المونيتور - ترجمة الخليج الجديد-
بالنظر إلى مدى صوت دولة الإمارات في الترويج لـ"اتفاقيات أبراهام" على مدى السنوات الثلاث الماضية، تشعر أبوظبي بشكل خاص بأنها "مكشوفة"، وأكثر عرضة لتداعيات التحولات في الرأي العام العربي الآن جراء الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة، وهم يتمنون بأن تقضي إسرائيل على "حماس" بشكل سريع قبل أن تصبح المشاعر العامة العربية خارجة عن السيطرة.
ما سبق كان خلاصة تحليل نشره موقع "المونيتور" للكاتب ويليام ف. ويشسلر، والذي قال إن الفرصة أتيحت له من أجل التحدث مع المسؤولين الإماراتيين في أبوظبي خلال الأيام الماضية لمعرفة رأيهم حول ما يحدث الآن بين إسرائيل و"حماس".
إدانات لـ"حماس"
ويشسلر أشاد بشكل خاص بالإدانات الكبيرة التي سمعها من المسؤولين الإماراتيين بحق حركة "حماس" وهجومها على إسرائيل، والذي قال إنها توافقت مع موقف أبوظبي العلني الذي اعتبر أن ما فعلته "حماس" تصعيدا خطيرا.
وقال الكاتب: "أخبرني أحد كبار المسؤولين الحكوميين هنا أنهم فخورون بهذا التصريح، والشعور الذي سمعته من الكثيرين هنا هو أن هذا هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله، وهم أيضا يعرفون أن تكلفة هذا الموقف والذي يعتبرونه صوتا للعقل لن تكون رخيصة".
ويقارن الكاتب في المقابل موقف قطر، والتي حملت إسرائيل وحدها مسؤولية التصعيد.
ويصف الكاتب هذا الموقف بالقول: "الموقف القطري هو وجهة نظر - للأسف - أكثر تمثيلاً للشارع العربي".
وفي الوقت نفسه، أوضح المسؤولون الإماراتيون أيضًا أن العلاقات الاقتصادية بين الإماراتيين والإسرائيليين ستستمر على الرغم من الحرب المقبلة، وكما قال وزير الدولة الإماراتي للتجارة الخارجية ثاني بن أحمد الزيودي: "نحن لا نخلط بين الأمور.. الاقتصاد والتجارة مع السياسة".
أمنية في السر.. هزيمة "حماس"
وفي السر، يأمل كثيرون هنا أن تتمكن إسرائيل من القضاء على حماس بنجاح، وأن تفعل ذلك بسرعة خاصة، قبل أن تصبح المشاعر العامة العربية خارجة عن السيطرة.
لكن الكاتب يحذر من أنه يجب على إسرائيل أن تتوقع أن هذه التصريحات ستمثل على الأرجح ذروة الدعم المفتوح الذي ستتلقاه من الإمارات العربية المتحدة خلال الحرب.
علنًا، ستشدد الإمارات الآن على ثلاثة مواضيع للمضي قدمًا: العمل على وقف تصعيد الصراع، مع احتمال أن تلعب مصر دورًا رئيسيًا؛ والدعوة إلى عودة الرهائن، مع سعي قطر للتأثير على "حماس"؛ وتقديم الدعم الإنساني للشعب الفلسطيني، وهو مجال تركز عليه الإمارات ورئيسها محمد بن زايد شخصيًا، بعد أن وجه بالفعل مساعدات بقيمة عشرين مليون دولار.
ويتوقع الكاتب، رغم كل ما سبق، ألا تتضمن الدبلوماسية الإماراتية المستقبلية خطابًا مناهضًا لـحماس"، ومن المرجح أن تتبع البيان المشترك الأخير الصادر عن مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي، والذي دعا إلى "ضبط النفس".
"لكن في السر، يأمل الكثيرون هنا أن تتمكن إسرائيل من القضاء على حماس بنجاح، وأن تفعل ذلك بسرعة خاصة، قبل أن تصبح المشاعر العامة العربية خارجة عن السيطرة"، هكذا يقول الكاتب عما لمسه من الموقف غير الرسمي بين أوساط المسؤولين الإماراتيين.
3 سيناريوهات تقلق الإمارات
ويرصد الكاتب قلقا داخل أبوظبي، حتى لو انتصرت إسرائيل بسرعة نسبية على "حماس"، حيث يشعر المسؤولون الإماراتيون بالقلق إزاء ثلاثة سيناريوهات أخرى، وهي:
أولا: أن يفتح "حزب الله" جبهة شمالية، يمكن أن تمتد بعد ذلك بسرعة إلى سوريا وإيران، بل وحتى تشمل الولايات المتحدة - الأمر الذي من شأنه أن يضع الإمارات على الخطوط الأمامية أيضاً.
ويعلق الكاتب: يدرك الجميع أنه إذا ضرب صاروخ أو طائرة بدون طيار من إيران ناطحة سحاب في دبي، فإن معظم المواطنين الأجانب هنا سيتوجهون على الفور إلى الباب وسينهار الاقتصاد غير النفطي في الإمارات.
ومن أجل ذلك، كانت الإمارات جزءاً من موجة الدبلوماسية العارمة في جميع أنحاء المنطقة خلال الأسبوع الماضي لإرسال تحذيرات إلى إيران وحلفائها.
ثانيا: احتمال قيام المواطنين العرب، الغاضبين بشكل متزايد من مقاطع الفيديو التي تصور معاناة الفلسطينيين في غزة والتي يتم حشدها من قبل جهات فاعلة مثل جماعة الإخوان المسلمين، بتوسيع احتجاجاتهم، والبدء في نهاية المطاف في أعمال الشغب، وربما يشكلون تهديدًا لاستقرار دول مثل مصر والأردن – الشركاء الأمنيين الرئيسيين لإسرائيل.
ويعتبر الكاتب أن هذا السيناريو ليس بعيد المنال، وهو سيناريو لا تريده الإمارات أيضا، التي رأت انتفاضة 2011 في مصر والتي أفرزت وصولا سريعا لجماعة الإخوان إلى حكم البلاد قبل أن يتم الانقلاب العسكري عليها.
ثالثا: ينبع هذا الاحتمال من عدم اليقين السائدة حول الخطط الإسرائيلية لغزة بعد الانتصار على "حماس"، حيث يريد الإماراتيون من إسرائيل تقديم ضمانات علنية بأنه بعد هزيمة "حماس" بالكامل، سيتم السماح لـ"الفلسطينيين الأبرياء" بالعودة إلى المناطق التي فروا منها، وسيتم الترحيب بالأموال الإنسانية من أماكن مثل الإمارات، وأن يتم التراجع تماما عن حصار غزة والذي فرضته إسرائيل منذ سيطرة "حماس" عليها عام 2007.
وفي الأخير، يقول الكاتب إن الإماراتيون يتخوفون من أن تبالغ إسرائيل في "انتقامها المشروع" من "حماس" لدرجة تخسر معها "أصدقائها العرب"، لتكون تل أبيب متورطة في دورة انتقام جهنمية تشبه تلك التي حدثت خلال "حرب البسوس" التي اندلعت لمدة 40 عاما بشبه الجزيرة العربية قبل الإسلام لسبب تافه، لكنها استمرت بسبب دورات الانتقام، وفي النهاية وجد المنتقمون أنفسهم وحيدي نبعد أن تخلى عنهم الجميع.