علاقات » اسرائيلي

"حوار المنامة".. يبحث عن استقرار المنطقة أم يعزز التطبيع؟

في 2021/11/25

محمد أبو رزق - الخليج أونلاين-

لفترات طويلة وفي مساحات واسعة خصصتها في وسائل الإعلام المختلفة، روجت الخارجية البحرينية مؤتمر "حوار المنامة" بأنه أحد المناسبات المهمة لبحث الاستقرار في الشرق الأوسط، وأمن الملاحة والتحالفات الجديدة، لكنه يتهم بأنه بات مروجاً للتطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما ظهر خلال فترة انعقاده الأخيرة.

وخلال "حوار المنامة" في نسخته الـ16، والذي عقد في ديسمبر الماضي، وبمشاركة "إسرائيل"، حمل أهدافاً أبرزها طرح مبادرات تهدف إلى خلق بيئة آمنة في المنطقة والعالم ككل، ومناقشة جهود إعادة إعمار اليمن وسوريا وليبيا، وبحث الاستقرار في العراق.

وبعد عام من عقده لم تتحقق أي حلول للقضايا التي تم نقاشها على أرض الواقع، بل زاد الوضع سوءاً في عدد من الدول التي كانت على أجنداته، في حين كان الأمر الأبرز له هو وضع "إسرائيل" موطئاً لها في المنطقة الخليجية والعربية، بعد إعلان التطبيع العام الماضي، والذي كان قد شهد مشاركة الرئيس السابق لمخابرات جيش الاحتلال عاموس يادلين في "حوار المنامة" 2020 أيضاً.

ورغم عدم تحقيق توصيات "حوار المنامة" في نسخته الماضية، شهدت البحرين النسخة الـ17 منه، الجمعة 19 نوفمبر الجاري، بمشاركة بارزة من الولايات المتحدة، ودولة الاحتلال الإسرائيلي، والإمارات، ومصر، والأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، وإندونيسيا، واستمر حتى (الأحد 21 نوفمبر).

أهداف حوار المنامة

وحول أهداف "حوار المنامة" يؤكد الكاتب الخبير بالشؤون الخليجية سليمان نمر، أنه ملتقى سنوي يعقد في البحرين، وهدفه إجراء حوارات مع السياسيين في الدول المختلفة، ولكن في نسخته عام 2020 بدأ يأخذ منحنى آخر وهو ترويج التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.

وفي حديث نمر لـ"الخليج أونلاين"، بدأ "حوار المنامة" العام الماضي والحالي "الترويج للتسامح الديني مع دولة الاحتلال، والدعوة للحوار، وإضفاء انطباع أن الأزمة بين العرب و"إسرائيل" هي دينية وليس صراع وجود، ودولة تحتل أرضاً عربية".

وخلال "حوار المنامة"، في نسخة 2020، ركز وزير خارجية البحرين عبد اللطيف الزياني، في حديثه على ما سمى بـ"اتفاقات أبراهام"، وهي اتفاقات التطبيع الأخيرة، التي وقعتها بلاده والإمارات مع الاحتلال، في 15 سبتمبر 2020.

وسبق مؤتمر "حوار المنامة" في نسخة 2020 توقيع "إسرائيل"، في 15 سبتمبر، في واشنطن، اتفاقاً لإقامة علاقات دبلوماسية مع كل من الإمارات والبحرين برعاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وحضوره.

وفي النسخة الجديدة لـ"حوار المنامة" الذي ينظمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في الشرق الأوسط، ناقش القضايا الأكثر صلة بالتحديات الأمنية الإقليمية والعالمية، إلى جانب دراسة وسائل العمل الوطني والإقليمي والدولي، ومراجعة نوايا القوى الرئيسية، والتباحث حول كيفية دعم التنمية.

وعن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في الشرق الأوسط، يصفه نمر بـ"المشبوه" الذي يهدف إلى إقناع العرب بقبول "إسرائيل" كدولة شريكة في المنطقة وترويج التسامح معها على حساب حقوق الشعب الفلسطيني.

كما يهدف "حوار المنامة"، كما يرى نمر، إلى القول للعالم والعرب: إن "الصراع العربي الإسرائيلي لم يحقق أي تقدم، وهو ما يروجه المعهد الدولي، وسط تغافل العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، ومواصلة تشريد ومصادرة بيوت المقدسيين في القدس الشرقية، وتوسيع المستوطنات بالضفة الغربية".

ومن بين الأهداف الأخرى للحوار دراسة وسائل العمل الوطني والإقليمي والدولي، ومراجعة نوايا القوى الرئيسية، والتباحث حول كيفية دعم التنمية على الرغم من الصعوبات المالية العالمية، كما يؤكد القائمون عليه.

وهنا يؤكد الكاتب الخبير بالشؤون الخليجية أن "حوار المنامة"، في نسخة 2021، يعمل على إدخال "إسرائيل" كشريك للمنطقة بقيادة الإمارات عبر تمويلها لعدة مشاريع، والتي كان آخرها محطة الطاقة المتجددة التي سيتم بناؤها في الأردن بالشراكة مع دولة الاحتلال.

وحول حرب اليمن المستمرة منذ مارس 2015، يوضح نمر لـ"الخليج أونلاين" أن "حوار المنامة طرح تلك الأزمة خلال نسخته قبل الأخيرة، ولكن قراراته لم تكن ملزمة للدول المشاركة به، حيث الهدف منه ليس تنفيذ أي قرارات، بل خلق مجال للتلاقي بين مسؤولين إسرائيليين وخليجيين، وهذه الغاية من استمرار تنظيمه بالمنطقة الخليجية".

استفادة إسرائيلية 

خلال "حوار المنامة" 2021، برز ظهور إسرائيلي غير مسبوق فيه، سواء على صعيد الشخصية المشاركة، أو القضايا التي طرحتها دولة الاحتلال الإسرائيلي، أو من خلال اللقاءات التي أجرتها مع دول لم يعهد لها اللقاء بها أو الجلوس معها.

وتأكيداً لحديث نمر، استغلت "إسرائيل" مشاركتها في الحوار على الحديث عن خطر إيران في المنطقة وتهديدها، وهو ما أكده مستشار الأمن القومي في دولة الاحتلال، إيال حولتا، بأن "إسرائيل" لن تسمح لإيران بأن تصبح دولة نووية.

وقال حولتا خلال مشاركته في الحوار: إن "سلوك إيران العدائي لا يهدد إسرائيل فقط، بل يهدد دولاً كثيرة في المنطقة، حيث تشن إيران هجمات على سفن بحرية، وتستخدم الطائرات المسيرة، والصواريخ، وتمول وكلاء لها في المنطقة، فيما يعتبر النشاط النووي على رأس أولويات التهديد الذي تقوم به إيران ولا بد أن يتصدى له العالم".

وأضاف: "تأتي مساهمتي في هذا المنتدى ضمن نضال إسرائيل ضد إيران ووكلائها في المنطقة.. وبالطبع نحن نقدر الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، وقد نختلف في بعض المسائل، لكننا نتفق في الكثير من المسائل، لا سيما الخطر الإيراني في المنطقة".

أيضاً شهد "حوار المنامة" فرصة ذهبية لدولة الاحتلال من أجل التشبيك والتطبيع مع دول عربية وإسلامية جديدة، حيث كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن لقاء جمع بين السفير الإسرائيلي لدى البحرين إيتاي، ووزير الدفاع الإندونيسي براففو سوبينتو في البحرين.

وجرى اللقاء، حسبما أوردته الصحيفة، الأحد 21 نوفمبر الجاري، على هامش مؤتمر المنامة للأمن الإقليمي، الذي حضره أيضاً وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن.

وأوضحت الصحيفة أن "هذا الاجتماع غير عادي للغاية؛ نظراً إلى حقيقة أنه منذ سنوات عديدة لم يكن هناك لقاء علني بين ممثل إسرائيلي وأي جهة أو مسؤول إندونيسي، خاصةً بهذا المستوى الرفيع".

وخلال مشاركة العراق في "حوار المنامة" ظهرت مؤشرات على قرب تطبيعه مع "إسرائيل"، حيث تداولت عدة وسائل إعلامية، الأحد 21 نوفمبر، مقطع فيديو يظهر أن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين قد أجرى حواراً مع قناة "آي 24 نيوز" الإسرائيلية على هامش مشاركته في الحوار، وهو ما فسره البعض بأنه قد يكون مقدمة لتطبيع العلاقات بين بغداد و"تل أبيب"، وهو ما نفته الأولى.