حسن الحارثي- الوطن السعودية-
تتفق الداعشية كمذهب أو حركة فكرية، لو افترضنا ذلك مع أنها ليست قابلة للتصنيف حتى اليوم، تتفق مع الفاشية الإيطالية التي قامت على هاجس إعادة تنظيم المجتمع وفق رؤية معينة ولا يكون ذلك إلا بالقوة واستخدام كل وسائل القتل والتصفيات بما يدعم الموقف السلطوي الديكتاتوري، وتكاد الداعشية تخرج من جلباب الفاشية في مسألة الولاء لقائد عنيف وحب العسكرة والقتال، الذي يأتي في ثوب الجهاد المزعوم، وهو ما يحرض عليه البعض بيننا وما زالوا يفعلون.
الإرهاب الداعشي فاشية حديثة تقوم على فرض السلطة بالقوة، وبالطبع لا وجود لفكرة الشعب ولا صوت الشعب ولا كرامة الشعب، لكن "الفاشية" رغم قسوة فكرتها إلا أنها لم تتخذ الله سبيلا للقتل ولم تنشر الفوضى وتسير أفراخها لقتل ذويهم كما يفعل الإرهاب الداعشي اللعين.
قتل الأقارب والمقربين صنيعة داعشية بامتياز لم يسبق لأي نظام سياسي أو مذهب ديني أن سبقه إليها. يقتلون الأب والأخ والرفيق بدم بارد، وحجتهم إقامة شرع الله والجهاد في سبيله، والحقيقة أنهم يقيمون شرعهم العقيم الذي يبيح لهم قتل من يريدون لمجرد الاختلاف معه، دون أي قيمة أخلاقية أو احترام للإنسانية والرحمة التي حث عليها الإسلام للحيوان قبل الإنسان.
وإذا كانت "الفاشية" قامت كردة فعل لفوبيا الاستيلاء على بلادهم من بقية الأنظمة النازية والشيوعية وغيرها، فإن الدولة الداعشية ليس لديها أي سبب لقيامها سوى أن مجموعة من اللصوص وجدوا فراغا سياسيا وأمنيا في المنطقة، فأقاموا دولة يزعمون أنها إسلامية لكسب تعاطف الحمقى وكارهي الحياة.
وحين تمكن الفاشيون الجدد من أن يجدوا لهم موطئ قدم على الأرض، راحوا يجندون الصغار ويغررون بهم، من أجل قتل الكفار، ومن هم الكفار، هم آباؤهم وإخوانهم وأقاربهم، ثم ماذا؟ لا شيء سوى نشر الرعب وإيحاء العالم بأنهم جبابرة ومجاهدون، وهم في حقيقة الأمر مجموعة من الجبناء الذين يغدرون بأبناء عمومتهم العزل، ويفرون من ساحة القتال، وسينتهي بهم الأمر إلى لا شيء، فهل نتحرك للجم الخطاب التحريضي في الداخل الذي يبارك قتل الكافر والمخالف أم ننتظر قيام حرب عالمية كالتي أنهت الفاشية حتى ينتهي تنظيم داعش؟