صحيفة “الخبر” الجزائرية-
نشرت صحيفة “الخبر” الجزائرية عن مصادر وصفتها بالموثوقة، معلومات تفيد بممارسة الإمارات “أعمالا عدائية” ضد الجزائر، أبرزها تزويد السلطات المغربية ببرنامج تجسس على البلاد، وقيامها بمحاولات لجرّ دول المنطقة المغاربية نحو التطبيع من أجل إضعاف الجزائر.
وقالت الصحيفة في مقال لها بعنوان تصدر صفحتها الأولى: “أبو ظبي.. عاصمة التخلاط (إثارة الفوضى)”، إن “حملات الكراهية التي أخذت طابعا رسميا من نظام دولة الإمارات، تجاوزت حدود العقل والمنطق، وقد تضرب عرض الحائط بمستوى العلاقات الرسمية بين البلدين، من شدة وهول الأعمال العدائية الممارسة ضد الجزائر، والتي يقودها مسؤولون إماراتيون زوّدوا المغرب بنظام متطور آخر معد للجوسسة على الجزائر”.
وأبرزت في هذا السياق، أن مختبر “سيتيزن لاب” التابع لجامعة “تورنتو” الكندية، والمختص في الأمن الإلكتروني، قد كشف في شهر نيسان/ أبريل الماضي، عن برنامج تجسس إسرائيلي جديد طورته الإمارات فوق أراضيها، موجّه لاختراق هواتف المسؤولين والصحافيين في 10 دول.
ووفق مصادر الصحيفة “الموثوقة”، “تأتي ممارسات العداء والكراهية التي يشنها مسؤولون إماراتيون ضد الجزائر، في نفس التوقيت الذي تمارس فيه بلادهم ضغطا رهيبا على موريتانيا لأجل الالتحاق بقافلة المطبعين والاعتراف بـ”إسرائيل”، حيث إن وزير الدفاع الموريتاني زار مؤخرا إسرائيل، مرورا بإمارة دبي، وأقام فيها لبعض الوقت، في إطار رحلة أشرف على تنظيمها مسؤولون إماراتيون”.
وأضافت المصادر أن “المسؤولين الإماراتيين يريدون بأي ثمن وبأي طريقة فرض تواجد بلادهم في منطقة الساحل، سواء بالأموال الكبيرة التي تتدفق في ليبيا، التي لم تسلم هي الأخرى من “التخلاط” الإماراتي، أو عن طريق إغراق هذا البلد بما يزيد عن مليونين و450 ألف قرص مهلوس، والتي يسيّرها نجل اللواء خليفة حفتر، ومحاولته الأخيرة، التي باءت بالفشل على أيدي العيون الساهرة (الجيش الجزائري) على شريط حدودنا، إدخال مليون و700 ألف قرص مهلوس إلى الجزائر”.
وبحسب الصحيفة، فإن الجارة الشرقية للجزائر، تونس، هي الأخرى أدخلها المسؤولون الإماراتيون في دائرة “التخلاط” والابتزاز، من خلال استغلال وضعها الاقتصادي الصعب، حيث “اقترح نظام دولة الإمارات على تونس مساعدات مالية شريطة التطبيع مع إسرائيل، وقطع علاقتها مع الجزائر”.
وعادت الصحيفة إلى ما عرفته تونس سنة 2021 من احتجاج المئات من نشطاء المجتمع المدني، الذين عبّروا، وفق الإعلام التونسي، عن تخوفهم من حصول مجموعة “أبراج الإماراتية” على نسبة 35% من رأسمال شركة اتصالات تونس الحكومية. وأكد هؤلاء النشطاء، وفق الصحيفة، أن الإمارات متورطة في قضايا جوسسة بعد ثبوت استيراد تقنيات تجسس إسرائيلية لصالح السلطات الإماراتية. ونقلت عن الإعلام التونسي اتهامات للإمارات بمحاولاتها توجيه السياسات الداخلية والخارجية لبعض الدول، ومن بينها تونس، بهدف بناء “نظام إقليمي جديد” ينسجم مع تصوراتها، ويمنع تعزيز الديمقراطية ونشر الفوضى في بلدان عديدة.
وذهبت “الخبر الجزائرية” في مقالها إلى حد وصف ما تقوم به الإمارات ضد الجزائر بـ”الأعمال العدائية والممارسات الشيطانية”، وقالت إن “ذلك يدفع الجميع إلى التساؤل عما يحدث لدى ورثة الشيخ زايد الذين حوّلوا بلادهم إلى وسيط لدى الكيان الصهيوني، وسخّروا إمكانات مالية ومادية ضخمة من أجل محاولة زعزعة أمن واستقرار المنطقة خاصة الجزائر”، التي باتت بمواقفها “المشرفة” تجاه القضايا العادلة لا سيما القضية الفلسطينية، تزعج دوائر الشر في العالم”.
ويأتي هذا الهجوم غير المسبوق على الدور الإماراتي في المنطقة، بعد نحو شهر من نشر قناة النهار المحلية، خبرا على الشريط الأحمر العاجل، قالت فيه إن الخارجية الجزائرية أمهلت السفير الإماراتي في البلاد 48 ساعة لمغادرة الأراضي الجزائرية، بعد اكتشاف شبكة مكونة من 4 جواسيس إماراتيين يعملون لصالح الموساد الإسرائيلي قاموا باختراق الدولة الجزائرية ونقل أسرار عنها لهذا الجهاز المعادي.
لكن الخبر تبيّن فيما بعد أنه كاذب، حيث قال الناطق الرسمي لوزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، إنه ينفي نفيا ما تم نشره وتداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام عن طرد السفير الإماراتي في الجزائر. وأكد المتحدث في نص البيان، أن هذه الأخبار مزيفة ولا أساس لها من الصحة، مع التأكيد على أن بيانات الوزارة هي المصدر الوحيد للمعلومة. وتزامن ذلك كله مع إقالة وزير الاتصال الجزائري محمد بوسليماني، في قرار ربطه البعض بتسريب هذا الخبر الكاذب.
وفي الشق السياسي لعلاقة الإمارات بالجزائر، تبدو الأمور طبيعية بين البلدين. وفي نهاية حزيران/ يونيو الماضي، ذكرت الخارجية الجزائرية أن الوزير أحمد عطاف، تلقى اتصالاً هاتفياً من نظيره وزير الخارجية والتعاون الدولي لدولة الإمارات، عبد الله بن زايد آل نهيان، هنّأ فيه الجزائر على انتخابها عضواً غير دائم بمجلس الأمن، متمنياً لها تمام التوفيق في الاضطلاع بعهدتها المقبلة في هذه الهيئة الأممية المركزية.
كما أبدى الوزير الإماراتي، استعداد بلاده لتقاسم تجربتها، خاصة وأن الجزائر ستخلُف دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة في مجلس الأمن ابتداء من الفاتح كانون الثاني/ يناير المقبل. وفي النقطة الأبرز، نقل بيان الخارجية عن الوزير عطاف في حديثه مع عبد الله بن زايد، تقديره للدعم الذي لقيه ترشح الجزائر من دولة الإمارات، في تأكيد ضمني على أن هذا البلد لم يصوّت ضد الجزائر في انتخابات مجلس الأمن، وفق ما جرى تداوله من أخبار عقب تصويت الجمعية العامة.
ومع أن الجزائر والإمارات تظهران حسن العلاقة، إلا أن العديد من التباينات الجوهرية تبرز بينهما، خاصة في الملف الليبي، حيث تدعم الإمارات سياسة خليفة حفتر، في وقت تحرص الجزائر على دعم حكومة طرابلس المعترف بها دوليا. كما يتناقض البلدان تماما بخصوص النظرة للتطبيع مع إسرائيل، حيث تبقى الجزائر في المحور المقاوم لما سبق للرئيس الجزائري تسميته “الهرولة نحو التطبيع”، عكس الإمارات التي صارت لها علاقات متكاملة وقوية مع هذا الكيان.
ومن المواقف الأخرى التي تعتبرها الجزائر مستفزة، مبادرة الإمارات لفتح قنصلية هي الأولى لدولة عربية في مدينة العيون بالصحراء الغربية سنة 2020، في وقت تلتزم الجزائر بدعم حق تقرير المصير في الصحراء وفق القرارات الأممية.