القدس العربي-
افتتح وزير الخارجية الإسرائيلي المقر الجديد لسفارة دولة الاحتلال في المنامة، وسط حشد من المسؤولين البحرينيين يتقدمهم وزير الخارجية الذي تبارى مع نظيره الإسرائيلي في امتداح «التعاون الثنائي في مختلف القطاعات». كذلك تضمنت زيارة الوزير الإسرائيلي لقاء مع ولي العهد ورئيس الوزراء، تناولا خلاله ما قيل إنها «تحديات إقليمية» و«التزام الدولتين بمحاربة الإرهاب».
وفي منطق الاحتلال الإسرائيلي فإن أول تعريف لـ«الإرهاب» هو ذاك الذي يخص أعمال المقاومة الفلسطينية بمختلف أشكالها ووسائلها، وبالتالي فإن زيارة الوزير الإسرائيلي لا تقتصر على تدشين مقر لسفارة أكبر وأكثر رفاهية بل هي أيضاً تدرج حكام البحرين في معارك قهر الشعب الفلسطيني وكسر صموده.
وبموجب اتفاقيات أبراهام التطبيعية، التي رعتها الولايات المتحدة في أيلول/ سبتمبر 2020، لم يكن افتتاح السفارة الإسرائيلية أول أنشطة التطبيع على أرض البحرين، فقد سبق أن قام الرئيس الإسرائيلي بزيارة رسمية، أسوة برئيس الوزراء الأسبق نفتالي بينيت ووزير دفاعه بيني غانتس. كذلك وصل ميزان التبادل التجاري الإسرائيلي مع المنامة إلى 6,5 مليار دولار خلال العام الماضي.
وبذريعة وجود الملك خارج البلاد، كانت المنامة قد أجلت زيارة الوزير الإسرائيلي المقررة أصلاً مطلع آب/ أغسطس الماضي، لكن السبب الحقيقي، كما رجحته وسائل الإعلام الإسرائيلية، كان خشية السلطات البحرينية من ردود فعل شعبية غاضبة بسبب أن الموعد كان سيتزامن مع اقتحام وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير باحات المسجد الأقصى.
لكن حكام البحرين لم يجدوا حرجاً في استقبال الوزير الإسرائيلي اليوم على وقع سياسات التنكيل وعمليات الاجتياح التي كان جيش الاحتلال الإسرائيلي يمارسها في مخيم نور شمس ومدينة جنين ومخيمها، في الوقت ذاته الذي شهد التهليل والترحيب بافتتاح مقر السفارة الجديد، وحين كانت الأرقام تشير إلى استشهاد 232 فلسطينياً منذ بدء هذا العام.
كذلك تغافل المرحبون بالوزير الإسرائيلي عن حقيقة ما تعانيه دولة الاحتلال من حرج حتى عند أقرب حلفائها وأصدقائها وفي الولايات المتحدة على نحو خاص، وذلك بسبب السياسات العنصرية وإجراءات القمع الفاشية بحق الفلسطينيين، ليس من جانب جيش الاحتلال وأجهزته فقط، بل كذلك من قطعان المستوطنين تحت حماية عسكرية وأمنية إسرائيلية. والوزير ذاته الذي صفقوا له كان قبل أيام قليلة فقط قد جوبه بتوبيخ من الاستخبارات الإسرائيلية ومن الخارجية الأمريكية، بسبب سلوكه الطفولي في تسريب أخبار اجتماعه السري مع وزيرة الخارجية الليبية في روما.
كذلك تناسوا عن عمد أن الوزير الإسرائيلي يصل إلى المنامة على وقع بيان أصدره نحو 1000 من الأكاديميين والكتّاب والباحثين اليهود والإسرائيليين، اعتبروا فيه أن الاحتلال الإسرائيلي المستمر «أفضى إلى نظام فصل عنصري» وكان لافتاً وجود المؤرخ الإسرائيلي الشهير بيني موريس في عداد الموقعين، ما عنى أن موقفه السابق الرافض للمقارنة بين الاحتلال والأبارتهايد قد تبدل الآن.
ورغم بُعد المسافة فإن قمع الفلسطينيين في جنين يتصادى على أكثر من نحو مع قهر البحرينيين في المنامة، وهذا بدوره قاسم مشترك تطبيعي، وسياسي أيضاً.