أحمد الشرعي | ذا هيل - ترجمة الخليج الجديد-
نشرت صحيفة "ذا هيل" الأمريكية مقالا لكاتب مغربي مؤيد للتطبيع بين الدول العربية وإسرائيل، يرى فيه أن رعاية الصين ووساطتها للاتفاق الأخير بين السعودية وإيران هو ضربة قوية لجهود تل أبيب وواشنطن لعزل إيران، وبداية لشرق أوسط قد تكون بكين مهيمنة فيه، بما سيضر بالمصالح الأمريكية، حتى فيما يتعلق بالتنافس بين واشنطن وكل من بكين وموسكو.
ودعا مقال أحمد الشرعي عضو المجلس الأطلسي والمستشار بمعهد القدس للاستراتيجية والأمن، الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إلى عودة الولايات المتحدة وإسرائيل على التركيز على تنفيذ فلسفة "اتفاقات أبراهام" كأداة لإحلال السلام القائم على ازدهار المنطقة، بما فيها قيادة عملية سلام طموحة تقوم على نفس المبدأ "الازدهار" مع الفلسطينيين، وهي العملية التي تراجعت كثيرا خلال الأشهر الأخيرة، بسبب سياسات التصعيد في الأراضي الفلسطينية.
فشل استراتيجية توحيد أعداء إيران
يقول المقال إن استراتيجية توحيد أعداء إيران التي بدأتها إسرائيل بتشجيع ورعاية أمريكية قد تلقت ضربة بعد تدخل الصين للتقريب بين الرياض وطهران.
ولطالما قاد رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو تلك الجهود، خلال ولاياته السابقة، لاسيما فيما يتعلق بوقف التطلعات النووية الإيرانية وكبح جماح طهران "التي تسلح ميليشيات لقتل الإسرائيليين"، على حد وصف الكاتب، وتسليح أخرى لمهاجمة السعودية والإمارات.
وكان نتنياهو يسعى إلى التطبيع مع السعودية كتتويج لما أسهم به من جهود لتطبيع العلاقات مع دول خليجية وعربية خلال السنوات القليلة الماضية، والآن يبدو هذا الأمر أقل احتمالا، وفقا للمقال.
ويتوقع الشرعي أن الصفقة الأخيرة بين السعودية وإيران "لن تدوم بأي حال من الأحوال"؛ لأنها كي تدوم يجب أن تتخلى طهران عن استراتيجيتها للهيمنة، والتي تعد السبب الرئيسي للتوترات الأساسية.
وتعتمد الشرعية الداخلية للنظام الإيراني على فكرة السيادة الإقليمية الشيعية، وهو أمر لا يمكن للعرب السنة قبوله أبدًا، لذلك فإن أي صفقة بين الجانبين محكوم عليها بالفشل، وفقا للمقال.
اتفاقات أبراهام
ويقترح الكاتب حلا سريعا لمواجهة آثار تلك الاتفاقية، وهو العودة إلى "روح اتفاقيات أبراهام" التي طبعت بموجبها دول خليجية وعربية العلاقات مع إسرائيل، مطالبا بتنشيط الفكرة الأساسية للاتفاقية وهي "الرخاء المشترك" والذي من شأنه أن يوحد الدول العربية ويقضي على المتشككين في إمكانية الاتفاق مع تل أبيب، على حد قوله.
وتضمنت "اتفاقات أبراهام" خطة نمو اقتصادي ضخمة بقيمة 50 مليار دولار للشرق الأدنى، حيث تم تخصيص حوالي 28 مليار دولار للاقتصاد الفلسطيني، بالإضافة إلى 9 مليارات دولار أخرى لمصر، و 7.5 مليار دولار للأردن و 6 مليارات دولار للبنان، وكانت تلك الأموال ستخصص للتنمية بتلك الدول بما يخدم اتفاقيات التطبيع.
واعتبر المقال أن كل ما سبق مرهون بقيادة نتنياهو لخطة سلام شجاعة مع الفلسطينيين.
الدور الصيني مجددا
ويدعو الكاتب صناع السياسة الأمريكيين إلى عدم تجاهل الدور الذي لعبته الصين في الوساطة بين السعودية وإيران مؤخرا، ودراسة أسباب إحباط شركاء الغرب في المنطقة، وعلى رأسهم السعودية منه.
ويقول إن وجود شرق أوسط تهيمن عليه الصين من شأنه أن يهدد التجارة الأمريكية، ويثير القلاقل وقد يفرز موجات من اللاجئين المزعزعين للاستقرار في أوروبا، وينعش سوق الأسلحة والنفط الروسي بالمنطقة، ما يعزز من سيطرة بوتين في أوكرانيا وعلى مستوى العالم.
ويرى الشرعي أن المصالح الأمنية الأمريكية في الشرق الأوسط لا تتعلق باستيرادها للنفط منه، فأمريكا لم تتعد تتلقى من النفط الشرق أوسطي إلا القليل، وتبقى الصين هي العميل الأكبر للنفط السعودي والإيراني.
ومع ذلك، فإن طبيعة أسواق النفط العالمية تعني أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال متأثرًا بتحولات الأسعار.
وبنفس القدر من الأهمية، يعتمد أمن الطاقة لحلفائها، من الناتو إلى اليابان، على التدفق الحر للنفط من الدول غير الخاضعة للعقوبات. لذلك، لا تزال للولايات المتحدة مصالح كبيرة في الشرق الأوسط، يقول الكاتب.
ويختتم أحمد الشرعي مقاله بالقول: "حان الوقت لإدارة بايدن أن تطرح أسئلة صعبة حول سياسات أمريكا في الشرق الأوسط، بدءًا من: هل يجب أن نعود إلى اتفاقيات أبراهام كأساس لعملية السلام في الشرق الأوسط لأن من مصلحة أمريكا تعميق نطاق التعاون بين دول المنطقة؟ أم ندع الصين وروسيا تكتبان مستقبل المنطقة؟".