إبراهيم محمد باداود- المدينة السعودية-
منذ عشرات السنين ونحن نسمع عن حملات التوعية المختلفة سواء في التقيد بالأنظمة المرورية أو التوعية بأضرار ومخاطر التدخين والمخدرات أو ترشيد استهلاك الطاقة أو استهلاك المياه أو المحافظة على البيئة أو نظافة المدن وغيرها من الحملات الأخرى التي تحرص على تصحيح سلوكيات أفراد المجتمع تجاه بعض الأنظمة أو الموارد الوطنية الموجودة.
في 18 من شعبان من عام 1425هـ أي قبل حوالى 12 عامًا انطلقت المرحلة الأولى من الحملة الوطنية لترشيد استهلاك المياه وافتتح الحملة في ذلك الوقت خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (رحمه الله) حين كان وقتها ولياً للعهد وقد أكد في كلمة له يرحمه الله أهمية توفير المياه للأجيال القادمة عن طريق الترشيد، كما أعلن معالي وزير المياه والكهرباء وقتها تطبيق حلول عملية لترشيد استهلاك الماء من خلال توزيع 3,4 مليون حقيبة ترشيد تحتوي على مرشدات مياه وذلك على مستوى المملكة من أجل المساهمة في توفير ما مقداره 30% من استهلاك المياه في المنازل يوميًا، إضافة إلى توزيع 28,7 مليون من الأقراص الملونة لكشف التسريبات في صناديق طرد المنازل إضافة إلى وضع خطة متكاملة لاستخدام أدوات الترشيد تلك في الدوائر والمنشآت الحكومية على مستوى المملكة.
اليوم وبعد حوالى 12 عامًا يصرح نفس الوزير في أحد البرامج على إحدى القنوات الفضائية بأن الدولة وخلال عشر سنوات ماضية استنفذت طرق الترشيد حيث قامت وزارة المياه منذ إنشائها بحملات توعوية للترشيد من استهلاك المياه ووزعت أدوات الترشيد على 3 ملايين منزل وكان على المواطن فقط تركيبها مشيرًا إلى أن تلك الحقيبة تخفض الاستهلاك إلى 40% ولكن للأسف لم يكن هناك تجاوبًا من قبل المواطنين.
مما سبق وبتصريح الوزير يتبين أن مسيرة التوعية للترشيد في استهلاك المياه لم تنجح وهذا حال كثير من حملات التوعية التي يتم إطلاقها بين فترة وأخرى في مجالات مختلفة والتي يعتمد معظمها على الوسائل والأساليب التقليدية كالمطبوعات الورقية والكتب والمعارض والمحاضرات ولا تجدي ولا تساهم في تحقيق الأهداف المأمولة خصوصًا إن كانت أهدافًا ترتكز بشكل واضح على معايير رقمية ولا نجني منها سوى الهدر المالي، ولذلك فقد سعى البعض ولتعويض عجز وفشل تلك الحملات إلى استخدام أسلوب توعوي من نوع آخر وهو لفت الإنتباه من خلال سداد الفواتير والمخالفات، فإن فشلت وسائل التوعية المرورية بشأن تجاوز السرعة المحددة فقد نجح (ساهر) في لفت إنتباه السائقين بشأن تجاوز السرعة وذلك من خلال سدادهم للمخالفات المرورية التي يرصدها عليهم، ولئن فشلت حملات توعية ترشيد إستهلاك المياه فقد نجحت الفواتير الجديدة للمياه في لفت إنتباه المواطنين بشأن أهمية ترشيد استهلاك المياه.
كل ما أخشاه أن يتم تعميم هذا الأسلوب الجديد للتوعية والترشيد لنجد أنفسنا محاطين بحملات توعية ممثلة في فواتير متعددة ومرتفعة الثمن ومن جهات مختلفة وذلك في إطار حملات التوعية الجديدة.