انعقدت صلاة الجمعة في جامع الإمام الصادق في بلدة الدراز، وذلك بعد نحو شهر من تعليق إقامة الصلوات جماعة في مساجد البلاد، احتجاجا على الهجوم الخليفي المتجدد الذي استهدف الشأن الديني والشعائر الدينية وعقائد السكان الأصليين.
ورغم الحصار العسكري الخانق على البلدة، والذي امتد منذ أكثر من ٢٠ يوما؛ فقد توافد المواطنون من مختلف البلدات إلى الجامع، كما حضر العلامة السيد عبد الله الغريفي، والشيخ محمد صنقور لإقامة الصلاة وإلقاء الخطبة، وذلك رغم القرار الخليفي الذي قضى بمنعه من الصلاة والخطبة في جامع الدّراز، الذي يعتبر أكبر جامع تُقام فيه صلاة الجمعة في البحرين.
وفي خطبة الصلاة، وصف الشيخ صنقور التصعيد الخليفي الأخير بأنه كان له “وقع الصاعقة”، وعلى رأس ذلك استهداف آية الله الشيخ عيسى قاسم، وقال إن ذلك “طامة كبرى” وكان “لها وقع الصاعقة على القلوب”.
وعلى وقع هتافات المصلين وشعار “لبيك يا فقيه”؛ أوضح بأن استهداف الشيخ قاسم أوحى بأن “الطائفة برمتها مستهدفة، في وجودها وتاريخها وشعائرها”، مشيرا إلى دور الشيخ قاسم التاريخي في الحفاظ على “السلم الأهلي” و”الوحدة الوطنية” و”نبذ الطائفية”، وتساءل: “أليس هو المؤثر الأكبر في حماية النهج السلمي في أحرج الظروف وأدق المواقف التي كانت تقتضي بطبعها الإنزلاق؟”.
وقال إن الشيخ قاسم “رجل وطني” و”قامة شامخة”، وأن يستحق “التكريم والإكبار والإجلال”، محذرا من “تعميق القطيعة” عبر استهداف الشيخ قاسم، والذي “لن يعود بمحصل نافع لهذا الوطن”، وفق تعبيره.
وفي سياق الخطبة، قال الشيخ صنقور إن “التطورات الأخيرة (..) مهولة ولم تكن منتظرة” بالنظر إلى ما سماها بـ”المعطيات الموضوعية”، وأوضح بأن لهذه الأحداث “ارتدادات يشق على العقلاء التنبوء بمداها وحجم خطورتها”، مشددا على أن الشعور العام إزاء “هذه التطورات” كان يشير إلى أن “الطائفة بقضها وقضيضها مستهدفة في وجودها وتاريخها وهويتها وشعائرها”، داعيا إلى العمل بمقتضى “العقل” و”المراجعة” و”التروي” و”إمعان النظر في أثر هذه التطورات وتداعياتها”، مؤكدا في الوقت نفسه بأن معالجة “ابتلى به الوطن ليس عسيرا ولا مستصعبا”، وأن الطريق إلى ذلك يكون عبر “مد الجسور والإصغاء لهواجس الناس وتطلعاتهم” والابتعاد عن “مشاعر الغضب” التي لا يمكن أن تدير البلاد، بحسب تعبيره.
وأضاف الشيخ صنقور بأنّ من “أهم الأسباب” التي أدت إلى “تعقيد الأزمة وإطالة أمدها” في البحرين هو “فقدان الثقة بين أطرافها”، والذي جاء بسبب “إنكاء كل طرف على نفسه”، محذرا من الذين “يروق لهم توسيع الهوة وتغليظ الحواجز” انطلاقا من “دوافع طائفية وشخصية”، وقال إن هؤلاء يعلمون على “تعميق هواجس” النظام ومخاوفه “وذلك بالتحريض والكذب والإفتراء والتوظيف الماكر للأزمة الطائفية بالمنطقة”، ونبّه إلى خطورة “الإصغاء” إلى هؤلاء.
وثمّن الشيخ صنقور بجمعية الوفاق وأعضائها، وقال إنها لم “تكن يوما ما عائقا في طريق معالجة الأزمة الراهنة”، وأن قياداتها عملت في هذه الطريق، وأنهم لازلوا على “استعداد كامل في المضي في هذه الطريق”، ولكنه شدد على أن إغلاق الجمعية “لا يقع في إطار الحل للأزمة، بل يقع في إطار التعقيد لها”، وفق قوله.
وختم الشيخ صنقور خطبته بالتأكيد على “التواصل” و”الدفع بالتي هي أحسن” في معالجة ما يجري في البلاد.