السلام" العسكرية، ضد المليشيات الكردية الانفصالية شمالي سوريا.
وعقدت الجامعة اجتماعاً طارئاً، الثلاثاء (31 ديسمبر)، على مستوى المندوبين حول تطورات الأوضاع في ليبيا استجابةً لدعوة مصرية، في حين لم تقم بأي إجراء أو تصدر بيان إدانة حول الخطوة الإماراتية التي اعتبرها الفلسطينيون "خيانة".
وحول دور جامعة الدول العربية في متابعة قضايا أعضائها وهمومهم، يقول الخبير في قضايا الشرق الأوسط، وليد آبي مرشد: إن الجامعة "غائبة عن الوعي"، مع عدم وجود أي دور فعال لها في الشارع العربي.
ويُرجع آبي مرشد ضعف جامعة الدول العربية، خلال حديث سابق لـ"الخليج أونلاين"، إلى عدة أسباب؛ أبرزها ضعف الدول الأعضاء بها، واهتمامهم بشكل كبير بقضاياهم الداخلية على حساب متابعة الأزمات العربية، وهو ما انعكس على الجامعة بشكل سلبي.
ويعطي آبي مرشد عدداً من الوقائع والحقائق حول فشل جامعة الدول العربية في حل أي أزمة عربية، ومنها عدم نجاح المبادرة التي طرحتها في السبعينيات حول إرسال قوات سورية إلى لبنان لوقف القتال في حينها.
وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين" يقترح الخبير في قضايا الشرق الأوسط "حل جامعة الدول العربية واستبدالها بتجمع جديد لعدد من الدول، بهدف إعادة الاعتبار للقضايا العربية، وطرح حلول لأبرز الأزمات التي تعصف بالعرب".