المونتيور - ترجمة الخليج الجديد-
تنظر الأوساط التنظيمية المالية والسياسية في دولة الاحتلال الإسرائيلي بقلق إلى الصفقة التي تتبلور حاليا من قبل شركة "القابضة" (ADQ)، التابعة لصندوق أبوظبي السيادي، للاستحواذ على جزء من أسهم شركة "فينكس" للتأمين الإسرائيلية.
وتتحكم الشركة الإسرائيلية في جزء معتبر من سوق المعاشات التقاعدية في إسرائيل؛ لذلك كان القلق يسود في تل أبيب من عواقب السماح لشركة تمثل حكومة أجنبية بأن يكون لها دور كبير إلى هذا الحد بهذا المجال الحيوي، وفقا لتقريرنشره موقع "المونيتور" الأمريكي، وترجمه "الخليج الجديد".
وبحسب ما ورد، قالت شركتا الاستثمار الخاص الأمريكيتان "سنتر بريدج بارتنرز" و"جالاتين بوينت كابيتال"، اللتان تمتلكان 33.4% من الشركة الإسرائيلية، في بيان، إنهما تجريان محادثات لبيع ما بين 25 و30% من استثمارهما لصندوق أبوظبي السيادي.
ووفقا لموقع "المونتيور"، ستصبح شركة "القابضة"، بموجب تلك الصفقة، أكبر مساهم أجنبي بشركة "فينكس"، وسيكون لها سيطرة فعالة داخلها.
وأضاف الموقع أن الصفقة جاءت بمثابة مفاجأة لهيئة سوق المال والتأمين والادخار الإسرائيلي، التي تعمل كمنظم في الدولة للصفقات من هذا النوع، وستكون الجهة التي تقرر ما إذا كانت الصفقة ستحصل على الضوء الأخضر. وستكون موافقة "سلطة المنافسة الإسرائيلية" مطلوبة أيضًا في هذا الصدد.
ويشير تقرير "المونتيور" إلى أنه في الماضي، رفضت إسرائيل طلبات من شركات صينية للسيطرة على "فينكس"؛ وبالتالي لن يتم الانتهاء من القرار الحالي إلا بعد إجراء تحقيق شامل في التداعيات الاقتصادية والأمنية للصفقة.
كان خبر الصفقة في الأصل مصحوبًا بتقارير حول فوائد "السلام الاقتصادي" الذي حققته "اتفاقيات أبراهام".
ومع ذلك، سرعان ما بدأ الخبراء في طرح الأسئلة وحتى التحذيرات حول ما يمكن أن تعنيه الصفقة.
وينقل التقرير عن "جاي رولنيك"، أحد المعلقين الاقتصاديين البارزين في إسرائيل، قوله إنه إذا سمحت هيئة سوق رأس المال والتأمين والادخار لصندوق استثمار من أبوظبي بالاستحواذ على "فينكس"، فستنتقل السيطرة على معاشات ومدخرات مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى حكومة أجنبية.
ووصف "رولنيك" الصفقة بأنها "خطيرة وغير مسبوقة"، واقترح القيام بكل شيء لإيقافها.
ولم يكن "رولنيك" هو الوحيد الذي شكك في الصفقة، فقد أثارت بعض المقالات سؤالا عما إذا كان من المناسب لمجموعة مرتبطة بشكل مباشر بحكومة أجنبية - والتي تكون مصالحها أكثر من مجرد اقتصادية - السيطرة على مثل هذا الأصل الاستراتيجي.
ويقول التقرير إنه تم تنظيم السوق الإسرائيلي بحيث يكون للهيئات المؤسسية مثل "فينكس" تأثير هائل على السوق.
والسيناريوهات التي باتت تشغل بال الصحافة في إسرائيل حول هذه الصفقة تتعلق بالفساد المحتمل، وتسريب المعلومات الحساسة.
وتساءل صحفيون إسرائيليون: ماذا لو أنفق الملاك الجدد أصول شركات التأمين على استثمارات فاسدة مع أفراد وشركات في الخليج وأماكن أخرى حول العالم؟
الشاغل الثاني هو تسريب معلومات حساسة إلى أياد أجنبية، ومن المعروف أن لدى شركة التأمين كمية هائلة من البيانات عن جميع المواطنين الإسرائيليين الذين يستخدمون خدماتها، وهذا يشمل الرواتب والوثائق الطبية والحالة العائلية والأصول. كل هذا سيكون في متناول حكومة أجنبية.
جدير بالذكر أن المسؤولين في هيئة السوق المالية ووزارة المالية الذين تفاعلوا مع الصفقة تحدثوا جميعًا (بشرط عدم الكشف عن هويتهم) للصحيفة والتي قالت إنه من الواضح أنهم يدركون الحساسيات السياسية والإقليمية التي ينطوي عليها طرح الطموحات في صفقة تجارية مع دولة عربية، والتي وقعت مؤخرًا اتفاقية تطبيع مع إسرائيل.
ثم، هناك أيضا بعض القلق بين كبار المسؤولين بشأن مثل هذه الصفقة الضخمة والحساسة التي يتم إبرامها قبل أن تتولى الحكومة الجديدة برئاسة "بنيامين نتنياهو" السلطة.
لكن أحد كبار مسؤولي حزب "الليكود" قال لـ"المونيتور" إنه سعيد بالصفقة؛ لأنها تُظهر أن "اتفاقات أبراهام" التي طبعت العلاقات بين إسرائيل والإمارات في عام 2020 تعزز العلاقات الوثيقة بين الدول.
ومع ذلك، حذر المسؤول من التقلبات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
وأشار إلى أنه إذا قررت الإمارات فجأة السعي إلى علاقات أكثر دفئًا مع إيران، على سبيل المثال، فإن مثل هذا التحول سيكون له تأثير هائل على الأمن القومي الإسرائيلي والاقتصاد.
ولم يصرح رئيس الوزراء المكلف "بنيامين نتنياهو" بعد بموقفه من الصفقة، لكنه يرى في "اتفاقيات أبراهام" أعظم إنجازاته الدبلوماسية، وإحدى أولوياته الرئيسية هي تعزيز العلاقات مع الدول العربية "المعتدلة"، لا سيما تلك المشمولة بالاتفاقات.
وفي حين أن القرار النهائي ستتخذه لجنة من الخبراء يمثلون هيئة السوق المالية ووزارة المالية بعد أن يقدم الكونسورتيوم الإماراتي طلبًا نهائيًا، لكن إذا وافق "نتنياهو" على الصفقة، فيمكنه التأثير في القرار لصالحه.
ومن ناحية أخرى، قد يؤدي عدم الموافقة على استحواذ الشركة الإماراتية "القابضة" برئاسة "طحنون بن زايد"، شقيق الرئيس الإماراتي "محمد بن زايد"، إلى تعكير صفو العلاقة بين إسرائيل والإمارات، حسب التقديرات في إسرائيل.
وبما أن "نتنياهو" بالتأكيد لا يريد أن يحدث ذلك، فمن المتوقع أن يدعم الصفقة.