أوراسيا ريفيو- أرول لويس - ترجمة الخليج الجديد-
عقد قادة الدبلوماسية في الهند وأمريكا وإسرائيل والإمارات اجتماعا وزاريا افتراضيا حول ما يمكن أن يكون نواة لتجمع جديد في الشرق الأوسط على غرار مجموعة "كواد" الرباعية (Quad)، لكن مع أجندة أمنية محدودة.
ومغردا بشأن الاجتماع الذي عقده الإثنين (18 أكتوبر/تشرين الأول 2021) مع نظرائه الأمريكي "أنتوني بلينكين" والإسرائيلي "يائير لابيد" والإماراتي "عبدالله بن زايد"، قال وزير الشؤون الخارجية الهندي "سوبرامانيام جايشنكار": "ناقشنا العمل معا بشكل أوثق حول النمو الاقتصادي والقضايا العالمية".
وخلال الاجتماع جلس "جايشنكار"، الذي كان في زيارة إلى إسرائيل، بجوار "لابيد".
وذكر بيان صادر عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية "نيد برايس" أن الوزراء الأربعة ناقشوا "الفرص المستقبلية للتعاون في المنطقة والعالم"، إضافة إلى الأمن البحري.
وأضاف البيان أن الوزراء ناقشوا أيضا "توسيع التعاون الاقتصادي والسياسي في الشرق الأوسط وآسيا، بما في ذلك من خلال التجارة".
وفي وقت سابق على هذا البيان، قال "برايس"، خلال مؤتمره الصحفي اليومي بواشنطن: "من الواضح أن هذه مجموعة من 4 دول -أمريكا والإمارات وإسرائيل والهند- تتشارك في العديد من المصالح".
وتجدر الإشارة إلى أن الهند لديها علاقات وثيقة مع الدول الثلاث.
الهند عامل مُقيد؟
وفي بيئة إستراتيجية مضطربة حيث تواصل الصين ترسيخ نفوذها بمنطقة "الإندو-باسيفيك" (المحيطين الهندي والهادئ) في الشرق إلى الغرب وما وراءه، تقع الهند في وسط المحيط الهندي. ومع فتح حدودها البحرية على المنطقة، يمكنها تأمينها بالاشتراك مع الولايات المتحدة.
وبعد سحب الولايات المتحدة قواتها من أفغانستان، تمارس الصين، المتاخمة لهذا البلد، نفوذها هناك بهدف بسط قوتها إلى ما وراء ذلك.
لكن على عكس منطقة "الإندو-باسيفيك"؛ حيث تنظر مجموعة "كواد" (تأسست عام 2007 وهي بمثابة حوار إستراتيجي رباعي بين أمريكا واليابان وأستراليا والهند) إلى الصين باعتبارها التهديد الشامل، فمن المرجح أن تكون الهند قوة تقييدية للرباعي الناشئ الجديد نظرا لبعدها عن الشرق الأوسط ما يجعلها أقل احتمالية للتعمق في المنافسات المحلية لتلك المنطقة، فيما تريد بدلا من ذلك التركيز على مسائل التعاون في المجالات الحرجة للطاقة والصحة والاقتصاد وتغير المناخ.
والشهر الماضي، عقد الرئيس الأمريكي "جو بايدن" ورئيس الوزراء الهندي "ناريندرا مودي" و رئيس الوزراء الأسترالي "سكوت موريسون" ورئيس وزراء اليابان آنذاك "يوشيهيدي سوجا" قمة في واشنطن أعربوا خلالها عن التزامهم بـ"تعزيز الأمن والاستقرار والازدهار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ"، مدشنين بداية لتحركات قد تكون أبعد من ذلك.
وتعتبر "كواد" نفسها مجموعة من الديمقراطيات "ملتزمة ببناء مرونة ديمقراطية في منطقة "الإندو-باسيفيك" وخارجها"، لكن هذا لا ينطبق على المجموعة الرباعية الناشئة الجديدة الموجهة نحو الشرق الأوسط، والتي تضم الإمارات، وهي مزيج من الأنظمة الملكية غير الديمقراطية.
وتجنب بيان "برايس" حول الاجتماع الرباعي الافتراضي الأخير ذكر الديمقراطية وتصريحات واشنطن الصاخبة عنها. كما لم يتضمن البيان الأمريكي حول الاجتماع أي ذكر للقضايا الأمنية باستثناء إشارة عابرة لـ"الأمن البحري"، وهو من ضمن التوترات الإقليمية.
بينما ذكر بيان قمة "كواد" في واشنطن، التي انعقدت في 24 سبتمبر/أيلول الماضي، أن "الأمن الإقليمي أصبح أكثر تعقيدا من أي وقت مضى؛ بحيث يتحدى كافة بلداننا بشكل فردي وجماعي"، في إشارة إلى الصين دون تسميتها.
وأضاف: "نلتزم معا بتعزيز النظام الحر والمفتوح والقائم على القواعد والمتجذر في القانون الدولي والذي لا يثقله الإكراه، وذلك لتعزيز الأمن والازدهار في منطقة الإندو-باسيفيك وخارجها".
و "كواد" حازمة في تجنب تصنيفها على أنها تحالف أمني، وبدلا من ذلك تركز أجندة عملها الخارجية على مسائل مثل تقديم لقاحات "كورونا" بشكل مشترك في منطقة "الإندو-باسيفيك" والتعاون في مجال التغير المناخي.
بيان اجتماع رباعي الشرق الأوسط أكد أيضا على التغير المناخي وكورونا. وكان القاسم المشترك بينهما هو "العلاقات بين الناس في مجالي التكنولوجيا والعلوم".
ويشارك أعضاء "كواد" في تدريبات عسكرية مشتركة. إذ استضافت الهند، الأسبوع الماضي، المرحلة الثانية من تمرين مالابار، الذي ضم قوات بحرية من الدول الأربعة (أمريكا واليابان وأستراليا والهند). ووسعت الولايات المتحدة والهند تدريباتهما البحرية المشتركة إلى الجانب الآخر من المحيط الهندي عام 2019 من خلال تدريبات مضادة للغواصات بالقرب من جزيرة دييجو جارسيا.
وعلى عكس "كواد"، لم تعقد الدول الأربع في الشرق الأوسط مناورات عسكرية مشتركة، لكن الهند تشارك في مناورات منفصلة مع إسرائيل والإمارات.
وتشارك الدول الأربع في تمرين "العلم الأزرق" للقوات الجوية، الذي انطلق الأحد الماضي، إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا واليونان. وأجرت الهند والإمارات تدريبات بحرية قبالة ساحل أبوظبي في أغسطس/آب الماضي.
السعودية ضيف غير مرئي؟
وضمن إطار تعاوني بين الدول الأربع التي تركز على الشرق الأوسط، فإن الإمارات تعد بمثابة العاصمة للرباعي الناشئ، وتتمتع إسرائيل والولايات المتحدة بالميزة التكنولوجية، فيما لدى الهند القدرة على التصنيع والتنفيذ.
ومع ذلك، فإن الوضع الجيوسياسي في الشرق الأوسط عبارة عن شبكة من التعقيدات وبعض الترابطات.
فالإمارات حليف وثيق للسعودية، والأخيرة قوة إقليمية رائدة، ولا تشارك في مبادرة الشرق الأوسط، وليس لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
لكن حتما، يبدو أن أي تعاون بين الدول الأربع سيشمل السعودية كضيف غير مرئي.
إذ لدى كل من الإمارات والسعودية قدر من العداء تجاه قطر، والتي تحولت لفترة إلى قطيعة دبلوماسية وحتى محاولة لفرض حصار على الدوحة بسبب مزاعم بدعمها لـ"الإرهابيين". ولدى إسرائيل، أيضا، شكاوى مماثلة بشأن قطر.
وهناك عامل هو تركيا؛ إذ تحاول أنقرة الظهور كمركز منافس للإسلام السياسي لاستعادة دور الخلافة قبل الحرب العالمية الأولى.
ثم هناك صراعات المنطقة مثل ليبيا وسوريا؛ حيث تدعم روسيا وإيران نظام "بشار الأسد"، وتعارضه أمريكا والسعودية.
وظلت الهند بمنأى عن هذه الصراعات؛ حيث تحاول الحفاظ على بعض الحياد، وتبقي الجسور مع إيران، وقطر، وتركيا.