متابعات-
اتهم أكاديميون وزيري خارجية الإمارات "عبدالله بن زايد" وإسرائيل "يائير لابيد"، بالكذب والتضليل، ومحاولة الترويج للتطبيع، على حساب القضية الفلسطينية.
جاء ذلك، خلال تعليقهم على المقال المشترك الذي نشر في افتتاحية صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، الخميس، تحت عنوان "اخترنا بشكل مختلف".
وانتقد أستاذ العلوم السياسية "هاني البسوس"، المقال، وقال إنه حاول "تضليل الرأي العام" في المنطقة، من أجل الترويج للتطبيع مع الاحتلال.
وأضاف في تصريحات إعلامية: "كما أن هناك محاولة لتأكيد عمق العلاقة بين الجانبين، وتبادل الأدوار للتسويق لمشروع التطبيع على مستوى أوسع في المنطقة العربية".
ونبه "البسوس"، إلى عدم صحة ما جاء من مزاعم في المقال حول "ازدهار" المنطقة بعد توقيع اتفاقية التطبيع بين الاحتلال والإمارات، وقال: "الحقيقية أنه لا يوجد أي تغيير في الوضع الاقتصادي لكليهما، وأن الادعاء بالازدهار العظيم، هو محاولة لتضليل الرأي العام، ومحاولة لدفع الدول المترددة في المنطقة لاتخاذ الخطوات نفسها من التطبيع".
كما لفت أستاذ العلوم السياسية، إلى أن "نشر المقال المشترك يجسد بعدا أكثر من التطبيع؛ هي الشراكة السياسية، وقد تتبع لاحقا بالشراكة في مجالات أوسع".
وأعتبر أن "المقال جزء من حملة إعلامية يقودها الجانبان لكسر حاجز الجمود في مواقف بعض الدول العربية، وتشجيعها على تبني السياسة (التطبيع) نفسها"، محذرا من "خطورة هذا الأمر وتداعياته على القضية والحقوق الفلسطينية".
كما انتقد الكاتب والمحلل السياسي "مصطفى الصواف"، المقال بشده، وقال: "هو مقال فيه النفاق والكذب عنوان، فأين هو الازدهار العظيم الذي حدث نتيجة هذه الخيانة؟!".
وأضاف: "يحاول كل منهما خداع من يقرأ لهما، ولكنهم لن يخدعوا إلا الجهلاء والبسطاء؛ لأن الواقع يقول لا يوجد ازدهار عظيم، كونهم لازالوا يراوحون مكانهم ولا يتقدمون إلا كما يقول الصهاينة".
وتابع: "إنهم اكتشفوا بيتا للدعارة كبيرا يمارسون فيه دعارتهم على المكشوف، فإذا كان هذا هو الازدهار، فبئس الازدهار".
ورأى "الصواف"، أن "المقال كان يجب أن يعنون بالنفاق العظيم، ومحاولة لتصوير الأمر وكأنه انتصار وحضارة وازدهار، ولكن الواقع يقول لا جديد على الأرض إلا كذبهم ودعايتهم الممجوجة لخداع السذج من الناس".
وتابع: "هذا المقال لا أعتقد أنه الأول، والمتصفح له يجده مليئا بالكذب والبعد عن حقيقة الواقع، فالاحتلال ليس في وارده ازدهار، ولكن امتصاص لخيرات الشعوب، وهذا لو استمر (التطبيع) سنجده خير شاهد على الواقع".
أما الكاتب والمحلل السياسي والأمني "مصباح أبوكرش"، فلفت إلى أنه "لا يمكننا الاستهانة بالمساحة التي منحتها الإمارات للعدو من خلال عملية تطبيعها، وخاصة أن اللقاء الأخير الذي جمع كلا من بن زايد ولابيد، أظهر أن رهان الطرفين على إنجاح التطبيع يرتكز بشكل كبير على الجانب الاقتصادي، حيث يجد الاحتلال فرصة كبيرة لترويج ما لديه من المنتجات المتنوعة عبر الإمارات كمنفذ تجاري له".
ونبه أن استخدام الاقتصاد كوسيلة لتنفيذ هذا العدو مشاريعه الاستعمارية في المنطقة ليس أسلوبا جديدا، يستخدمه العدو كأحد الركائز التي يستند عليها حتى في أمريكا وأوروبا إلى جانب الإعلام".
وأضاف: "هذا الأمر يدفعنا للتساؤل: ما الذي يدفع الإمارات لخوض مثل هذه المخاطرة، التي قد تؤثر على مستقبل هذا البلد المستقر سياسيا وأمنيا والمتطور اقتصاديا؟".
وخلص إلى أن "عملية التطبيع بين كل من الإمارات والعدو، التي روج لها المقال المشترك، ستؤسس لواقع استعماري عميق في المنطقة، خاصة أن السلاح المستخدم في هذا الغزو هو سلاح اقتصادي يملك العدو الكثير من أسراره".
وتابع: "أعان الله شعب الإمارات بشكل خاص وشعوبنا العربية والأحرار في هذا العالم، على تلك المصائب التي ستعود على الإمارات ودول المنطقة في حال مضت عملية التطبيع".
من جهته، قال رئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية التابع "أحمد عوض": "حينما قرأت هذا المقال، شعرت بالحزن الشديد والغيظ"، مضيفا: "هذا مقال مرفوض، ومن كتبه كأنه لا يعيش في منطقتنا، أو يستخف ويستهين بنا، وهو لا يعبر عن شعب الإمارات الشقيق".
وأوضح أن "هذا مقال فيه حرف لكل القضايا والأساسية في المنطقة، مثل الاحتلال والعدوان والتمدد الاستيطاني والتدخل في شؤون الدول العربية وضربها عسكريا ومحاولة تفكيكها، كما يوجد به تبسيط شديد لمفهوم السلام؛ لأنه لا يمكن للإمارات ان تقيم سلاما من هذا النوع دون أن تأخذ بعين الاعتبار متطلبات الإقليم ومخاوفه، فهي تعيش في منطقة حساسة جدا".
ورأى "عوض"، أن الأهم والأخطر، أن الإمارات من خلال هذا المقال الذي شارك فيه وزير خارجيتها، "تدعو الآخرين للتطبيع دون أن يكون هناك أي ثمن لهذا التطبيع؛ كالانسحاب مثلا من الأراضي المحتلة العربية؛ الفلسطينية والسورية واللبنانية وحتى الأردنية".
وتابع: "هذا سلام مجاني، فيه انتصار للمشروع الصهيوني وتطلعاته وأوهامه"، منوها إلى أن "المقال تحدث عن عديد من العلوم، وإسرائيل ليست متميزة وحدها في هذه المجالات، يمكن للإمارات أن تصنع هذا السلام لهذه الأسباب مع كثير من الدول"، مؤكدا أن هذا "النموذج من السلام (التطبيع) لن يخلص الإمارات من مشاكلها، وكذلك الاحتلال".
وفي ختام زيارة لـ"لابيد" إلى الإمارات، هي الأولى لوزير خارجية الاحتلال للدولة الخليجية منذ التطبيع، تعهد وزيرا خارجية أبوظبي وتل أبيب، بالمضي قدما في تعزيز وتطبيع العلاقات بين البلدين.
وقال الوزيران، في المقال المشترك، إن "التحديات التي تواجه البلدين كبيرة، وأن السلام خيار لهما في مواجهة العنف والتطرف في المنطقة، حيث توجد مصالح اقتصادية جادة وديناميكيات دبلوماسية معقدة".
وتابعا: "يجب أن يتغلب نهجنا، الذي يعطي الأولوية للتبادل المفتوح والمشاركة بين الناس، على القوى التي ستحاول تقويضه".
وتحدث المقال عن التعاون ما بين البلدين، منذ الإعلان عن تطبيع العلاقات العام الماضي، زاعمين أن "فضائل إحلال سلام مستقر واضحة للجميع".
وقالا إن "تثبيت العلاقات بين الإمارات وإسرائيل أدى إلى ازدهار عظيم؛ نمو اقتصادي، تبادل للثقافة وتعاون سياسي بين الجانبين، نحن نشهد نوافذ تجارية فحصت فرصا واعدة للاستثمار والتجارة في جملة من الفروع".
وتوصلت الإمارات وإسرائيل في 13 أغسطس/آب الماضي، إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بينهما تم توقيعه رسميا منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، في البيت الأبيض.
ومنذ إعلان التوصل إلى اتفاق بين الجانبين، وقعت العديد من الاتفاقيات بين إسرائيل والإمارات بمجالات عدة.