متابعات-
تتمتع القضية الفلسطينية بمكانة كبيرة لدى الكويتيين كحال باقي الشعوب العربية، لما تعيشه من احتلال إسرائيلي، خاصة استمرار احتلال المسجد الأقصى المبارك، ومواصلة قتل الفلسطينيين وتهجيرهم من ديارهم والاعتداء عليهم.
وفي كل مواجهة فلسطينية مع سلطات الاحتلال يبرز دور لافت وقوي للكويتيين، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، يدل على صلابة الموقف الكويتي من القضية الفلسطينية.
آخر المساندة الكويتية للفلسطينيين برزت خلال اعتداءات سلطات الاحتلال على المقدسيين في المسجد الأقصى المبارك، واستعداده لتهجير سكان حي الشيخ جراح من بيوتهم، ضمن مخططاته المستمرة لتهويد المدينة.
وأمام تلك الانتهاكات الإسرائيلية سارعت الخارجية الكويتية إلى الإدانة والاستنكار الشديدَين لاستمرار "إسرائيل" في بناء المستوطنات وما تمارسه من عمليات تهجير وإحلال بالقدس الشرقية، لا سيما في حي "الشيخ جراح".
وأكدت الوزارة خطورة عملية بناء المستوطنات والاستمرار فيها؛ لـ"مُخالفتها مبادئ القانون الدولي، ونسفها للجهود الدولية الرامية إلى الوصول لحل نهائي للصراع الدائر في الشرق الأوسط، إضافة إلى تهديدها للاستقرار في المنطقة".
تحرك رسمي
واستخدمت الخارجية الكويتية في بيانها عند نشره مصطلح "إسرائيل"، ولكن بعد ضغط شعبي كبير تراجعت واستخدمت مصطلح الاحتلال الإسرائيلي.
وشعبياً وبرلمانياً سادت مواقف أكثر قوة من البيان الرسمي، حيث لم يعجب عدداً من الكويتيين وصف وزارة خارجيتهم دولة الاحتلال بـ"إسرائيل"، مع المطالبة بوصفها بدولة الاحتلال، أو "الكيان الصهيوني".
واقترح 3 نواب في مجلس الأمة الكويتي استخدام عبارات "الكيان المحتل" و"العصابات الصهيونية" بدلاً من "إسرائيل" في البيانات الرسمية للدولة الخليجية.
وقال النائب أسامة الشاهين، في تغريدة له عبر حسابه في موقع "تويتر"، السبت 8 مايو الجاري، إنه تقدم مع الزميلين عبد العزيز الصقعبي وحمد المطرفي اقتراحهم بطلب تصحيح المصطلحات المستخدمة في البيانات الرسمية وإعلام الدولة تجاه "الكيان الصهيوني".
ونص الاقتراح على أن تقوم وسائل الإعلام الحكومية والبيانات والوفود والناطقون الرسميون والمناهج التعليمية باستخدام عبارات "الكيان المحتل"، و"العصابات الصهيونية"، و"المغتصبات"، و"جدار الفصل العنصري" وغيرها، عوضاً عن "إسرائيل" و"الجيش الإسرائيلي" و"المستوطنات" و"الجدار العازل" وغيرها أينما وردت.
وبين النواب أن دولة الكويت، أميراً وشعباً وحكومة، تناهض الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية المحتلة، وترفض التطبيع مع "الكيان المحتل" ومؤسساته وأفراده.
يمكن تمريره
الكاتب والمحلل السياسي عايد المناع، أكد أن الكويت ضد التطبيع، ولا تعترف بدولة الاحتلال الإسرائيلي، لذلك لا فرق لديها في المصطلحات، كما أن القضية الأساسية أنه لا توجد أي علاقة من أي نوع مع الاحتلال.
وتعتبر الكويت، وفق حديث المناع لـ"الخليج أونلاين"، نفسها في حالة حرب مع "إسرائيل" مند عام 1967، إضافة إلى أن الأغلبية الساحقة من الكويتيين تنظر إلى "إسرائيل" على أنها دولة احتلال لأرضٍ فلسطينية.
وحول المقترح المقدم من النواب لاعتماد مصطلح "الكيان الصهيوني" بدلاً من "إسرائيل"، يوضح المناع أنه "سيذهب إلى عدة لجان في مجلس الأمة، وسيطرح على اللجنة التشريعية للمجلس، وبعد صياغة المقترح بطريق سليمة من قبل اللجنة التشريعية سيطرح على أعضاء المجلس وضمن جدول الأعمال، وفي حال تم عرضه سيحصل على نسبة عالية بالتصويت من قبل النواب، بنسبة قد تتجاوز الـ90%".
ويجرم الدستور الكويتي، حسب المناع، أي "معاملات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، حيث سبق أن أكد أمير الكويت الراحل، الشيخ جابر الصباح، أن بلاده آخر من يطبع وآخر من يعترف، وذلك دلالة على أن الكويت مركز لمقاومة التطبيع في الوطن العربي".
وستكون الكويت، كما يوضح المناع، "في طليعة الدول التي تعمل على إدانة التصرفات غير المسؤولة التي تعد عدوانية ومرفوضة تماماً، ولا يحق للمستوطنين أو غيرهم أن يجعلوا من أنفسهم قوة أعلى من الأمم المتحدة التي أصدرت القرارات الدولية، ومنها القرار 242 و383".
وحول المطلوب عربياً لمساندة المقدسيين، يوصي المناع "بضرورة وجود تحرك عربي جماعي، وعلى مستويات تنفيذية عليا للضغط على المجتمع الدولي، لمنع التصرفات الإسرائيلية الحالية التي تمضي قدماً في انتزاع ملكية مساكن الفلسطينيين في حي الشيخ جراح بمدينة القدس".
مطالبة شعبية
وإلى جانب مقترح النواب، دشن كويتيون وسماً عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" يطالب وزارة الخارجية بالتوقف عن اعتماد مصطلح "إسرائيل"، واستبداله بالكيان الصهيوني، وهو ما استجابت له الوزارة.
وأكد الناشط الكويتي علي البلوشي أن الكويت ما زالت في حالة حرب مع "العصابات الصهيونية في فلسطين المحتلة حسب المرسوم الصادر في العام 1967".
وفي تغريدة لها قال البلوشي: "لذا يجب سحب هذا البيان والالتزام بمرسوم الحرب، وعلى النواب القيام بدورهم في تشريع قانون تجريم التطبيع ومحاسبة وزير الخارجية على هذا البيان".
بدورها قالت الإعلامية الكويتية سعدية مفرح، إنه لا توجد دولة اسمها "إسرائيل"، ولكن هناك "الكيان الصهيوني"، مطالبة وزارة الخارجية بتعديل البيان.
الناشط طارق المطيري غرد عبر حسابه في موقع "تويتر" بالقول: "ذكر (إسرائيل) في بيان رسمي دون صفتها العدوانية المحتلة الصهيونية يعتبر تراجعاً غير مسؤول عن موقف المجتمع الكويتي وتاريخ الدبلوماسية الكويتية، على الخارجية المسارعة بالتراجع عن لغة الخطاب المستنكر".
واستجابت وزارة الخارجية الكويتية لمطالبات الشارع، حيث سحبت بيانها الصحفي الأول، واستبدلته ببيان جديد وصفت فيه "إسرائيل" بدولة الاحتلال الإسرائيلي.
مواقف ثابتة
عرف عن دولة الكويت رسمياً وشعبياً رفضها قبول إجراء أي محادثات مع دولة الاحتلال، إضافة إلى وجود مواقف قوية رافضة للاحتلال.
وسجل لرئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم، مواقف حازمة في نصرة القضية الفلسطينية ومهاجمة سلطات الاحتلال الإسرائيلي، حيث سبق أن ألقى أوراقاً طُبعت عليها خطة السلام الأمريكية المعروفة إعلامياً باسم "صفقة القرن" في سلة القمامة، في فبراير 2020، والقول إنها في "مزبلة التاريخ"، وهو ما مثل صفحة ناصعة جديدة ضمن مواقف بلاده المؤيدة لفلسطين والرافضة للاحتلال الإسرائيلي.
ولم يكتفِ "الغانم" برمي صفقة ترامب؛ بل عرض على من سمّاهم المحتلين حزماً مالية أضعاف ما عرضته "صفقة القرن" على الفلسطينيين، وهو ما يعكس الموقف الكويتي الصارم الرافض للمس بالقضية الفلسطينية.
وسبق أن هاجم "الغانم"، في أكتوبر 2018، رئيس وفد "إسرائيل" إلى مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي الذي عُقد في روسيا، ونعته بممثل الاحتلال، وقتلة الأطفال، ومرتكبي جرائم الغصب وإرهاب الدولة.
كما دعا "الغانم" حكومة البلاد إلى مقاطعة أعمال مؤتمر المنامة الذي نظمته الولايات المتحدة للكشف عن الشق الاقتصادي لـ"صفقة القرن" ضمن خطتها لتصفية القضية الفلسطينية، في حين ردت الحكومة بتأكيد تمسكها بثوابتها، وأنها لا تقبل إلا بما يرضي الفلسطينيين.
إلى جانب موقف "الغانم" استثمرت الكويت مقعدها في الأمم المتحدة لنصرة فلسطين، قضية الدول العربية المركزية، حيث تقدم مندوبها لدى مجلس الأمن، منصور العتيبي، في مايو 2018، بمشروع لحماية المدنيين الفلسطينيين بقطاع غزة والضفة الغربية.
الأوروبيين، والنظر في اتخاذ إجراءات تضمن سلامة وحماية السكان المدنيين الفلسطينيين في المناطق الفلسطينية المحتلة وقطاع غزة.
وجاء المشروع الكويتي بعد قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 60 فلسطينياً بقطاع غزة، خلال مشاركتهم في مسيرات العودة الكبرى، على طول الحدود مع الأراضي المحتلة (نهاية مارس 2018).
وحث مشروع القرار على رفع الحصار الإسرائيلي بالكامل عن قطاع غزة، واستئناف عمل جميع المعابر الحدودية فيه على أساس مستدام وغير مشروط، من أجل ضمان حرية التحرك وإيصال المساعدات الإنسانية والبضائع التجارية، حسب مقتضيات القانون الدولي.
ولم تنجح الكويت في تمرير مشروع قرارها رغم موافقة دول مجلس الأمن؛ بسبب إسقاطه من الولايات المتحدة الأمريكية باستخدامها حق النقض (الفيتو) في جلسة لمجلس الأمن.
وبرزت مواقف قوية ومؤيدة للقضية الفلسطينية من المندوب الكويتي الدائم لدى الأمم المتحدة، العتيبي، إذ نبه في يناير 2018، في كلمة بلاده أمام جلسة لمجلس الأمن الدولي حول الحالة في الشرق الأوسط، ومن ضمن ذلك القضية الفلسطينية، إلى استمرار "إسرائيل" في الخرق المادي للقرارات الدولية، ومن ذلك القرار الدولي رقم "2334".