متابعات-
بعد بضعة أسابيع حملت عناوين تشير إلى الاتصالات للتطبيع بين إسرائيل والسعودية، أوضحت شخصيات رفيعة إسرائيلية مؤخراً بأنها اتصالات ما زالت بعيدة عن النضوج. عدد من القضايا تثقل على احتمالية التوصل إلى اختراقة، منها مطالبة السعودية بإنشاء برنامج نووي مدني، الذي يثير شكوكاً كبيرة لدى إسرائيل والولايات المتحدة. وهناك أمل في القيام بخطوات تبني الثقة تسبق اتفاقاً كبيراً، مثل افتتاح خط طيران مباشر بين إسرائيل والسعودية في موسم الحج للحجاج المسلمين الإسرائيليين، الذي قد لا يتحقق هذه السنة.
مصدر إسرائيلي رفيع تحدث مع “هآرتس” أشار إلى أن هناك صعوبات أساسية في الاتصال تنبع من رغبة السعودية في الحصول على سلاح أمريكي متقدم إلى جانب المطالبة بالحصول على ضوء أخضر لإنشاء المفاعل النووي المدني. هذه البنود قد تكون إشكالية لدى إسرائيل: الأول، بسبب تآكل التفوق النوعي العسكري لإسرائيل في الشرق الأوسط، والثاني بسبب الإمكانية الكامنة في أن مفاعلاً نووياً مدنياً سيتحول مستقبلاً إلى قاعدة لتطوير السلاح النووي في السعودية، الأمر الذي سيضع حداً للاحتكار النووي المنسوب لإسرائيل في المنطقة. “جو بايدن يريد التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والسعودية لعرض الأمر كإنجاز دولي في حملته الانتخابية في السنة القادمة، لكن ستكون أمامه مشكلة إذا كان الثمن هو مفاعل نووي في السعودية”، قال المصدر الإسرائيلي الرفيع.
رئيس مجلس الأمن القومي، تساحي هنغبي، قال أمس لـ”صوت الجيش” إن “طلبات السعودية هي من الولايات المتحدة، والولايات المتحدة مستعدة لدفعها مقابل الاتفاق، وهذه معضلة أمريكية”، وأضاف: “لا ندرك ما الذي يحدث في أروقة السعودية- أمريكا. هناك مواضيع تحتاج إلى مصادقة الكونغرس الأمريكي، وليست لنا علاقة”. هنغبي قال في السياق النووي إن “الأمريكيين لن يتقدموا في هذا الموضوع أمام السعودية بدون إجراء اتصالات وثيقة معنا. ثمة مشكلة إذا كانت دولة معينة تريد مفاعلاً نووياً مدنياً لأنها معنية باستغلاله لصالح التوصل إلى قدرة عسكرية”. تقدر إسرائيل أنها ستحتاج إلى بضعة أشهر على الأقل للتوصل إلى حل لهذه القضايا.
في الشهر الماضي، زار واشنطن المدير العام لوزارة الخارجية، رونين ليفي، الذي شغل منصباً رئيسياً في السنوات الأخيرة في علاقات إسرائيل مع العالم العربي. ليفي أكبر شخصية إسرائيلية زارت العاصمة الأمريكية مؤخراً، على خلفية رفض الرئيس الأمريكي جو بايدن توجيه دعوة لنتنياهو. في اللقاءات التي عقدها ليفي مع قيادة وزارة الخارجية الأمريكية، طرحت للنقاش إمكانية تقديم بادرات حسن نية بين إسرائيل والسعودية حتى قبل السعي إلى التوصل إلى اتفاق التطبيع الشامل بين الدولتين. تم تكريس جزء رئيسي من زيارة ليفي لمناقشة إمكانية تدشين خط طيران مباشر بين الدولتين في الشهر القادم يهدف إلى خدمة المسلمين المدنيين الذين يريدون الحج في الفترة القادمة. عبرت إسرائيل عن تفاؤلها للفكرة، لكن هنغبي قال في مقابلة أمس إن الجدول الزمني القصير الذي بقي حتى موسم الحج في منتصف حزيران القادم يمنع تطبيقها في السنة الحالية. وقال إنه عندما طرح هذا الموضوع للنقاش من قبل “لم يعارضه السعوديين، لكنهم لم يخرجوا عن أطوارهم للسماح بتطبيق ذلك”.
هناك سبب آخر للتشكك بخصوص رحلات الطيران في موسم الحج، وهو حقيقة أن معظم المواطنين الإسرائيليين الذين يريدون الذهاب للحج في هذه السنة اشتروا تذاكر سفر عن طريق الأردن في هذه المرحلة. هناك تقدير بأن نحو 5 آلاف مواطن عربي سيشاركون في موسم الحج هذه السنة. مصدر مشارك في تنظيم رحلات الحج إلى مكة قال إنه ليس واضحاً فائدة تدشين خط طيران مباشر في هذه المرحلة المتأخرة من الاستعداد للرحلة. أحد الاحتمالات هو أن تدشين الخط، إذا حدث، سيكون رمزياً وإعلانياً، مع رحلة واحدة أو رحلتين فقط.
تحدث ليفي هذا الأسبوع في مؤتمر عقده معهد بحوث الأمن القومي حول موضوع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، وقال إنه إلى جانب الرغبة في الدفع قدماً باتفاق تطبيع مع السعودية، يجب على إسرائيل أن تركز على الإمكانية الكامنة في التوصل إلى اتفاقات مع بعض الدول الأصغر. مؤخراً، يتم بذل جهود مشتركة إسرائيلية- أمريكية لإضافة دولة إسلامية في إفريقيا ليس لها الآن علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، إلى المؤتمر القريب “منتدى النقب”، الذي يتوقع عقده في نهاية حزيران في المغرب.
المصدر الرفيع الذي تحدث مع “هآرتس” قال إن “مبادرة من هذا النوع لا تلهب الخيال مثل السلام مع السعودية، لكنه واقعي أكثر على المدى القريب”.