القدس العربي-
أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد في دبي، الأربعاء، عن سعي الدولة العبرية لتوقيع المزيد من الاتفاقيات الاقتصادية مع الإمارات، وذلك بعيد افتتاحه قنصلية بلاده في الإمارة الخليجية الثرية الباحثة عن شركاء تجاريين جدد.
وكان لبيد دشّن، الثلاثاء، في أبوظبي أول سفارة إسرائيلية في الخليج بعد أقل من عام على تطبيع العلاقات بين البلدين، في زيارة هي الأولى الرسمية لوزير إسرائيلي منذ التوقيع في البيت الأبيض على الاتفاق التاريخي.
وقال لبيد في مؤتمر صحافي في المبنى الذي يضم القنصلية الإسرائيلية في أحد المراكز المالية في دبي “سبب وجودي هنا هو أننا نريد توسيع الاتفاقيات، نريد توقيع المزيد من الاتفاقيات”.
وأضاف “سنوقّع المزيد من الاتفاقيات في تموز/يوليو في إسرائيل”.
كانت الإمارات العام الماضي أول دولة خليجية توقّع اتفاقا لتطبيع العلاقات مع الدولة العبرية، قبل أن تحذو حذوها البحرين، ثم المغرب والسودان، ما فتح آفاقا لتعاون تجاري بين أكثر اقتصادين تنوعا في الشرق الأوسط.
وتأمل الإمارات وإسرائيل اللتان تضرر اقتصاداهما بفعل فيروس كورونا، تحقيق مكاسب كبرى من اتفاق التطبيع الذي توسّطت فيه الولايات المتحدة، وخصوصا دبي الباحثة عن شركاء جدد في قطاعات السياحة والتكنولوجيا والأعمال.
ووقّع الجانبان بالفعل عدة اتفاقات شملت تسيير رحلات جوية مباشرة.
ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية عن لبيد قوله في مقابله معها إنّ حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ نحو 675,22 مليون دولار منذ توقيع الاتفاقات. وكانت دبي أعلنت عن تبادل تجاري بقيمة 272 مليون دولار مع إسرائيل بين أيلول/سبتمبر 2020 وكانون الثاني/يناير 2021.
وأعلن لبيد كذلك عن توقيع صفقات بعشرات الملايين من الدولارات في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا والطاقة المتجددة والأمن المائي والصحة.
تجارة حرة
لكن قمع التظاهرات في القدس الشرقية المحتلة، ثم الغارات الإسرائيلية على غزة التي أودت بحياة 254 فلسطينيا من بينهم 66 طفلا، دفعت كلها الشركاء العرب الجدد للدولة العبرية إلى إدانتها علنا.
وقال لبيد في المؤتمر الصحافي “بالطبع، تضع السياسة عبئا على كل شيء… ما نحاول القيام به هو دفع القوى الإيجابية في الشرق الأوسط وفي كل مكان آخر من أجل جعل منطقتنا أكثر نجاحا وأكثر ازدهارا”.
وخلال قص شريط افتتاح القنصلية، اعتبر لبيد ان القنصلية “ليست رمزية، إنها مكان للحياة، السياحة، الأعمال، حوار بين شعبين موهوبين يستطيعان ويريدان أن يساهم كل منهما في ازدهار الآخر”.
وتابع “إنه مركز للتعاون. مكان يرمز إلى قدرتنا على التفكير معا، للتطور معا”.
وقبيل افتتاح القنصلية، زار لبيد الجناح الإسرائيلي في معرض اكسبو 2020 دبي الذي تستضيفه الإمارة لمدة ستة أشهر بدءا من تشرين الأول/اكتوبر المقبل.
وكان وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان التقى لبيد في أبوظبي، مساء الثلاثاء، ووقعا اتفاقا يتصل بالتعاون الاقتصادي والتجاري ويلحظ “تبادلا حرا للسلع والخدمات”. ويحتاج الاتفاق الى موافقة حكومتي البلدين ليدخل حيز التنفيذ.
وبحسب وكالة الأنباء الإماراتية الحكومية، اتّفق الطرفان على تشكيل لجنة اقتصادية مشتركة “لتكليفها بتنفيذ الاتفاقية بهدف إزالة الحواجز وتحفيز التجارة الثنائية”. كما أعرب الجانبان عن “تطلعهما لتوقيع اتفاقية التجارة الحرة، وقد بدأت المناقشات في هذا الصدد”.
كما قررا “العمل معًا من أجل تمكين السفر الخالي من الحجر الصحي بين البلدين للمسافرين الذين تم تلقيحهم ضد فيروس كورونا… وسيعمل الجانبان على صياغة آلية مقبولة للطرفين ليتم تنفيذها في أقرب وقت ممكن”.
صعوبات في الطريق
ينتمي لبيد لتيار الوسط وقد هندس الائتلاف الإسرائيلي الحاكم الجديد الذي أنهى أكثر من عقد لبنيامين نتانياهو على رأس الحكومة.
وسعى لبيد إلى الابتعاد عن سياسات رئيس الوزراء السابق، وقال الاثنين إن حكومة نتنياهو قامت “بمغامرة مروعة” بالتركيز فقط على العلاقات مع الجمهوريين في واشنطن بدل العمل مع الديموقراطيين أيضا.
وتأتي زيارة لبيد في ظل تصاعد التوتر في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وكانت اتفاقيات التطبيع التي وقعتها إسرائيل مع كل من الإمارات والبحرين والمغرب والسودان أثارت غضب الفلسطينيين ووصفوها بأنها “خيانة” وخرق للإجماع العربي الذي جعل حل النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني شرطا للسلام مع إسرائيل.
كما تأتي الزيارة في وقت تجري إيران والدول الكبرى الست محادثات في فيينا لإحياء الاتفاق المبرم في العام 2015 حول البرنامج النووي الإيراني. وتتشارك إسرائيل ودول الخليج وبينها الإمارات المخاوف حيال الملف النووي وطموحات طهران الإقليمية.
وقال لبيد ردا على سؤال حول محادثات فيينا “إسرائيل قلقة بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة” (الاسم الرسمي للاتفاق النووي الإيراني).
وتابع “هناك ثلاثة خيارات، أفضلها اتفاق جيد يقضي بأن نمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، والثاني العقوبات والضغوط القصوى، والثالث اتفاق سيء”.
وعن تنسيق محتمل بين الدولة العبرية ودول الخليج حول إيران، فضّل لبيد عدم الرد وقال “سيتعيّن عليك العودة إلي بشأن هذا السؤال عندما أعود إلى إسرائيل، ولن أحرج أصدقائي هنا في الإمارات من خلال التعليق على إيران التي هي بالطبع جارة”.
كما قال عن احتمال إقامة علاقات مع السعودية “ما نريد القيام به هو أن نكون قادرين على توسيع اتفاقية (تطبيع العلاقات) في المنطقة بأكملها. ليس الأمر سهلاً كما يبدو، سيستغرق وقتًا”.
وأوضح “الكثير من الصعوبات في الطريق لكن هدف إسرائيل هو السلام في المنطقة والسلام مع جيرانها”.