يوسف حمود - الخليج أونلاين-
منذ أن بدأت عملية "طوفان الأقصى" ضد الاحتلال الإسرائيلي، بدأت معها الحرب الدعائية على المقاومة الفلسطينية وشيطنتها، من خلال حسابات إلكترونية تتماهى بين المغردين العرب في إطار محاولة إثارة الفتنة وصولاً إلى تجييش الرأي العام ضد الفلسطينيين.
وكُشف مؤخراً عن قيام لجان ذباب إلكتروني من خلال استغلال أسماء وحسابات إسرائيلية ذات صلة بمجتمع الاستخبارات الإسرائيلي، تتماهى بين المغردين العرب، وتقوم بالهجوم على المقاومة وشيطنتها، اتهمها البعض بأنها ترجع لحسابات سعودية لكنها تقمصت في صورة شخصيات يهودية لإدانة "حماس" وتجييش رأي عام ضدها.
وعلى الطرف الآخر تظهر أصوات سعودية تدعو إلى وقف التماهي مع الحملات الإعلامية الواسعة وتجاهل أي محاولات لإثارة الفتنة، خصوصاً بين السعوديين والفلسطينيين، والعمل معاً لفضح مجازر الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني.
ذباب إلكتروني!
ووسط الضجيج على مواقع التواصل الاجتماعي بين مهاجم للفلسطينيين وآخر يهاجم السعودية على وقع الاعتداءات الإسرائيلية على غزة، كشف تقرير حديث لمنصة "إيكاد" للتحقيقات عن أسماء شخصيات إسرائيلية حقيقية، تعمل ضمن لجان ذباب إلكترونية لها علاقة بمجتمع الاستخبارات الإسرائيلية.
جاء هذا التقرير استكمالاً لما بدأته المنصة الشهيرة منذ عدة أشهر من تحقيقات رقمية دقيقة ومطولة، تكشف حقيقة لجان إسرائيلية تتماهى بين المغردين العرب وتحاول العبث بالرأي العام العربي لصالح أجندة واضحة.
نُشر التقرير في الثامن من أكتوبر الماضي، حينما كشفت المنصة على صفحتها بموقع "إكس"، عن تتبُّعها لحسابات سعودية مثل (تمر، وحضارات السعودية 1727، وحمد العتيق، والكعام)، وكشفت اللثام عن تفاصيل تلك الحسابات.
تقوم الحسابات بشن حملة ممنهجة ضد حركة حماس والمقاومة الفلسطينية بصفة عامة، كما وصفت بعض تلك الحسابات بـ"السعودية الصهيونية"، في حين تقدم بعضها الرواية الإسرائيلية نفسها وتردد العبارات والتعبيرات الصهيونية نفسها، حيث ركزت على إدانة ما سمته "استهداف المدنيين الإسرائيليين".
كما تحدثت أن ما يحدث مجرد "مسرحية" بين المقاومة وحماس هدفها جمع الأخيرة للمال، فيما عزف آخرون على الدور الإيراني في الحرب وأن طهران من دفعت لذلك، وعليه يجب محاربتها وتقليم أظافرها.
لغة ركيكة
كما يغردون بلهجة سعودية ركيكة لا تتناسب مع هويتهم السعودية المزعومة، غير أنهم يرددون السردية ذاتها المؤججة للفتنة بين الشعوب العربية.
يظهر تحليل الحسابات عدة أنماط في التغريد متكررة بشكل واضح، أولها أنها تحاول إظهار العداء الوهمي للحسابات الإسرائيلية.
فمثلاً حساب "فهد الجبيري"، الذي كان ضمن شبكة الحسابات المركزية هاجم الصحفي الإسرائيلي إيدي كوهين في عدة تغريدات، ثم ينشر السردية الإسرائيلية ذاتها التي ينشرها الأخير.
أما حساب "الكعام"- وفق تحقيق "إيكاد"- "فستجد أنه كذلك هاجم إيدي كوهين، وأنه في موضع آخر اتفق معه وأيده.. ولكن ما الذي يعنيه ذلك؟ يعني أنه شخصية مماثلة للشخصيات التي تقوم بالتفرقة بين نشطاء مواقع التواصل".
موقف مختلف
وعلى الرغم من ذلك، يظهر وجود بعض الشخصيات السعودية الحقيقية التي تهاجم فلسطين والشعب الفلسطيني، كالإعلامي السعودي رواف السعين الذي طالب من قبلُ رئيسَ حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بحرق الفلسطينيين الذين اتهمهم بالخيانة.
وقال السعين: "مستعد أنام عند يهودي ولا أنام عند فلسطيني"، وتابع: "ليس لكم أرض وليست لكم قضية، فالقضية قضية (إسرائيل)".
ولبعض الشخصيات المعروفة أيضاً مواقف مماثلة كالداعية السعودي فهد بن سليمان الفهد، الذي سبق أن قلل من شأن التظاهرات التي شهدتها معظم بلدان العالم العربي والإسلامي– باستثناء السعودية وبعض البلدان الأخرى– دعماً للفلسطينيين.
وقال "الفهد" بكل وضوحٍ: إن "المظاهرات لأجل غزة ليست من الدين وإذا رأى ولي الأمر الصلح مع (إسرائيل) في هذا الوقت سمعنا وأطعنا، والذين يعارضون ولي أمر في ذلك فهم ليسوا من السُّنة في شيء".
لكن في المقابل فإن موقف معظم السعوديين جاء متضامناً وداعماً لغزة وسكانها وضد الاحتلال الإسرائيلي، حيث نشر بدر الحارثي تغريدة في "إكس"، بها مقطع لخطيب الحرم المكي الشيخ صالح بن حميد، الذي قال فيها: إنه في فلسطين وأحداثها "تبرز وحدة الأمة الإسلامية .. ومن أولويات سياسة المملكة، الوقوف مع الأشقاء".
أما الكاتب السعودي طلال صالح بنان، فقد كتب في مقال له بصحيفة "عكاظ" السعودية، مدافعاً عما يقوم به الفلسطينيون، قائلاً: إن العالم يرى أن سعيهم "لاستعادة حقوقهم غير القابلة للتصرف إرهاب، بينما شن (إسرائيل) حربَ إبادةٍ ضد الفلسطينيين عمل مشروع للدفاع عن النفس!".
ويرى أن العالم "يشيطن تشبث الفلسطينيين بالأرض بأنه عمل إرهابي، بينما ارتكاب (إسرائيل) جريمة التهجير القسري لإفراغ فلسطين من أهلها عمل مشروع، في إطار حق الدفاع عن النفس!".
كما يرى ذلك "سردية لعنصريةٍ بغيضة، يُراد من ورائها تمرير جرائم ضد الإنسانية في حقِ شعبٍ كل ذنبه أنه: يناضل ليحيا حراً بسلام، مثل بقية شعوب الأرض، في دولة مستقلة ذات سيادة".
ويؤكد أن حرب غزة "كشفت الجميع، وظهر بعض الغرب على حقيقته؛ العنصرية، المفعمة بالكراهية للعرب وللمسلمين، والإنسانية".
وقف التفرقة
وكان للمؤثرين دور كبير في الدعوة إلى وقف تبادل الاتهامات والتفرقة بسبب الأحداث في غزة، حيث نشر المؤثر هشام باعشن على صفحته في "إنستغرام" دعوة للجميع إلى وقف أي تعامل مع من يرغبون في بث الفتنة بمواقع التواصل الاجتماعي.
وعقب الحملة التي دشنتها السعودية لجمع تبرعات لفلسطين، نشرت منصة "خبر عاجل" السعودية تعليقاً في منصة "إكس" (3 نوفمبر 2023)، قالت فيه: "السعوديون أصحاب أفعال وليس أقوال أو شعارات، حتى الآن.. أكثر من 151 مليون ريال تبرعات".
وعلق فيصل العبد الكريم، على الحملة السعودية بقوله: "انتهى اليوم الأول بمبلغ 146 مليون ريال.. وأيضاً عدد المتبرعين الذي تجاوز ربع مليون (..) هذه هي القيادة السعودية وهذا الشعب السعودي، والحملة لإخواننا مستمرة".
أما الداعية السعودي الشيخ صالح المغامسي فقد علق قائلاً: "كانت المملكة العربية السعودية- قيادة وشعباً- وما زالت وستبقى بعون الله، المعينَ الأول والنصير الأكبر لقضية فلسطين سياسياً ومادياً ومعنوياً".