محمد عبّود - الخليج أونلاين-
انطلق أول اجتماع للتحالف الإسلامي بالرياض، الذي أعلنت تشكيله السعودية في 14 ديسمبر/كانون الأول الماضي، تصدياً للإرهاب، وهو ما كان ينتظره الجميع لما يحمله من أهمية تكمن في بناء الإستراتيجية العملية لهذا التحالف.
وقبل أسابيع، ذكرت صحيفة "حرييت" التركية، أن الزيارة التي شارك فيها رئيس الأركان التركي الجنرال خلوصي أكار، إلى السعودية، مع رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، بداية فبراير/ شباط، قد تمخض عنها اتفاق على مناورات عسكرية مشتركة بين الجيشين السعودي والتركي.
التقارب السعودي التركي، بناءً على الزيارات العديدة خلال الفترة الماضية، بدت سماته تطفو على السطح، في إشارة واضحة إلى أن البوصلة القادمة ستتجه إلى سوريا.
وسبق هذه الخطوات المهمة، إرهاصات عدة تلوح في الأفق، من بينها ما تحدث به القائد السابق للحرس الثوري الإيراني وأمين مجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران، الجنرال محسن رضائي، عن خشية طهران من احتمال قيام السعودية بـ"عاصفة حزم" أخرى في سوريا، على غرار ما حدث في اليمن.
وأكد رضائي، في حوار مع وكالة أنباء "فارس" التابعة للحرس الثوري في مايو/أيار الماضي، أن "الخطوة التي قامت بها السعودية في اليمن ستتواصل".
- قبول دولي للتدخل
وثمة عوامل عززت رغبة السعودية في حسم الأمور بسوريا، دون اصطدام مع المجتمع الدولي، من بينها رغبة واشنطن في إيجاد توازن على الأرض وفي المفاوضات، بالإضافة إلى اعتقادها أن الأزمة السورية شأن عربي، لا بد للدول العربية من تحمل المسؤولية فيه، بالإضافة إلى أن واشنطن سبق أن صرحت بعدم وجود شرعية لنظام الأسد الآن.
يضاف إلى ذلك أن النجاحات المتكررة لفصائل المعارضة السورية ضد نظام الأسد كان عاملاً قوياً في تعزيز المطلب السعودي، ومشجعاً في دعم وتسليح المعارضة، وإمدادها بالخطط والاستراتيجيات العسكرية.
ليس هذا فحسب، بل إن نوعية الأسلحة التي كُشف عنها النقاب في اليمن، والتقدم العسكري على الأرض، كان داعماً قوياً في إطلاق يد العرب والتفكير جدياً في تكرار التجربة بسوريا، فضلاً عن مطالب الجمهور العربي لتكرار "عاصفة حزم" بسوريا.
- آليات التدخل
ويرى خبراء أن حجم الدول المشاركة في التحالف الإسلامي سوف يعزز فرص التوازن بين الأطراف المتصارعة في سوريا، مستبعدين في الوقت ذاته فكرة دخول تركيا بقوات برية في سوريا.
ويعتقد مراقبون أن السعودية قد ترفض هذا التدخل لاعتبارات قومية مرتبطة بالمنطقة، ولكون سوريا دولة عربية، ومن ثم فإن السيناريو الأقرب يكمن في تسليح المقاومة بأنواع حديثة، مع توفير غطاء جوي سعودي.
أمر آخر، وهو أن التدخل العسكري الخارجي في سوريا، في ظل الوجود الروسي، تحفه كثير من المخاطر، قد يدفع المنطقة كلها للوقوع في براثن حرب لا تنتهي في القريب العاجل، وعليه؛ فمن المحتمل أن يكون التحرك السعودي هو مجرد إشارة وضغط لحسم الأمر سياسياً وعلى مائدة المفاوضات.
- بديل مطروح
وتجنباً لمثل هذه السيناريوهات القاتمة، فقد رجّح خبراء إمكانية دعم المعارضة بحيث تتحول إلى منظومة قتالية قوية توازن الطرف المضاد لها.
عزز من مثل هذه الفرضية، الإنهاك الحالي الذي أصاب قوات بشار الأسد، مما جعلها تفقد زمام المبادرة في كثير من المناطق، ومن ثم دفع الأطراف الداعمة لبشار الأسد إلى زيادة الهجمات ضد المعارضة، لشعورهم بالعجز عن إمكانية إنقاذ بقاياه، وإمكانية إعادة تأهيله، في إشارة إلى تغير لغة إيران ومطالبتها بالتفاوض.
وعليه؛ فقد شكّل هذا المناخ فرصة قوية للدول العربية الداعمة للمقاومة والرافضة لوجود الأسد، إلى استثمار كل ما تملكه من أوراق لخلق حالة من التوازن في التفاوض أو على الأرض.
- الداعم التركي
وتقول الترجيحات إن المعادلة الرابحة في الصراع الحالي، تكمن في أن ينأى الجانب التركي عن الدخول المباشر في صراع مفتوح بسوريا، ما دام أنه يمكنه الاعتماد على وكلاء يثق بقدراتهم في تحقيق الأهداف بأدنى تكلفة، وبمخاطر أقل.
وقد يعزز التدخل التركي في سوريا من الصراع العرقي بين الأجناس المختلفة في الداخل السوري، فضلاً عن تخوفات أنقرة من عدم السيطرة على الصراع، لتتسع الهوة، وتصيب إسرائيل الجارة، فيقع صدام عسكري مباشر معها.
لذلك، فإن أغلب الآراء رجحت أن تميل السعودية وتركيا إلى تعزيز المقاومة وتسليحها لخلق التوازن المطلوب دون الخوض في أتون حرب لا يُعرف عواقبها.
وليس من المستبعد تشكيل تحالف تركي سعودي لحسم الملف السوري، مدعوماً بدول عدة، يعتمد أساساً على المنظومة الأمنية الخليجية، التي باتت تؤدي دوراً قوياً في اليمن، وقد صعدت من غاراتها مؤخراً في محاولة لحسم الأمر أو لترجيح كفة الجيش اليمني التابع للرئيس هادي، ليكون رسالة إلى نظام الأسد بإمكانية خلق توازن على الأرض السورية عبر المقاومة وتأهيل فريق معارض يمكنه تحمل كامل المسؤولية لإزاحة الأسد عن سدة الحكم.