الخليج أونلاين-
مع إعلان الإمارات تطبيع علاقاتها بشكل كامل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، برز دور مهم للمعارضة الإماراتية كقوة سياسية فاعلة ورافضة لما أقدم عليه حكام بلادهم من خطوة غريبة مع كيان كان ينظر إليه الإماراتيون لسنوات طويلة على أنه عدو للأمة العربية.
وتصاعد صوت المعارضة الإماراتية بعد اتفاق التطبيع بين دولتهم و"إسرائيل" الذي أعلِنَ عنه (الخميس 13 أغسطس الماضي)، حيث عملت تلك الجهة الضاغطة، على نقل صورة مخالفة عن موقف الجهة الرسمية من التطبيع.
واستندت المعارضة الإماراتية في مواجهة التطبيع مع دولة الاحتلال، إلى الدستور الإماراتي الذي يمنع حكومة أبوظبي من عقد اتفاق سلام مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وعمِل نشطاء إماراتيون على تدشين حركة لرفض التطبيع، أطلقوا عليها "الرابطة الإماراتية لمقاومة التطبيع"، حيث أكدوا أن حكومة بلادهم تجاهلت بهذه الاتفاقية تاريخاً مشرفاً ومجيداً للشعب الإماراتي في مناصرة الشعب الفلسطيني ودعم قضيته العادلة.
وأصدرت الحركة بيانها الأول، (السبت 22 أغسطس الماضي)، وقالوا فيه: إن "مسار دولة الإمارات ومسيرتها شهدا خلال الأيام القليلة الماضية، انحرافاً قومياً وإسلامياً تمثَّل بالإعلان عما يسمى اتفاقية السلام مع الاحتلال الإسرائيلي".
واستخدمت المعارضة الإماراتية لغة قوية ضد حكام بلادهم، إذ وصفوا الاتفاق بأنه "يمثل خيانة للأمة وتنكُّراً لتاريخها في رفض المشروع الصهيوني بالمنطقة العربية".
وتعد الرابطة مؤسسة مدنية تُعنى برفض جميع أشكال التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي سواءً كان على الصعيد الاقتصادي أو الرياضي أو الأمني أو السياسي أو الشعبي، وفقاً للمبادئ التي تأسست عليها دولة الإمارات، بحسب مؤسسيها.
وتهدف الرابطة، بحسب البيان التأسيسي، إلى تأكيد رفض الشعب الإماراتي للاتفاقية المبرمة وإيصال الصوت الشعبي الإماراتي الرافض للتطبيع إلى شعوب المنطقة الخليجية والعربية، وكذا توعية الشعب الإماراتي بخطورة التطبيع على المجتمع الإماراتي سياسياً واقتصادياً وأمنياً واجتماعياً.
كما تهدف المبادرة أيضاً إلى دعم وإسناد القضية الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني في جميع مطالبه العادلة.
المعارضة الإماراتية بررت صمت الشعب الإماراتي عن اتفاق حكومة بلادهم مع "إسرائيل" بغياب أي هامش لحرية التعبير عن الرأي في البلاد.
مواجهة الإعلام الرسمي
المعارض الإماراتي البارز حمد الشامسي، وأحد مؤسسي الرابطة الإماراتية لمقاومة التطبيع، يؤكد أن الشباب الإماراتي الموجود بالخارج أسسوا الرابطة، من باب مسؤوليتهم تجاه الشعب الإماراتي "المكبَّل بالقوانين التي تجرِّم تعبيره عن الرأي فيما يعارض السياسات الحكومية".
وجاء تأسيس الرابطة، وفق حديث الشامسي، لـ"الخليج أونلاين"؛ "إيماناً من الشباب الإماراتي بعدالة القضية الفلسطينية، لذا سيكون هذا الجسم صوت الشعب الإماراتي الرافض للتطبيع والمندد له في كل الوسائل الممكنة".
وستعمل الرابطة وأعضاؤها، كما يؤكد الشامسي، على مشاركة الناشطين العرب والفلسطينيين والمسلمين في أنشطتهم المناوئة للتطبيع.
وإلى جانب "الرابطة الإماراتية لمقاومة التطبيع"، تعمل المعارضة، حسب الشامسي، على "مواجهة الآلة الإعلامية الرسمية التي تدعو الشعب الإماراتي إلى الانخراط في التطبيع بحيث نقوم بتوعيته بخطورة التطبيع عبر الندوات على منصات التواصل الاجتماعي وإعداد برامج مرئية".
كما تعمل الرابطة، كما يقول الشامسي، "على مشاركات تلفزيونية حتى يأتي اليوم الذي سيملك فيه الشعب الإماراتي القدرة على التأثير على القرار السياسي وإبطال هذه الاتفاقية التي تمت مع دولة الاحتلال الإسرائيلي".
وحول وجود تحركات دولية للمعارضة لرفض الاتفاق مع دولة الاحتلال، يوضح المعارض الإماراتي البارز أن التحركات ستكون بالمشاركة مع المؤسسات المشابهة للرابطة في النشاط والعمل، كلجان مقاومة التطبيع خليجياً وعربياً.
قمع داخلي
ولم تكن المعارضة الإماراتية بالخارج الصوت الوحيد الذي واجه اتفاق حكام بلادهم مع "إسرائيل"، فخرجت أصوات أخرى من داخل الإمارات، ولكن السلطات قمعتها بشكل سريع، وزُج أصحابها في السجون.
مصادر حقوقية كشفت عن اعتقالات سرية شنتها السلطات، على خلفية معارضة اتفاق التطبيع، حيث طالت مواطنين إماراتيين تحدثوا في مجالس خاصة وشاركوا على مواقع التواصل الاجتماعي مواقف ضد اتفاق عار التطبيع، وفقاً لموقع "إمارات ليكس" المعارض.
وشملت الاعتقالات عشرات من العرب، لا سيما الفلسطينيين والأردنيين منهم، بعد أن عبَّروا عن استيائهم من التطبيع مع "إسرائيل".
المعارض الإماراتي عبد الله الطويل اعتبر أن إتمام بلاده اتفاق سلام مع دولة الاحتلال الإسرائيلي برعاية أمريكية، يشكل "طعنة في خاصرة الأمة العربية وعلى مستوى القضية الفلسطينية".
ويعد الاتفاق الثلاثي، كما يؤكد الطويل، في حديث سابق لـ"الخليج أونلاين"، "تطبيعاً كاملاً مع عدو صهيوني لا يُؤتمن على شيء، وضياعاً للهوية العربية، وسقوطاً للوطنية.. هذا خارجياً".
أما بالداخل الإماراتي فيقول الطويل: "فهو حتماً (الاتفاق مع إسرائيل) تغريبة جديدة للمجتمع الإماراتي بعد أن مارست الحكومة الإماراتية سياسة كَي الوعي عند الشعب تمهيداً للوصول الى هذا الاتفاق العلني".
ويكمل الطويل: "أقول لحكومة الإمارات، إن القضية الفلسطينية ليست مجرد سلعة للمساومة، خصوصاً بعد ربطها بقرار التطبيع الذي قيل إنه ثمرة لوقف قرار الضم، وهذا الأمر غير صحيح؛ فقرار الضم مؤجل، وهي رؤية أمريكية سابقة وليست جديدة".
وخاطب المعارض الإماراتي البارز، وليَّ عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان، بأن الشعوب العربية والشعب الفلسطيني يحتاجون أرضاً ووطناً، و"إعطاء الشرعية للصهاينة بالتطبيع معهم نقطة سوداء ستُدوَّن في سجلِّ الخيانات العربية".
وعما تريده الإمارات من خلال الاتفاق مع "إسرائيل"، يوضح الطويل أنها توصل رسالة إلى العالم أجمع وليس فقط للسلطة الفلسطينية، بأنه "آن الأوان لطي الخلاف مع دولة الاحتلال والاعتراف بها كدولة ذات سيادة وفتح السفارات معها والرحلات الثنائية، وألا تكون القضية الفلسطينية هي العقبة".