الراية القطرية-
قال فضيلة الشيخ عبد الله النعمة إن أحوال الأمة الإسلامية لن تصلح إلا بالرجوع إلى الدين والاستعانة بالله، لا الرجوع إلى الشرق أو الغرب، ولا بالركون إلى الذين ظلموا. وقال، في خطبة صلاة الجمعة بجامع الإمام محمد بن عبد الوهاب أمس: ما أحوجنا إلى الاستعانة بالله والإنابة إليه، في زمان قل فيه التوكل، وضعف فيه الأمل، ألا بحبل الله، "فِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ".
وقال النعمة: إن الأمة تمر في هذه الأيام بفترات عصيبة وظروف قاسية مريرة، مهما أوتي العلم من براعة وبيان ومهما بلغ اللسان من بلاغة وتبيان، فلن يستطيع تصوير الواقع المأساوي المر الذي تعيشه أمتنا المسلمة، حيث تتعرّض لهجمة كفرية علنية وصراع مصيري عنيف يشترك فيه العدو الخارجي الذي يتحيّن كل فرصة للانقضاض على المسلمين، وهناك عدو داخلي يتشدّق بانتمائه لدينها وقيمها لكنه يسعى إلى تفتيتها وإشاعة الفتن بين شعوبها وأوطانها.
وقال: إن أمتنا المسلمة ليست ببدع من الأمم، وقد كانت في مرحلة من مراحل التاريخ تتبوأ مكان الصدارة بين الأمم؛ إيماناً وعلماً، وحضارة ومجداً، وملكاً وعزاً، ثم ها هي الأمة المسلمة اليوم تنزل دركات إلى الضعف، والقهر والاستعباد، والذل والتحكم، وتلك سنّة الله تعالى التي لا تتخلف ولا تتبدل، "إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْم حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ".
وأكد أن ما تمر به الأمة من أزمة وحروب ونكبات ومصائب ومحن ما هو إلا امتحان واختبار وتمحيص، ليتبيّن الصحيح من الخبيث والشاكر من الكافر، والأمين الصادق من الخائن الكاذب.
وأوضح أن الاستعانة بالله تعالى واللجوء إليه، وإظهار الضعف والفقر والحاجة إليه، والانطراح بين يديه، من أبرز مظاهر توحيد الله وعبادته، الدالة على عظمة إيمان العبد بربه، وصلاح قلبه، وعظيم صلته بالله.
وقال: إن الاستعانة بالله تعالى هي الاعتماد على الله سبحانه في جلب المنافع، ودفع المضار، وطلب العون من الله في كل الأمور، وتلك هي وسيلة السعادة الأبدية، والنجاة الأكيدة من جميع الشرور في الدنيا والآخرة، مع الراحة والطمأنينة وهدوء البال، والسكينة.
وذكر أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان من أشد الناس تعلقاً بربه جل وعلا، يلجأ إليه ويستعين به في جميع أحواله.. قال أنس بن مالك - رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غزا قال: اللهم أنت عضدي، وأنت نصيري، وبك أقاتل. وكان من دعائه صلوات ربي وسلامه عليه: اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني، أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون.
وأشار خطيب الجمعة إلى أن الدنيا دار ابتلاء للعباد، وهو ابتلاء بالسرّاء والضرّاء، منها ما يخص الفرد كالفقر والمرض والهم والغم، ومنها ابتلاءات جماعية تصيب مدناً أو تتسّع فتشمل دولاً، أو تكون أوسع فتعم أمة كاملة. وقال: إن للمؤمن ملجأ يلجأ إليه إن عاذ به فهو معاذه، وإن لزمه فهو ملاذه، وله حصن من الحماية عظيم، إنه باب الاستعانة والتوكل على الله تعالى حين ينعقد قلب العبد على الإيمان واليقين ويملأ بالتوكل على الله تعالى ولا يتعلق بسبب مهما كان، فمن حقّق الاستعانة أعانه الله، ومن ترك الاستعانة بالله، واستعان بغيره وكله الله إلى من استعان به، فصار مخذولاً.