متابعات-
مع الانفتاح الكبير الذي شهدته العلاقات الإسرائيلية الإماراتية، بعد الاتفاق الثلاثي برعاية أمريكية، ووصول جهات مختلفة من دوائر أجهزة الاحتلال إلى مواطنين إماراتيين، من خلال وسائل الإعلام، خاصة مواقع التواصل الاجتماعي، بات تجنيد جهاز الموساد لعدد منهم سهلاً، وهو ما يشكل خطراً أمنياً على بلادهم والدول المحيطة بها.
ولا يترك جهاز الموساد الإسرائيلي الذي يتولى مهمة جمع المعلومات الاستخباراتية لدولة الاحتلال خارج حدودها، أي فرصة لاختراق الدول العربية وتجنيد عدد من العملاء لحسابه، بشكل سري، ولكن مع الانفتاح مع الإمارات أصبحت مهمته سهلة، ولا تقف أمامها أي عقبات في دول جديدة يمكن للإماراتيين التحرك فيها.
وبعد الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي الذي أعلن عنه (الخميس 13 أغسطس)، استضافت وسائل إعلامية إسرائيلية، وأخرى تابعة لوزارة الخارجية، وجهات أمنية، مواطنين إماراتيين، مع ترحيبها بزيارتهم لها، وهو ما يشكل أرضاً خصبة لإيقاعهم في وحل العمالة.
بعد تدشين خطوط الهاتف بين اسرائيل والامارات قررنا مفاجئة احد متابعينا على شبكات التواصل- استمعوا للحديث العفوي بين لورينا الاسرائيلية وعلي الاماراتي. pic.twitter.com/xY8Ic2UQ7R
— إسرائيل في الخليج (@IsraelintheGulf) August 19, 2020
كما صور صحفي إماراتي مقطعاً مع مواطن إماراتي في دبي، يرحب فيه الأخير بالإسرائيليين ويدعوهم لزيارة بلاده، وهو ما يشير إلى التواصل الحاصل بين أشخاص من الطرفين قابلة للتطور.
من جانبه، رحب نائب قائد شرطة دبي، ضاحي خلفان، باستقبال الإسرائيليين الذين سيزورون الإمارات في منزله.
جاء ذلك خلال مقابلة أجراها مؤخراً مع القناة (12) العبرية، رحب فيها باتفاقية التطبيع الإماراتي الإسرائيلي، ووصفها بأنها "مهمة جداً"، لافتاً إلى أنها "استراتيجية سلام للشرق الأوسط"، مضيفاً: "كفى المنطقة توترات وحروب وكراهية".
المسؤول الأمني الرفيع عكس رغبة لدى بعض المتنفذين في الدولة في التواصل "الودي" مع مواطني دولة الاحتلال، وهو ما قد يؤدي لنتائج خطيرة بالنظر إلى خبرة الإسرائيليين في الإيقاع بغيرهم.
مراحل التجنيد
الخبير الأمني محمد أبو هربيد، يؤكد أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تعتمد على عدة مراحل قبل اختراقها أي دول عربية لتجنيد عملاء لحسابها، أبرزها الوصول إليها من باب التطبيع، والعمل على تزييف وعي الشعوب، وتغييب الحس الوطني لهم، واستبداله بحالة أخرى تفرض قبول الاحتلال كدولة صديقة لمواجهة المخاطر والتهديدات بالمنطقة.
ومن الطرق التي يستخدمها الاحتلال للوصول إلى الإماراتيين، وفق حديث أبو هربيد لـ"الخليج أونلاين"، هو إظهار التقدم التكنولوجي الإسرائيلي، والاقتصادي، والعسكري، وذلك بهدف إيجاد مواطن يقبل التخابر والتجسس لحساب جهاز الموساد.
ويوضح أبو هربيد بالقول: "وهنا تكمن الخطورة، حيث مع السماح للإماراتيين بالوصول والسفر لدولة الاحتلال تحت عنوان السياحة، والتبادل الاقتصادي، والصداقة، سيتم إسقاط بعض منهم من أجل تحقيق أهداف أمنية إسرائيلية".
وحول الفئة المستهدفة من بين الإماراتيين التي تريد "إسرائيل" تجنيدها، يبين أبو هربيد أن الموساد لديه خطط في الإسقاط، وسيستهدف بدرجة أولى أشخاصاً في السلك الدبلوماسي، حيث لديه وحدة اسمها "تيفل" مسؤولة عن إسقاط العاملين في المؤسسات الدبلوماسية، وذلك بالتعاون مع وزارة الخارجية الإسرائيلية.
وستكون الفئة الأسهل في التجنيد من بين الإماراتيين، حسب الخبير الأمني، هي الشخصيات القريبة من فكرة التنازل، والقبول بدولة الاحتلال، لسهولة الوصول إليها والحديث معها وإسقاطها.
وتعمل دولة الاحتلال، كما يؤكد أبو هربيد لـ"الخليج أونلاين"، على وضع خطط في الوصول إلى المكونات الشعبية، مع إنفاقها كثيراً من الأموال لأجل ذلك، إضافة إلى أنها متقدمة في التجسس.
وعن المعلومات التي تحتاج إليها الجهات الأمنية الإسرائيلية من العملاء الذي سيجندون في الإمارات، يقول أبو هربيد: "الاحتلال بحاجة إلى التعرف أكثر على الخطوط التي تدعم القضية الفلسطينية بشكل أساسي، خاصة التي تمول المقاومة، وذلك بهدف محاصرتها".
وإلى جانب تجفيف مصادر دعم المقاومة الفلسطينية، يقول أبو هربيد: "تهدف دولة الاحتلال من وراء تجنيد عملاء في الإمارات إلى مراقبة حركة الوضع السياسي فيها، وإجهاض أي ثورة ضدها، ثم الاستفادة من عملائها في حال حدث انقلاب في تلك البلاد والاعتماد عليهم لاحقاً".
وخلصت "إسرائيل"، كما يرى الخبير الأمني، إلى أن العمل الحربي يزيد من أعدائها، لذا بدأت تعمل على زيادة أصدقائها من خلال الاستخبارات وتجنيد العملاء، لكونها تحتاج إلى المعلومة.
مصيدة العسل
تعتمد دولة الاحتلال عدة طرق في تجنيد العملاء العرب، وفق ما جاء في كتاب يعكوف بيري، الرئيس السابق لجهاز الأمن الإسرائيلي "الشاباك"، والذي حمل عنوان "القادم لقتلك".
وتعتمد عملية التجنيد- حسب كتاب بيري- بشكل أساسي على القدرات "الإبداعية" التي يتمتع بها القائمون على مهمة تجنيد العملاء، وقدرتهم على تطوير أدائهم بما يتناسب مع ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقهم.
ويصف يعكوف عملية تجنيد العملاء بأنها "حرب عقول" مفتوحة، مع استشهاده بضابط الموساد، يهودا جيل، وأبراهام حزان، اللذين نجحا في تجنيد عملاء عرب.
وتقوم عملية تجنيد العملاء العرب، كما جاء في كتاب بيري، على الحاجات المادية والاقتصادية والعاطفية للمنطقة والعملاء المستهدفين، حيث هذه الحاجات تشكل نقاط ضعف تستطيع الأجهزة الاستخبارية استغلالها لتجنيد العملاء.
ويعد ضعف الشعور بالانتماء الوطني، حسب بيري، وقمع الدول العربية لشعوبها، إحدى الركائز التي تعتمد وتسهل من إسقاط عملاء عرب، ويجعل بعض مواطني الدول العربية مستعدين للتعاون مع تل أبيب احتجاجاً على حكوماتهم وأنظمتهم.
ويعد انعدام الثقة بالذات أحد وسائل إسقاط العملاء العرب بسهولة، وفق الكتاب، إضافة إلى ضعف أو قوة الوازع الديني.
الجنس والابتزاز
ويستخدم الموساد طرقاً تقليدية ومعروفة في تجنيد العملاء العرب، وخاصة المسؤولين فيهم، كما يؤكد قسم الأبحاث في جهاز الأمن الإسرائيلي، وهو الجنس، حيث تُرْسَل حسناوت إلى الأشخاص المستهدفين للإيقاع بهم جنسياً ثم ابتزازهم.
أبرز التجارب الإسرائيلية السابقة التي استخدمت في هذا المجال، هو توظيف وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة وزعيمة حزب "هاتنوعا"، تسيبي ليفني، في إسقاط بعض المسؤولين العرب جنسياً بهدف جمع معلومات أمنية.
تقارير إسرائيلية تؤكد أن ليفني التي كانت ضمن وحدة للنخبة، شاركت بين عامي 1980 و1984 في نشاطات الموساد بملاحقة قادة منظمة التحرير الفلسطينية في مختلف أرجاء القارة الأوروبية.
وعملت ليفني في مجال جمع المعلومات عن المسؤولين العرب في أوروبا، وخلال عملها في العاصمة الفرنسية باريس مطلع الثمانينيات كانت تمارس نشاطها تحت غطاء خادمة أو مدبرة منزلية في منازل شخصيات مستهدفة.
وسبق أن أفصحت ليفني عن أنها "مارست الجنس" خلال عملها في "الموساد" مع مسؤولين وشخصيات عربية، بهدف ابتزازهم للحصول على معلومات سرية وتنازلات.
وكررت عدة وسائل إعلام عربية نشر اعترافات قيل إنها صدرت عن ليفني في حوار مع صحيفة "تايمز" البريطانية، جاء فيها أنها لا تمانع ممارسة القتل أو الجنس إذا كان ذلك مفيداً لـ"إسرائيل".