د.هيا عبد العزيز المنيع- الرياض السعودية-
اللهم ارحم بدر الرشيدي وأسكنه منزل الشهداء وأنزل السكينة على قلوب أهله ومحبيه.. العزاء لنا وللوطن ولأسرته في قتله غدراً وغيلة..
لم يكن مقتل بدر الأول في ممارسات إرهاب الذئاب المنفلتة وبين الأقارب ولكنه الأبشع في عدد القتلى وتداخل الرابط العائلي بين عصابة الستة إرهابيين..
ستة شباب تتراوح أعمارهم بين 28 و18 عاماً يستدرجون قريبهم لمنطقة صحراوية ثم قتله بدم بارد فقط لأنه لا يتفق معهم في انحرافهم الفكري ولأنه يعمل على حراستهم وحراسة الوطن ويتشرف بحماية الحرمين الشريفين وحماية المصلين والعاملين والمسنين والأطفال.. غدر وتحدٍّ ونحر قريب كل ذلك يرتكز على انحراف فكري جماعي لستة شباب يجمعهم رباط الدم مع الشهيد.. لم يكن شاباً واحداً المنحرف بل ستة.. هل تشرب هؤلاء هذا الفكر الدموي من أسرتهم أم من مدرستهم أم من جامعتهم أم من محيط اجتماعي فاعل في بث فكر التشدد والتطرف مما سهل تحويل هؤلاء من طبيب ومهندس ومعلم إلى قتلة ينحرون القريب لأنه يحمي الوطن..
ستة شباب من عائلة واحدة تفرض علينا جميعا وخاصة مؤسسات التنشئة الاجتماعية ومؤسسات صناعة الفكر أن نبحث عن دورنا في تكريس هذا الفكر الدموي في وجدان ستة من عائلة واحدة لماذا وصل الفكر المتشدد لهم ولم يصل فكر التسامح وحب الوطن لوجدانهم..؟ ثم هل بات وجود المتشددين بيننا غير لافت للأهل وللجار وللزميل بحيث لم يتم التبليغ عنهم للجهات المختصة قبل ارتكاب جريمتهم البشعة..
عندما يتخلى طبيب عن مهنته بما فيها من سمو وإنسانية وقيمة اجتماعية ليتحول لإرهابي قاتل بدلاً من معالج فهذا يعني أننا أمام عمل منظم وبيئة داعمة للتشدد.
هؤلاء الستة هل ستقوم وزارة التعليم بالعودة لمدارسهم للبحث عن منبع التأثير في عقولهم من معلم وآخر من مرشد أو موجه من نشاط لا صفي.. وهل ستبحث في ملفات أساتذتهم في الجامعة ونوع أنشطتهم ومحاضراتهم.. وهل ستتحرك وزارة الشؤون الإسلامية لمعرفة نوع المحاضرات التي تقام في المسجد المجاور لهم أو الذي اعتادوا ارتياده وهل ستحلل محتوى تلك المحاضرات وتحاسب القائمين بها وعليها..؟
أم سيصمت الجميع ونترك الأمر كالعادة لوزارة الداخلية لتبحث عن هؤلاء المجرمين بل وتعمل بنفسها على استراتيجية للأمن الفكري لأن المؤسسات المختصة مازالت تعمل خارج مربع هذا التحدي الوطني..؟
خروج ستة من عائلة واحدة يفرض على الجار أن يحمي وطنه وعلى الأب والأم أن يشاركا في قص هذا التطرف وعلى تطهير التعليم من شر زارعي ثقافة التطرف وتطهير المنابر من غلو المتشددين.. حين يغرد معلم مبرراً لفكر هؤلاء أو مدافعاً عنهم ثم نجده غداً متزعماً محتوى الإذاعة المدرسية والنشاط اللاصفي وملقناً لأبنائنا تطرفه، أليس ذلك معيباً بحق وزارة التعليم؟ وحين نجد نفس النمط لأستاذ جامعي ثم نجده يتحرك يميناً ويساراً في جامعاتنا أستاذاً وناشطاً ومسؤولاً في غير مكان داخل الجامعة أليس في ذلك دعم للإرهاب و تخلّ عن المسؤولية في اجتثاثه..؟ حين يتجاهل إمام مسجد استنكار عمل إرهابي في خطبته ولا يجد غضاضة في نحر من يخالفونه الرأي من المثقفين والإعلاميين في شبه تكتل لعدد من المساجد أليس في ذلك دعم لفكر التطرف والتشدد وتكريس الصوت الواحد!!
الآن نحن أمام موجة خطيرة من الإرهاب بين أعضاء الأسرة الواحدة وفي خاصرة الأمن الوطني ممثلاً برجاله..، ذئاب منطلقة بيننا حان وقت اقتطاعها بتطهير المستنقع في كافة المؤسسات من حملة الفكر المتطرف دون هوادة أو مماطلة فأمن ومستقبل الوطن فوق الجميع..