الراية القطرية-
قال فضيلة د. عيسى يحيى شريف إنه ما من إنسان إلا لديه من العقل والإدراك ما يصرفه عن الضرر ويدفع به إلى الشيء النافع.
وأشار في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بمسجد علي بن أبي طالب بالوكرة إلى أنه في كل مجتمع توجد حكومة وقضاة لمنع وردع الجاني والانتصار للمظلوم، بينما الإنسان المسلم هناك شيء آخر بالإضافة إلى ذلك يضبط تعاملاته وسلوكياته ويأخذ به إلى طريق الخير والصلاح ألا وهو الإيمان مستشهدا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم (الإيمان قيد الفتك).
عقل المنع
وأوضح د. عيسى أن معنى"قيد الفتك" أي عقل المنع الذي يحجز صاحبه عن المساوئ ويدفع به نحو المنافع، ويدله على طريق الخير ويحجزه عن الشر.
وذكر الخطيب أن أكثر وأعظم نداء الله عز وجل وخطابه في القرآن هو لعباده المؤمنين، لما لهم من المنزلة العظيمة حيث ورد النداء من الله للمؤمنين (يا أيها الذين آمنوا) في تسعة وثمانين موضعاً في عشرين سورة من القرآن الكريم.
وأكد أن الخطاب بالنداء يدل على الاهتمام به، لأن النداء يحصل به تنبيه المخاطب فيدل على العناية بالخطاب والمخاطبين.
ودلل على أهمية هذا النداء بقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (إذا سمعت الله يقول: (يا أيها الذين آمنوا) فأرعها سمعك، أي فأصغ لها سمعك، فإن بعدها أمراً تؤمر به أو نهياً تنهى عنه.
نداءات كثيرة
وأضاف خطيب مسجد علي بن أبي طالب: حين نقرأ تلك النداءات نجد فيها (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته) يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة) (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد).
وبين أنه من العجائب أن هناك سورة واحدة في القرآن ورد فيها نداء (يا أيها الذين آمنوا) ستة عشر مرة وهي سورة المائدة.
ونبه إلى أن القرآن يذكر المؤمنين بكل فضيلة، موضحا أنه حين نستعرض صفات المؤمنين في القرآن نجد أن الله تعالى وصفهم بكل فضيلة وبرأهم من كل رذيلة، كما أنه يصفهم بأنهم أصحاب هدى وينزههم من كل ردى، وإذا ذكر صفات ذميمة يقول بعدها (وحرم ذلك على المؤمنين) وإذا ذكر خسارة محيطة بالإنسان يقول بعدها (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات) كما في قوله تعالى: (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر).
الفضائل المحمودة
وأكد أن المؤمنون مذكورون للفضائل المحمودة ومنزهون في الصفات المذمومة، ودلل على ذلك بحديث أبي هريرة رضي الله عنه حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا ينتهب نهبة حين ينتهبها وهو مؤمن وإياكم وإياكم) أي احذروا الوقوع في المعاصي التي لا يقع فيها المؤمنون.
ونوه إلى أن الصحابة الكرام رضي الله عنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: (والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن، قالوا: من هو يا رسول الله؟! قال: من لا يأمن جاره بوائقه) أي لا يأمن شره، متفق عليه، وقال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) متفق عليه.
نصوص الوحي
ومضى إلى القول: لقد ورد في نصوص الوحي أن المؤمن عنده ملكه وقدرة على إغلاق منافذ الشيطان التي يتسلل منها إلى المسلم، فالشيطان يأتي المسلم حال الغنى والسراء فيصده عن الشكر ويأتيه حال المرض والابتلاء والضراء فيصده عن الصبر، لكن المؤمن ينجو من هذا.
وقال الخطيب إن النبي عليه الصلاة والسلام تعجب من ذلك فقال: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له).
التأمل الجيد
ودعا المصلين إلى التأمل جيداً في قوله (وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن).
وأشار إلى أننا حين نستعرض البشائر التي بشر الله بها عباده المؤمنين وذكرها في القرآن فإننا نجد العجب، حيث أخبر سبحانه وتعالى أنه يدافع عنهم (إن الله يدافع عن الذين آمنوا) وأنه يحبهم ويحبونه (والذين آمنوا أشد حبا لله).
وقوله (يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) وأنه معهم (وأن الله مع المؤمنين) وأنه ينصرهم (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) وأنه ينجيهم (وكان حقاً علينا ننجي المؤمنين) وأنه سبحانه وتعالى كتب لهم الفلاح، (وأولئك هم المفلحون) وأنه وعدهم بالنصر والغلبة والاستخلاف والعزة والقوة (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً) وأنهم أصحاب الجنة حيث قال (إن الذين آمنوا وعملا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا خالدين فيها لا يبغون عنها حولاً).