متابعات-
بعد مرور عشرة أيام على اتفاق تطبيع العلاقات الإماراتي- الإسرائيلي، ما زال الاتحاد الأوروبي يتعامل مع الاتفاق ببرودة، وفشلت الإمارات في عقد اجتماعات واتصالات مع كبار مسؤولي الاتحاد، هذا الأخير الذي يتمنى عدم عرقلة الاتفاق لمبدأ حل الدولتين في النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي.
ومنذ الإعلان عن الاتفاق الإماراتي- الإسرائيلي، رحب الاتحاد الأوروبي ومختلف الدول به، ولكن معظم الدول وكذلك الاتحاد ركزت في مواقفها على سياسة واضحة ضد سياسة إسرائيل بمزيد من ضم الأراضي الفلسطينية، علاوة على رفض أي مساس بمبدأ حل الدولتين. وكان موقف أوروبا واضحا بالتركيز على حل الدولتين عن بعض الدول العربية مثل مصر والبحرين التي صفّقت مع تهميش لقضية حل الدولتين.
في هذا الصدد، علمت “القدس العربي” من مصادر أوروبية رفيعة المستوى، أن الاتحاد الأوروبي يشهد نقاشا قويا حول دعم إعلان الدولة الفلسطينية لا سيما بعدما أقدمت بعض دول الاتحاد على الاعتراف بالفلسطينيين كدولة مثل حالة السويد، لكن وباء كوفيد-19 حكم بالجمود على كل المشاريع الدبلوماسية الأوروبية بعدما انكبت الدول والاتحاد الأوروبي على حل المشاكل الناتجة عن الوباء.
وتبرز هذه المصادر تخوف الاتحاد الأوروبي من مزيد من تعنت وعناد في مواقف إسرائيل في الملف الفلسطيني، متذرعة بأن الدول العربية لم تعد تربط توقيع السلام بضرورة تعجيل إقامة الدولة الفلسطينية. في الوقت ذاته، تتمنى المصادر أن “لا يساهم الاتفاق في مزيد من التوتر في الملف الإيراني”.
وعلمت “القدس العربي” أيضا أن الإمارات لم تخبر القادة الأوروبيين مسبقا وبشكل سري بخطوة التطبيع مع إسرائيل باستثناء باريس، وكأن الإمارات تريد من خلال سياستها معاقبة الاتحاد الأوروبي على منع تصدير الأسلحة إليها.
وتذهب تحليلات الخبراء الأوروبيين إلى أن الاتفاق الإسرائيلي- الإماراتي لا يحمل بوادر استقرار جدية في المنطقة بقدر ما يزيد من سياسة الاستقطاب. ويضاف إلى هذا أنه يخدم سياسة الرئيس دونالد ترامب في منطقة الشرق الأوسط وتهميش أي دور للاتحاد الأوروبي.
وعمليا، كان من شأن الاتفاق أن يحول أبو ظبي الى خلية نحل للنشاط الدبلوماسي الدولي من خلال الاتفاقات والاتصالات تكريما لما يفترض الجرأة الدبلوماسية في هذا الملف، لكن لم يحدث بل باستثناء الترحيب البروتوكولي بالاتفاق، لم يبادر عدد من القادة الأوروبيين إلى الاتصال بالإمارات ولم يتحمسوا لسماع وجهة أبو ظبي.
ورغم قوة اللوبي الإماراتي ماليا في أوروبا، لم ينجح في تحريك سياسيين ومثقفين لتثمين مبادرة أبو ظبي. حدث العكس، فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أجرى اتصالات بالرئيس الفلسطيني محمود عباس الأحد الماضي ودعاه لزيارة باريس لإجراء مباحثات مع التركيز على حل الدولتين.
ومن ضمن الأمثلة، كتبت جريدة لوموند الفرنسية ذات التأثير القوي في افتتاحية لها يوم 17 أغسطس/ آب الجاري، أن الاتفاق يعني تعزيز مواجهة تركيا وإيران مقابل تخلي بعض الأنظمة الملكية الخليجية عن القضية الفلسطينية، كما لا يلزم إسرائيل بعدم ضم الأراضي الفلسطينية أو العودة الى المفاوضات السياسية من أجل حل الدولتين.