جورجيو كافيرو وكريستيان أولريكسين/ ريسبونسبل ستيتكرافت – ترجمة الخليج الجديد-
في 29 يونيو/حزيران، وصل وزير الخارجية الإسرائيلي "يائير لبيد" إلى الإمارات في أول زيارة رسمية لدبلوماسي إسرائيلي كبير.
وكان رئيس الوزراء السابق "بنيامين نتنياهو" سعى لزيارة أبوظبي أثناء وجوده في منصبه، لذلك كان توقيت زيارة "لابيد" بعد فترة وجيزة من تشكيل الحكومة الجديدة لافتا.
وأثناء وجود "لابيد" في الإمارات، افتتحت إسرائيل سفارة في أبوظبي وقنصلية في دبي، مما يشير إلى تطور العلاقات الإماراتية الإسرائيلية بعد 9 أشهر من توقيع اتفاقيات أبراهام في واشنطن في سبتمبر/أيلول الماضي.
وجاءت زيارة "لابيد" بالرغم من التحديات التي فرضتها الحرب بين غزة وإسرائيل والتي استمرت 11 يومًا.
وبالرغم من إدانة المسؤولين الإماراتيين علناً لسلوك إسرائيل في القدس الشرقية والضفة الغربية، ودعوة حماس وإسرائيل إلى وقف الهجمات في مايو/أيار، فإن الإمارات مضت قدما في علاقاتها مع إسرائيل.
وقد وقّع "لابيد" مع وزير الخارجية الإماراتي "عبدالله بن زايد" اتفاقية تعاون اقتصادي وتجاري.
كما شارك الاثنان في كتابة مقال متفائل للغاية في صحيفة "ذا ناشيونال" في أبوظبي وقد أوجزا وجهة نظرهما للعلاقة الإماراتية الإسرائيلية وكذلك "السلام" في المنطقة بالقول: "السلام ليس اتفاقًا نوقعه، إنه أسلوب حياة.. الاحتفالات التي أجريناها هذا الأسبوع ليست نهاية الطريق بل مجرد البداية".
وبعيدًا عن الخطابات الرمزية، يجب مراجعة هذه الشراكة في ضوء الممارسة العملية بعد 9 أشهر من توقيع الاتفاقية.
بلغ حجم التجارة الثنائية منذ سبتمبر/أيلول 2020 حوالي 675 مليون دولار.
وقد وقّع البلدان قائمة طويلة من اتفاقيات التعاون في مجالات التجارة والإعلام والتعليم والسياحة.
ومن الجدير بالذكر أنه وسط الوباء الذي أضر بشدة بالإمارات وجميع قطاعات السياحة في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، زار 200 ألف سائح إسرائيلي الإمارات وكان معظمهم يسافرون إلى دبي.
ويعتبر الإماراتيون أن التكنولوجيا هي أهم مجال يمكنهم تحقيق تطور فيه من خلال هذه العلاقة.
وقال "عبدالله بن زايد" إن الإماراتيين سعداء بمشاركة الإسرائيليين في معرض "إكسبو 2020"، وهو حدث سيعقد في وقت لاحق من هذا العام في دبي وسيجمع 192 دولة من خلال التكنولوجيا والابتكار والعلوم والفن.
ومع ذلك، فإن العلاقات التجارية بين الإمارات وإسرائيل لم ترق حتى الآن إلى مستوى التوقعات.
ولم يتم عقد بعض الصفقات المتوقعة. على سبيل المثال، كان هناك تعليق لبيع حصة 50% من نادي بيتار القدس (نادي كرة قدم مقره القدس ولديه توجهات معادية للعرب) للشيخ "حمد بن خليفة آل نهيان"، أحد أفراد العائلة المالكة في أبوظبي.
بالإضافة إلى ذلك، فوتت شركة طاقة إسرائيلية كانت تخطط لبيع حصتها في حقل غاز إلى "مبادلة للبترول" (شركة تابعة لصندوق الثروة السيادية الإماراتي) موعدًا نهائيًا لإتمام الاتفاقية. وبالرغم من ذلك، فإن فرصة الصفقة ما تزال قائمة.
اتفاقيات أبراهام والخليج وأفريقيا
وبالرغم من المخاطر السياسية التي تتعرض لها أي دولة عربية تقوم بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، إلا أن الإمارات التزمت علنا بـ"اتفاقات أبراهام".
لكن لا يبدو أن أبوظبي تقود أي اتجاه داخل منطقة الخليج لتوسيع التطبيع مع إسرائيل في هذه المرحلة.
وما تزال مبادرة السلام العربية تحظى بشعبية في الكويت وعمان وقطر والسعودية، وهي الوسيلة الوحيدة القابلة للتطبيق للتوصل إلى تسوية عادلة ودائمة بين إسرائيل والفلسطينيين.
لكن من شبه المؤكد أن تل أبيب لن توافق تحت أي ظرف على شروط المبادرة،التي تتطلب من إسرائيل العودة إلى حدود 1967 والسماح للفلسطينيين بأن تكون لهم دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية مقابل تطبيع العلاقات الدبلوماسية.
لذلك، من المحتمل أن تقف الإمارات والبحرين، من بين دول مجلس التعاون الخليجي، منفردة في مسألة التطبيع لبعض الوقت.
وتعارض الكويت بشدة التطبيع ومن غير المرجح أن تغير موقفها. وتحتفظ عمان بعلاقات عملية، وإن كانت غير رسمية، مع إسرائيل كما برز في المكالمة الهاتفية التي أجراها "لابيد" مع وزير الخارجية العماني "بدر البوسعيدي" في 24 يونيو/حزيران، بالإضافة إلى زيارات "نتنياهو" ورؤساء وزراء إسرائيليين آخرين إلى مسقط منذ التسعينيات.
لكن عمان ما تزال ملتزمة بالمبادرة العربية للسلام، كما أكد كبير الدبلوماسيين في مسقط في فعالية عقدها المجلس الأطلسي في 11 فبراير/شباط.
وتلعب قطر دورا خاصا في غزة، ومن الممكن زن يتعرض هذا الدور للخطر في حال التخلي عن الفلسطينيين مقابل التطبيع مع إسرائيل.
ومن خلال قناة الجزيرة، التي تركز بشكل كبير على محنة الفلسطينيين، وميل الدبلوماسيين القطريين إلى الدفاع عن الفلسطينيين في المحافل الدولية، رسمت الدوحة صورة لها على المستوى الإقليمي والدولي بخصوص القضية الفلسطينية.
أما السعودية، فنظرًا لدورها الخاص في جميع أنحاء العالم الإسلامي وإطلاقها للمبادرة العربية للسلام ودينامياتها الداخلية التي تختلف اختلافًا جوهريًا عن دول مجلس التعاون الخليجي الأصغر، فإنها ستستمر على الأرجح في رؤية تطبيع العلاقات مع إسرائيل على أنه أمر محفوف بالمخاطر، على الأقل طالما بقي الملك "سلمان" على العرش.
وفي هذا السياق، من المحتمل أن تكون الانفتاحات الدبلوماسية القادمة لإسرائيل ليست في الخليج ولكن بدلاً من ذلك في الأجزاء الفقيرة من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى حيث يمكن لدول مثل النيجر ومالي وموريتانيا تعزيز مصالحها الاقتصادية من خلال الانضمام إلى "اتفاقيات أبراهام".
وسيكون من المهم معرفة الإجراءات التي قد تتخذها أبوظبي لتحفيز هذه الدول الإفريقية، وكثير منها من المتلقين الرئيسيين للمساعدات الإماراتية، لإضفاء الطابع الرسمي على العلاقات مع إسرائيل.
وكانت المساعدات الإماراتية دافعا رئيسيا وراء قرار السودان تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وقد تتخذ الإمارات نهجًا مشابهًا مع هذه الدول الأفريقية ذات الأغلبية المسلمة والفقيرة.