د.حمود الحطاب- السياسة الكويتية-
الدولة التي تصنع رجالا منكسرين ضعفاء تستطيع أي دولة أن تسترقها وتستعبدها , ووزارات “الأوقاف” التي تذل خطباءها حتما ستبني اتجاهات دينية مضطربة ومهزوزة عند الناس , لأن الناس كما تشاهدون, عالميا وعربيا ومحليا, يتبعون الخطاب الديني ,والفطرة البشرية تقودهم وتساعدهم في هذا , فإذا كان الخطاب الديني مملوكا وليس مالكا , عبدا وليس سيدا فأبشروا فإن خطاب التطرف سيجد له مرعى ومرتعاً خصبا يعيش فيه ويعشش في قلوب الخلق وأدمغتهم.
الخطاب الديني المهزوز هو صانع بكتيريا التطرف لو تعلمون. وهو يعني قتل روح الخطيب الدينية وإذلالها أو الاعتماد على خطباء مذلولين جاهزين, صناعة ذل جاهزة لمن يريد, اذلتهم الأنظمة أو أذلهم كل مذل, ووزارة “الأوقاف” قضت من عمرها سنوات طويلة تضطهد الخطباء وترعبهم وتقلل من شأنهم فكيف تريدون من الخطيب أن ينهض بالفكر المستقيم ويحارب جرثومة التطرف وهو كسير العين والنفس وكسير الوظيفة وعبودية إدارتها, فعلى نفسها جنت براقش إذا عشش التطرف وتربى وانتعش في مجتمعنا أو مجتمع يذل قيادييه الثقافيين.
وإذا كان هناك أحد يشكك في هذا الكلام فما معنى أن يوقع مؤذن المسجد ويوقع إمام المسجد خمس مرات في اليوم? يوقعون على ورقة كل صلاة تدل أنهم صلوا! يا للهول مما صنعوا ومما جهلوا.
وزارة الأوقاف أفقدت سلاحها مضاءه وعزيمته وكسرته بهذه الإهانة فكيف تواجه بسلاح مثلوم جبروت التطرف الذي يستخدم أسلحة الشيطان وكل سلاح لينفذ إلى عقول الناس وقلوبهم ومن غير مقاومة تذكر. وزارة “الأوقاف” بمثل هذا العمل أهانت الخطباء وأشعرتهم بعدم أهميتهم كدعاة وكمربين وموجهين للثقافة وبانين للفكر ومحاربين للغلو وجعلتهم بهذا التوجه الضعيف الخائف جعلتهم مجرد موظفين, مع ملاحظة نزع الثقة منهم , فما معنى أن يوقع الخطيب في كل شهيق وزفير حتى يثبت ل¯ “الأوقاف” أنه دمية في المسجد , وأنه مجرد آلة تسجيل تصلي في الناس وأنه عبد مربوط بسلاسل التوقيع ,وأنه لولا التوقيع لأبق هذا العبد.
وهذا التوجه في وزارة “الأوقاف” قد حكى من جانب آخر فشلا إداريا ذريعا, فليس هكذا يقاد الناس في الأحول العادية, وبالطبع ليس هكذا يقاد المثقفون والعلماء والمفكرون. لقد كان عند هذه الوزارة درر لكنها لضعفها في فهم فن الإدارة ولخور عزيمتها سنوات طويلة قد استعملت هذه الدرر في غير موضعها,وجعلتها في الطين وأطفأت بريقها. كجاهل أعطي قنبلة ليدافع بها ضد الأعداء فأخذ يلعب بها الكرة حتى انفجرت به وبمن حوله… انفجرت بالخطيب والاوقاف والمجتمع الذي لم تحسن إيصال التوجيه له في خطاب ديني معزز مكرم يتحمله معزز مكرم.
المطلوب نهضة دينية يقودها خطباء وعلماء تتبناهم من جانب وزارة “الأوقاف” وتحترمهم وتكرمهم وتعززهم وتفتح لهم كل مجال لينموا أنفسهم في ظل أهداف مرسومة يعمل الجميع على تنفيذها بعلمية وفنية واقتدار.
وخل عنك مواثيق الوزارة مواثيق الخطباء وما هي غير حبال إذلال وتربيط وتوثيق وتقييد في منابر ومآذن المساجد وفي أعمدتها. لوائح جعلت العديد من الخطباء ألواحاً.