دعا فضيلة الشيخ الدكتور محمد حسن المريخي إلى استغلال شهر رمضان المبارك في الأعمال الصالحات وترك المنكرات وجعله نقطة تحول في حياة المسلم، يتوقف عندها يراجع نفسه وعمله وحاله مع ربه، ويتطهر فيها من ذنوبه وآثامه ويجعلها بداية جديدة في حياته. وقال، في خطبة صلاة الجمعة بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب أمس: إننا في قرون الدنيا الأخيرة التي تهب فيها الفتن بقوة شديدة، فتصهر الناس وتذيب ما عندهم من العقائد والثوابت وتقلب أحوالهم وتفقد بعضهم دينه، يقول صلى الله عليه وسلم "بادروا بالأعمال الصالحة فستكون فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا".
وأضاف الشيخ المريخي: نحن فيما يُسمى بعصر العولمة وإلغاء الحواجز والموانع والحدود وفتح الباب على الممنوعات، فما أحوجنا نحن المسلمين اليوم للقرآن العظيم أكثر من ذي قبل ليحفظنا من هذه الدنيا وما فتح فيها حتى لا تنصهر وتذوب وتتحول.. ما أحوجنا إلى القرآن يميز لنا بين الخبيث والطيب وقد اختلطت علينا الأوراق وتداخلت علينا الأمور".
وقال فضيلته إنّ الله تعالى جمع في رمضان جميع الفضائل والمنازل والمقامات، فالصيام الذي ترجون ثمرته الكبرى التقوى وترجون فضل الله بمغفرة الذنوب"من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه".. إن العبد يرجو أن يباعد الله تعالى وجهه عن النار"ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً" كما يرجو العبد الفرحتين للصائم "يوم فطره وعند لقاء ربه".
وذكر أن المسلمين يتطلعون إلى الولوج من باب الريان الذي خصصه ربنا عز وجل للصائمين يدخلون منه إلى جنات النعيم وتشرئب أعناقهم للشفاعة يوم الدين حين يأتي الصيام شافعاً يقول "أي رب منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه فيشفع وتقبل الشفاعة".
الجزاء الكريم
وقال الخطيب إن أعظم ما يتطلع إليه المسلم الصائم هو الجزاء الكريم من المنان سبحانه لأن الصيام صبر على الطاعة وعن المعصية وعلى الأقدار المؤلمة، والله تعالى يقول "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب".. ويقول تعالى في الحديث القدسي" كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به".
وأضاف أن شهر رمضان هو شهر القرآن أنزله الله تعالى في مثل هذه الأيام المباركات "إنا أنزلناه في ليلة مباركة"، وإن الناظر فيه ليجد هذا واضحاً جلياً، فالقرآن في رمضان يختلف عنه في غيره من الشهور والأيام، فالقرآن يقرأ في الشهر بشكل لا مثيل له، يتلى آناء الليل وأطراف النهار، في المساجد والبيوت في الإذاعات والمحطات في الصلوات والخلوات، فأشرقت الأرض بنوره وتبارك الليل بكثرة التاليين له المصلين المتعبدين لله تعالى واكتظت المساجد بالعباد.
تحول الثقافات
وذكر خطيب الجمعة أن دنيانا اليوم صائرة إلى ثقافة واحدة هي ثقافة البطن والفرج، ما أحوجنا للقرآن اليوم نقرؤه ونتدبره ونصدقه ونقف على ما نصح به وحذر منه، نطالع وعده ووعيده وتبشيره وتهديده، ففي القرآن خبر من قبلنا ونبأ ما بعدنا وحكم ما بيننا، نطالع حسن عاقبة المتقين ونحذر سوء عاقبة المكذبين"قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين" نريد القرآن ليحفظ علينا لسان العربية لسان الوحي فقد اغتر أكثر الناس بالدنيا فهجروا العربية وركضوا وراء الألسنة الأخرى طمعاً في دنيا أو متاع.
متغيرات الدنيا
وأوضح أن القرآن الكريم مطهر لقلوبنا وأنفسنا وبيوتنا من الشياطين حافظ لنا من الزيغ والانزلاق، ففي النفوس قلق وحيرة وفي الصدور ضيق وكآبة"الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم ألا بذكر الله تطمئن القلوب". وأكد أن حاجتنا للقرآن اليوم شديدة ماسة لأنه وحده القادر على مواجهة متغيرات الدنيا الكفيل باستقامة الأمور والإبحار بين أمواج الدنيا العاتية، من اعتصم به نجا ومن أهمله ولى مدبراً منصهراً.
ووصف رمضان بأنه نقطة يتوقف عندها المسلم يراجع نفسه وحاله وعمله ويتفقد نفسه ومعتقده، يراجع حاله مع ربه عز وجل والدين والشريعة.
لقد أخذت الدنيا أقواماً من الناس بعيداً عن رحاب ربهم حتى أنستهم عبادة ربهم فهم اليوم أبناؤها وطلابها، يعيشون في الدنيا كأنهم لن يموتوا أبداً "وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون" لم يعد للبعض بر ولا إحسان ولا تدين للواحد الديان"نسوا الله فأنساهم أنفسهم" أخطأوا في أنفسهم وفي حق ربهم ورسولهم ودينهم وإسلامهم ، أخطأوا في حق والديهم وأرحامهم ، في حق ناسهم وأوطانهم ، أخطأوا في فكرهم وثقافاتهم وأمتهم.
الراية القطرية-