خالد السهيل- الاقتصادية السعودية-
يتعاطى البعض مع “داعش” وكأنها الابن العاق الذي شب عن الطوق. هذا كلام غير دقيق، ولكنه يطغى على تعليقات وتحليلات الكثيرين، ويرتبط بعملية جلد للذات أفضت إلى توجيه اتهامات بحسن نية من البعض، وبقصد سيّئ من عدد من الموتورين.
الحقيقة أن “داعش” نبتة سرطانية ملعونة، أوجدتها صيغة متحولة من تنظيم القاعدة المأفون،.. هذا التحول حصلت بداياته في العراق، مع دخول القاعدة إليه، بعد انفجار قضية الأفغان العرب وتوابعها من التغلغل والتسلل في العالمين الإسلامي والغربي.
تم تسويق فكرة الجهاد بطريقة مغلوطة، أشاعتها حالة الجهل والأمية الدينية المفرطة الناتجة عن عوامل متعددة.
واستمرت “داعش” في التحول في مرحلة الإرهابي الزرقاوي وانتهاء بالإرهابي المدعو أبو بكر البغدادي وبقية العصابة.
المحصلة النهائية التي تمخضت عن هذا المسخ الذي ندعوه “داعشا”، هو عبارة عن صور موغلة في السوء والبؤس والإرهاب والإجرام الذي يريد البعض ربطه بالإسلام في صورة تجسد الكوميديا السوداء التي نعيشها.
تلك السلاسل البشرية التي تمثل عصابات “داعش” تجمعها صفة العنف التي تتدثر بالغلو، إضافة إلى سلسلة مجتزأة من الأدبيات الدينية التي تم خلطها فأوجدت فكرا مبالغا في الشذوذ. والشذوذ هنا هو الخروج عن حالة الوسطية التي تمثل القاسم المشترك بين معظم المسلمين.
امتد داء “داعش” إلى الأقليات المسلمة الموجودة في أوروبا. كان بعض أبناء الجيلين الثاني والثالث هناك يعيش صراع الهوية، ويبحث عن أي قارب لركوب موجته من أجل تفريغ حالة الضياع التي يعيشونها.
هذا الأمر رأيناه في إرهابيي بروكسل وباريس، شباب تائه، دخل السجن بسبب السرقة، تحول للعنف كجزء من رحلة الضياع والسقوط المستمر.
من يقتل أباه أو شقيقه أو ابن عمه، هذا لا علاقة له بأي ملة أو دين،.. بل إنه نبت خبيث، الخلل في عقله وفي فهمه، وليس في البلد أو المذهب الديني الذي ينتمي إليه. إن “داعش” لعنة أصابت العالم، وعلاجها يحتاج إلى استحضار أدوات علاج الانحرافات الأخلاقية والفكرية الأخرى، ولا شك أن الضرب بيد من حديد دون رحمة أو رأفة هو الخيار الأول.