الرياض السعودية-
أصدر مجلس الشورى مؤخرا توصية واقتراحا تم توجيههما إلى وزارتي العمل، والشؤون البلدية والقروية، تطالب بإغلاق محلات التموينات الصغيرة، وقصر رخص محلات التجزئة على المحال الكبيرة القادرة على توظيف أكثر من سعودي وسعودية، وقد لاقى هذا الاقتراح ترحيبا من الاقتصاديين ورجال الأعمال والمواطنين، مشيرين إلى أن لمثل هذا القرار الكثير من الإيجابيات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وزيادة نسبة السعودة في المراكز التجارية الكبيرة، إضافة إلى محاربة التستر.
وائل مرزا الكاتب الاقتصادي، والمتخصص في إدارة الاستثمار والتخطيط المالي يقترح ضرورة تشجيع وتسهيل قيام الجمعيات التعاونية الاستهلاكية، وذلك حماية لدخل بعض الأسر الصغيرة وتحويلها إلى مساهمة في جمعيات أكبر تخدم كل حي وتنمو في أعمالها، ويرى مرزا أن لا ضرورة لغلق جميع البقالات في المملكة، ولكن من الضروري إعادة تنظيم سوق البقالات وسعودتها، وإغلاق البقالات المتستر عليها، إضافة إلى وضع تنظيمات جديدة تنظم العمل في هذه البقالات، ومن أهمها عدم إعطاء تصاريح لأكثر من بقالة واحدة في مساحة محددة يحددها النظام، وتحديد ساعات الدوام إلى التاسعة مساء، كما يجب سَعودة موزعي البقالات خاصة من المورد الأساسي.
وطالب بمشاركة الغرف التجارية وريادي الأعمال في المملكة بعمل نموذج خاص للبقالات الصغيرة لضمان جودة المواد الاستهلاكية السريعة التلف وحفظها، وتشجيع أكثر بخصوص الجمعيات التعاونية-الاستهلاكية، مشيرا إلى أن لهذا القرار مردودات إيجابية من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، ومن أهم فوائدها الإيجابية تخفيض الحوالات الأجنبية، والتي تشارك البقالات بجزء منها، من أصل ١٥٧ مليار ريال وبالتالي تحويل جزء من هذه الثروات للمواطنين كملاك، أو توظيف شريحة من العاطلين من الشباب خصوصا ما بين سني 15 سنة إلى 25 سنة، خاصة إذا تم تطبيق إغلاق البقالات عند الساعة التاسعة مساء، مشيرا إلى أن تقليص أعدادها سيساهم في نمو محلات التموينات المتبقية المسعودة، وبالتالي استطاعة دفع راتب الموظف السعودي، اما اجتماعيا فسيتم تقليص الكثير من أضرار كثرة البقالات وإدارتها من الوافدين مثل حالات التحرش، إضافة إلى توظيف شريحة مهمة من الشباب الصغار وتثقيفهم بأهمية التجارة وإشغال وقتهم بالمفيد منذ صغرهم.
أما جبريل بن سعيد العسيري -أحد رواد الأعمال- فأكد على أن هذا المقترح مقترح إيجابي يجب على الجميع أن يدعمه، وذلك لأسباب كثيرة، ومنها أن أغلب البقالات في الأحياء، وكما نعرف جميعاً مملوكة للأجانب، وإقفالها أو الحد منها يقلل من التحويلات الكبيرة للعمالة إلى الخارج، وبالتالي يوفر للوطن هذه المبالغ للعمل في الاقتصاد المحلي، كما أنها تبيع الكثير من المواد الممنوعة، أو المغشوشة، أو الفاسدة في ظل غياب الرقيب، ومن ناحية اقتصاد الأسرة فهي أفضل وأنفع لرب الأسرة؛ حيث يقل ذهابه للسوق خلال الشهر، وبالتالي توفير أفضل للأسرة، بدلا من التسوق اليومي، وربما أكثر من مرة في اليوم إلى البقالة.
وأشار العسيري إلى أن كثرة البقالات في الأحياء لها آثار اجتماعية سيئة؛ حيث تعتبر نقاط للتجمعات المشبوهة، واستغلال صغار السن والأطفال، إضافة إلى بيعهم على الأطفال مواد محظور بيعها عليهم مثل الدخان وغيره؛ حيث وجد في هذه البقالات من يبيع الدخان للأطفال بالحبة، أما من ناحية البضائع المغشوشة فالموزعون عندهم من أبناء جلدتهم، وهم لا ينتمون إلى شركات، وبالتالي فإغلاقها أو الحد منها يسهل على رب الأسرة مراقبة الأبناء من ناحية ما يأكلونه، وما يشترونه، ومن ناحية الخروج المتكرر بحجة التسوق.
ولفت العسيري إلى أن بعضهم يتحجج بقرب هذه البقالات من مساكنهم وإغلاقها فيه زيادة مشقة عليهم، فلو احتاج البيت لخبز مثلا بريال واحد فإنه لا بد من الذهاب إلى السوق البعيد، ونحن نقول إن مثل ذلك يهون أمام الإيجابيات الكثيرة المتوقعة من تطبيق القرار، وأهمها مصلحة الوطن، وحماية الأسرة والأطفال خصوصا، وربما يكون هناك بعض التعب في بداية التطبيق ولكن ستسعد بمجتمع وأسرة آمنه بعون الله، وستتغير العادات نحو الأفضل لأن الموزعين أجانب مثلهم لا ينتمون لشركات، والوافد همه في المقام الأول الربح دون اعتبار للعادات الاجتماعية، أو مراعاة لمصالح الوطن.
من جهته أشاد الدكتور عبدالله أحمد داود المغلوث -عضو الجمعية السعودية للاقتصاد- بالتوصية والاقتراح المرفوع من مجلس الشورى لوزارتي العمل والشؤون البلدية والقروية بإغلاق محلات التموينات الصغيرة، وقصر رخص محلات التجزئة على المراكز الكبيرة القادرة على توظيف أكثر من سعودي وسعودية، مؤكدا على أنها خطوة إيجابية نحو توطين الوظائف للسعوديين من خلال إغلاق المحلات الصغيرة والإيعاز إلى أسواق التجزئة والمراكز الكبيرة، بفتح فروع في الأحياء، على شكل محلات صغيرة (مني ماركت)، وبالتالي يقبل الشاب والشابة السعوديون على العمل في تلك الأحياء من خلال تلك الشركات الكبيرة والمعروفة التي تضمن له الأمن الوظيفي والتأمين والعلاج والنقل وغيرها من مميزات تشجع الشاب بالالتحاق بتلك الأسواق الصغيرة، بدلا من التفكير في سَعوَدَة البقالات التي لا جدوى لها.
وأضاف الدكتور المغلوث أن الجميع يدرك أن البقالات الحاليّة الموجودة في الأحياء، والتي تدار من قبل وافدين لا تعتبر قوة إضافية في مجتمعنا، ولا بالناتج المحلي؛ حيث إن من سلبياتها تحويل الوافدين مبالغ كبيرة عند تجميعها إلى دولهم، مشيرا إلى أن الإحصائيات تؤكد أن هناك أكثر من 150 مليار ريال سعودي تم تحويلها من العمالة خلال ٢٠١٥، ناهيك عن غسيل الأموال الذي لا يستبعد منهم، إضافة إلى أن هذه البقالات أنشطة تجارية ملائمة للتستر التجاري الذي يضر باقتصاد البلد.
وبين د. المغلوث أن غلق هذه البقالات سيكون له جوانب إيجابية تتعدى الجانب الاقتصادي إلى النواحي الاجتماعية والأمنية؛ حيث إن من المعلوم أن الكثير من العمالة في هذه البقالات يقومون بتصرفات خطيرة سلوكيا وأمنيا مثل التحرش من العمالة الوافدة ببعض مرتادي تلك البقالات، كما أن تلك البقالات هي مجمع ومكان لتمركز العمالة الوافدة من السائقين والعاطلين، وفي هذا ضرر أمني كبير، كما أن تلك البقالات عرضة للسرقات من اللصوص، علاوة على بيعها بضاعة مغشوشة أو رديئة من منتجات غذائية وغيرها، وما في ذلك من ضرر كبير على أبنائنا وأسرنا خصوصا من حيث الصحة العامة، لافتا إلى أن من المعتقد أن هناك أكثر من 15 ألف بقالة في العاصمة الرياض تدار من قبل الوافدين.
واقترح د. المغلوث القيام بتشجيع أسواق التجزئة الكبيرة بفتح فروع مصغرة لها على شكل (مني ماركت)؛ حيث من المتوقع أن تقدم أجود البضائع وأفضل الخدمات؛ حيث يمكن مراقبة تلك المراكز بسهولة من قبل مفتشين من قبل وزارة التجارة وحماية المستهلك وصحة البيئة والغذاء من قبل البلديات والجودة، وهذا ما سوف يحقق فرص وظيفية تزيد على 50 ألف وظيفة على مستوى مدينة الرياض، وبالتالي نكون قد هيئنا للشباب السعودي فرص العمل والعيش الكريم، وبراتب ومميزات يطمح لها في هذا القطاع الخاص دون الانتظار والبحث عن وظائف حكومية، كما أن في ذلك الحد من المشاكل الاجتماعية والأمنية، والحد من التستر التجاري، وتقليل أعداد الوافدين.
من جهته أثنى فايز الشهري -مدير شركة المنشآت الحديثة بالمنطقة الجنوبية- بهذا المقترح والتوصية من مجلس الشورى لوزارتي العمل والبلديات، مشيرا أن لهذه التوصية آثار إيجابية على الاقتصاد الوطني بإذن الله؛ لأن أغلب البقالات الصغيرة يتملكها الأجانب عن طريق التستر التجاري، كما أن الموزعين على هذه البقالات أجانب من نفس جنسياتهم محتكرين القطاع بشكل لا يخلو من العنصرية؛ حيث يحاربون السعودة، ويتكتلون ضد السعوديين ويعطون الأجانب أسعارا خاصة ومخفضة، أما السعوديون فيبيعون عليهم بأسعار مرتفعة.
وبين الشهري أن إغلاق البقالات أو الحد منها يساهم في القضاء على التستر التجاري لا سيما في مجال مواد الغذائية، ويؤدي بالتالي إلى فتح فرص للشركات الكبيرة للمنافسة على الخدمة، وإتاحة فرص للشباب السعودي، إضافة إلى تحسين أسعار المواد المباعة وتحسين جودتها.