أيمـن الـحـمـاد - المدينة
يطرح نشر موقع «ويكيليكس» وثائق ومراسلات تم الحصول عليها عن طريق هجوم إليكتروني تعرضت له وزارة الخارجية أوائل الشهر المنصرم؛ الكثير من الاستفهامات حول الهدف من نشرها وتوقيته، ومن يقف وراء هذا الهجوم الإليكتروني؟ وكيف يمكن أن نتعامل معه؟
في البدء يجب أن ندرك أن أدوات الحرب ومفهومها اليوم يتحور ليغدو مفهوماً آخر، فنحن اليوم بصدد حرب جديدة غير مادية، بمعنى ليست حرباً عسكرية لا تستخدم فيها أسلحة تقليدية ولا تقع أحداثها على الأرض ولا في الجو أو البحر، بل مكانها وجبهتها هو فضاء الانترنت أو (الفضاء السيبراني).
في الرابع من شعبان الماضي حدث هجوم إليكتروني على موقع وزارة الخارجية، والحصيلة مجموعة من المستندات والوثائق والمراسلات الاعتيادية والسرية بين الوزارة في الرياض والبعثات الدبلوماسية، ستستغل لاحقاً وتوظف سياسياً في المقام الأول، وهو ما حدث أول من أمس من خلال نشرها على موقع «ويكيليكس»، مع إمكانية الاستفادة منها تجارياً عبر عمليات مشبوهة.
في الواقع يجب علينا أن ندرك أن المشهد العربي بعد «الربيع» شابه الارتباك، وحالة من ضياع القيادة في المنطقة، لكن المملكة استطاعت إدارة الأزمة والموقف واحتواء تداعيات هذه الفوضى، وكانت في مستوى الحدث ما جعلها قادرة على تصدّر المشهد وهو ما أغضب بعض الدول.. وبالنظر إلى التاريخ الذي حدث فيه هذا الهجوم يتبين أنه تزامن مع قيام المملكة بعملية «عاصفة الحزم» التي كان لها تأثيرات إقليمية ودولية واسعة مع إجماع عربي كبير حول القيام بها، لذا رغبت تلك الأطراف ورأت أن من الواجب إلحاق الضرر بحالة الإجماع العربي حول هذا القرار المحوري، وكان لابد من زعزعة الثقة بينها وبين المملكة؛ فكان أن حدث الهجوم وتلاه نشر هذه المعلومات والوثائق.
كما يجب ألا نغفل بأن المملكة اليوم تخوض حرباً مفتوحة ضد الجماعات الإرهابية في عديد من الأماكن، وتتعاون مع الدول دون استثناء في تلك الحرب، وبالتالي فإن احتمالية قيام الجماعات الإرهابية نفسها أو استئجارها لقراصنة للقيام بهذه الهجمات وارد ولا يمكن استبعاده.
إن الهجوم الذي تتعرض له المنشآت الحساسة في المملكة من الخارج ليس جديداً، فقد سبق وأن تعرضت شركة أرامكو إلى هجوم إليكتروني كان بهدف التأثير على تدفقات النفط، كما تتعرض منشآت أخرى لهجمات مماثلة إما للحصول على معلومات أو إحداث تخريب. كما أن الكثير من المرافق الحكومية أو التجارية هي عرضة لمثل هذه الهجمات.. وبالتالي فإن ما تعرّض له موقع وزارة الخارجية يطرح استحقاقاً مهماً ويدق ناقوس الخطر من أجل تحصين المواقع الإليكترونية بشكل أكبر خصوصاً مع التربّص الذي يحدث على مستوى مؤسسات حكومية أجنبية من خلال جيوش إليكترونية معززة بتكنولولجيا حديثة، مع ضرورة الاعتماد بشكل مباشر على الكوادر الوطنية السعودية وعدم تمكين الفنيين الوافدين من التعامل مع الشبكات الخاصة بالوزارات والشركات الحكومية، فالخطأ البشري هو ما تعتمد عليه تلك الهجمات ومن خلال ذلك الخطأ تسهل عملية الاختراق.