يوسف حمود - الخليج أونلاين-
على مدار أكثر من عامين تزايدت وتيرة العلاقات الدبلوماسية بين "إسرائيل" والإمارات، وتطورت بشكل ملفت، خصوصاً أن حجم الاقتصاد والتنمية هو الدافع للمسار السريع في تعزيز العلاقات الثنائية.
غير أن هذا التسارع في التقارب تحيط به بعض المخاوف، خصوصاً من الإمارات، التي ترغب في أن تستمر علاقتها بشكل مميز مع الفلسطينيين في ظل التطبيع الذي بدأته في سبتمبر من العام 2020 مع دولة الاحتلال.
ولعل الاعتداءات الإسرائيلية المتزايدة مؤخراً على الفلسطينيين والتهديدات بمحو قرية شهيرة في فلسطين، دفعت الإمارات لدق ناقوس الخطر أمام حكومة الاحتلال، وسط حديثٍ عن وقف شراء منظومة أمنية، فهل يكون ذلك سبباً في توتر بين الجانبين؟
ملامح أزمة
في تقريرٍ لها ذكرت "القناة 12" العبرية، في 12 مارس 2023، أن الإمارات تخطط لوقف شرائها لأنظمة الدفاع الإسرائيلية؛ احتجاجاً على مواقف حكومة بنيامين نتنياهو الجديدة.
وذكرت الصحيفة أن الرئيس الإماراتي، الشيخ محمد بن زايد، أخبر المسؤولين الإسرائيليين بأنه "حتى نتأكد من أن رئيس الوزراء نتنياهو لديه حكومة يمكنه السيطرة عليها لن نتمكن من العمل بشكل مشترك".
لكن مكتب نتنياهو نفى ما جاء في تقرير "القناة 12"، عن وجود أزمة في العلاقات الإماراتية-الإسرائيلية، وفقاً لصحيفة "جيروزاليم بوست".
وصرح مكتب رئيس الوزراء بأن "هذا الخبر ليس له أي أساس من الصحة، وتحافظ إسرائيل والإمارات على علاقات سياسية مثمرة في جميع المجالات حتى اليوم".
كما نفت وزارة الخارجية الإسرائيلية تقرير "القناة 12"، مشيرة إلى أن العلاقات بين البلدين "قوية ومتينة".
وجاءت الخطوة الإماراتية، إن حدثت، في وقتٍ يقود فيه وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، حملة ضد الفلسطينيين، بينها مطالبات بهدم منازل لفلسطينيين في القدس المحتلة، خلال شهر رمضان المبارك.
كما دعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، إلى "محو" قرية حوارة الفلسطينية، ووصفها بأنها "تحريض على العنف والعداء"، وهو ما أغضب المجتمع الدولي.
صفقات الأسلحة
منذ اتفاقية أبراهام، في سبتمبر 2020، عقد قطاع الصناعة العسكرية الإسرائيلية صفقات متعددة مع الإمارات، كان بينها إعلان شركة "ألبيت" الإسرائيلية، في يناير 2022، صفقة أسلحة متطورة جديدة مع أبوظبي.
وحسب صحيفة "إسرائيل هايوم" العبرية حينها، قالت الشركة التي تعمل بمجال الأسلحة المتطورة إنها ستوفر لسلاح الجو الإماراتي أنظمة دفاع تعمل بالليزر والأشعة تحت الحمراء.
وأضافت أن هذه الأنظمة قادرة على اكتشاف إطلاق صاروخ مضاد للطائرات، وإطلاق شعاع يحيدها.
كما عملت الإمارات و"إسرائيل"، في أغسطس 2021، على تعزيز التعاون الجوي عبر الطائرات المسيرة، حيث كشفت صحيفة "غلوبس" العبرية عن أن شركة "بيرسبتو" الإسرائيلية وضعت طائرات مسيرة تعمل بصورة آلية في أبوظبي؛ من أجل مراقبة منشآت حساسة.
وفي فبراير 2023، قالت وسائل إعلام عبرية إن الإمارات و"إسرائيل" كشفتا عن أول سفينة عسكرية غير مأهولة (دون قبطان)، صنّعت في إطار التعاون بين شركة صناعة الطيران الإسرائيلية ومجموعة "إيدج" الإماراتية.
مراجعة نهج التطبيع
يرى الخبير بالشأن الخليجي حسام شاكر، أن الدول العربية التي لديها علاقات عسكرية وأمنية مع الاحتلال، ومنها الإمارات، "معنية أكثر بمراجعة نهجها الذي لا يخدم حاجتها الأمنية ولا تموضعها الجيوسياسي في المنطقة".
ويلفت إلى أن التقارب أكثر مع دولة الاحتلال "رهان خاسر، وأثمانه فادحة على الأمن الجماعي للمنطقة وللمصالح الخاصة بهذه الدول؛ لكونها ضمن أمتها، وعليها كسب شعوبها على المدى البعيد، وأن لا تراهن على علاقات مع الاحتلال".
وأشار في حديثه لـ"الخليج أونلاين" إلى أن الارتباط بتعاقدات معينة مع الاحتلال "هو تعبير يعزز واقع الهيمنة الإقليمية الذي يحاول الاحتلال أن يحرزه ويعمقه في المنطقة، ولا يعمق استقلالية القرار الخاص بالعواصم العربية المعنية".
ويؤكد أن تصرفات حكومة الاحتلال "وصعود الفاشية الاستيطانية في فلسطين عملياً تسقط الرهانات الدعائية التي أطلقت في تسويق الانزلاقات التطبيعية، في السنوات الأخيرة، نحو الاحتلال".
وأضاف: "الاحتلال يريد علاقات ثنائية متبادلة يربح منها بالأساس، دون أن يبطئ هذا نهمه الاستيطاني وتصعيده العدواني وسياساته الفاشية المتصاعدة، لذلك لا توجد علاقات صحية في هذا المستوى".
واستطرد بالقول: "أي تعاقد عسكري أو أمني لا بد أن يدرك أنه تعاقد لن يفيد الدول المعنية حتى لو بدا أنه يقدم لها خدمات تكتيكية عاجلة، لكنه يمثل عملياً مداً لأواصر أمنية وعسكرية مع كيان لديه مصالحه وتطلعاته في السيطرة على المنطقة، ولا يحقق أي مكسب للدول الأخرى كمكسب حقيقي وجوهري على المدى البعيد".
وتابع: "الصعود في العلاقات التحالفية مع الاحتلال تلازمت معها أزمات عدة على المستوى الخليجي والمغاربي، وهذا يشير إلى بعض الأثمان الفادحة التي تتكبدها هذه الدول والإقليم معاً في مثل هذه العلاقات الطارئة".
ودعا شاكر إلى "المراجعة والتصحيح والتصويب، ويكفي أن يلحظ الناس أن وجوهاً فاشية صريحة بقيادة نتنياهو لا يمكن أن تكون شريكاً موثوقاً بالأساس لأي دولة عربية أو خليجية".
ويشير إلى أن حكومة نتنياهو تواجه حالياً "مخاطر عزلة معينة حتى من نسقها الطبيعي من عدة دول إن استمرت بهذه النهج"، مضيفاً: "الإبقاء على علاقات مطورة مع هذه الدولة في مستوى إقليمي معين يمثل شيئاً غير منسجم".
حماية أجواء الإمارات
عندما كانت الإمارات تبحث، في 2021، عن طرق لحماية معرض إكسبو 2020 من هجمات الطائرات بدون طيار المحتملة التي يشنها متشددو الحوثيين، لجأت سراً إلى "إسرائيل".
واشترت الدولة الخليجية نظام دفاع جوي إسرائيلياً صغيراً مصمماً لإسقاط طائرات بدون طيار معادية، وفقاً لما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" عن قادة إسرائيليين سابقين ومسؤولين في صناعة الدفاع، في أكتوبر 2022.
وكان الحوثيون المدعومون من إيران ألمحوا حينها إلى استهداف معرض إكسبو بعد أن ضربوا العاصمة أبوظبي في 3 هجمات منفصلة أسفرت عن وقوع قتلى وجرحى.
ومهدت "إسرائيل" الطريق، في أغسطس عام 2022، للإمارات لشراء نظام دفاع جوي متحرك متطور يعرف باسم "سبايدر" لإسقاط طائرات بدون طيار وصواريخ "كروز" وتهديدات أخرى، حيث جاء البيع وسط "إحباط إماراتي من الدعم الأمريكي المحدود للإمارات"، حسبما ذكرت الصحيفة.