كارين يونغ- موقع “بلومبيرغ”-
قالت أستاذة العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية بالشارقة، كارين يونغ، بمقال نشره موقع “بلومبيرغ” إن السياح الإسرائيليين تجاهلوا تحذيرات حكومتهم في كانون الأول/ ديسمبر الماضي من عدم السفر إلى دول الخليج. ولم يكن خطر المطاردة من قبل جواسيس إيرانيين في شوارع الإمارات والبحرين رادعا للإسرائيليين الذين يسعون إلى تجربة جديدة لزيارة الدول التي كانت حتى وقت قريب لا يمكن زيارتها.
لكن حماسهم أحيى أمل الشركات التي تستعد للفرص من تدفق السياح المرتقب، بدءا من شركات الطيران ووكالات السفر إلى مشروع مشترك لتزويد فنادق أبو ظبي بطعام الكوشير.
إلا أن هذا الصيف لن يكون كما حلم به قطاع الشركات ورجال الأعمال في أعقاب حرب غزة الرابعة والعنف بين اليهود والعرب داخل إسرائيل، مشيرة إلى أنه وبشكل عام، فالمشاعر المعادية لإسرائيل المنتشرة في دول الخليج ستكون بمثابة اختبار لعمق ومتانة التعاون الاقتصادي الذي وعدت به اتفاقيات إبراهيم.
فبالإضافة إلى التطبيع الدبلوماسي للعلاقات بين الموقعين على الاتفاقيات، كان الهدف منها فتح أبواب التجارة والاستثمار.
وكانت التوقعات المبكرة متفائلة: فقد قدرت وزارة المالية الإسرائيلية إمكانات التجارة الثنائية مع الإمارات وحدها بنحو 6.5 مليار دولار في السنة. وفي آذار/مارس، أعلنت الإمارات عن خطط لصندوق استثمار بقيمة 10 مليارات دولار، في مشاريع بإسرائيل ومعها في “قطاعات استراتيجية” في الاقتصاد الإسرائيلي، بما في ذلك التصنيع والطاقة والرعاية الصحية.
وكان هناك حديث أيضا عن مشاريع مشتركة في أجزاء أخرى من الشرق الأوسط، حيث تمتلك الإمارات استثمارات كبيرة بينما تتخلف إسرائيل كثيرا. وسيتم توثيق هذه المشاريع من خلال “العلاقات بين الناس” – على وجه التحديد، العلاقات الجديدة بين رواد الأعمال والمستثمرين الإماراتيين والإسرائيليين.
وترى الباحثة أن البوادر الأولية من السياحة كانت جيدة، ذلك أنها مؤشر رئيسي للتأثير الاقتصادي للاتفاقيات.
ووصل أكثر من 50.000 إسرائيلي إلى دبي خلال عطلة رأس السنة اليهودية الجديدة. وكانت إسرائيل تأمل في جذب 100.000 سائح سنويا من الإمارات. وأعلنت شركة الاتحاد للطيران، شركة طيران أبو ظبي، عن رحلات جديدة إلى تل أبيب.
وفي الشهر الماضي فقط، بدأت إسرائيل والإمارات محادثات بشأن ممر سفر خال من الحجر الصحي للأشخاص الذين تم تطعيمهم بالكامل ضد كوفيد-19.
وكل هذه الخطط كانت قبل اقتحام الشرطة الإسرائيلية للمسجد الأقصى في القدس، أحد أقدس الأماكن الإسلامية، مستخدمة القنابل الصوتية والرصاص المطاطي ضد المتظاهرين الفلسطينيين.
وفي العالم العربي، أثار هذا والعنف الذي تلاه، غضبا واسع النطاق، زادت حدته خلال حرب غزة.
وواصل المسؤولون الإسرائيليون جهودهم لجذب المسافرين من الخليج، لكن من الصعب تخيل أن حماس الإماراتيين والبحرينيين يضاهي حماس السياح الإسرائيليين الشتاء الماضي. وقد يدفع الغضب العربي، بدوره، الإسرائيليين إلى إعادة التفكير في رحلة إلى دبي أو أبو ظبي أو المنامة. منذ وقف إطلاق النار الأسبوع الماضي في حرب غزة بين إسرائيل وحماس، اندلعت أعمال عنف جديدة في المسجد الأقصى.
وترى الكاتبة أنه من الصعب التنبؤ كيف ستتأثر التجارة والاستثمار. فبين أيلول/ سبتمبر 2020 وآذار/ مارس 2021، كانت التدفقات متواضعة وتميل إلى الانتقال من الإمارات إلى إسرائيل أكثر من العكس. كانت الاستثمارات الإسرائيلية في البحرين أبطأ في الحدوث، على الرغم من انفتاح المنامة السياسي على إسرائيل. ولا يوجد دليل حتى الآن على استثمار بحريني في إسرائيل.
وبلغت استثمارات رأس المال الإسرائيلي في الإمارات أقل من 25 مليون دولار في مجالات مثل الرعاية الصحية والاستشارات وتجارة الماس والذكاء الاصطناعي. كان استثمار رأس المال الإماراتي في إسرائيل أكثر من ثلاثة أضعاف، بنحو 80 مليون دولار، ولكن في ثلاثة مواضع فقط – في الذكاء الاصطناعي، وإحدى شركات الدفاع، والضيافة والنقل. وجاءت الاستثمارات الإماراتية في إسرائيل حتى الآن من شركات مرتبطة بكيانات حكومية، مثل مبادلة، صندوق الثروة السيادية الإماراتي، ومن شركات خاصة ذات ملكية موحدة. وهذا يجعلها تقاوم الضغط لفك الارتباط مع إسرائيل، طالما استمرت حكومة الإمارات في الوقوف وراء الاتفاقات.
لكن المستثمرين من القطاع الخاص الآخرين قد يكونون أكثر عرضة للمزاج العام السائد. تمثل حملات وسائل التواصل الاجتماعي المؤيدة للفلسطينيين نوعا جديدا من الضغط على الشركات. بالنظر إلى المشاعر القوية المعادية لإسرائيل في جميع أنحاء الشرق الأوسط، فإن الأعمال الإماراتية ستكون حذرة بشأن المشاريع المشتركة. وقد يجعل قرار صندوق الثروة السيادية النرويجي بالتخلي عن الشركات المرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية الأمر محرجا بالنسبة لأصحاب الاستثمارات الخليجية، الخاصة والسيادية، الذين يأملون الاستفادة من المواقف الأكثر تهاونا لحكوماتهم، حيث ستتعامل البحرين على الأقل مع منتجات المستوطنات الإسرائيلية في الضفة على أنها صناعة إسرائيلية بحسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل.
وتقول يونغ إن الأمل الاقتصادي لاتفاقات إبراهيم يستند، إلى حد كبير، على المشاريع الخاصة وعلى علاقات تجارية تتطور من تلك العلاقات بين الأفراد. وربما تكون أحداث الأسابيع الثلاثة الماضية قد أعاقت التقدم على تلك الجبهة المهمة.