عكاظ السعودية-
اعتبر قاضي المحكمة العامة في الليث معاذ عبدالعزيز المبرد ما نشرته «عكاظ» في تقريرها أمس (الثلاثاء) بعنوان («قاضي الليث»: مناهج كليات القانون «كفر بواح»)، بمثابة خدمة له لو بذل جل جهده لم يستطع القيام بها. فيما رفض الرد على الاستفسارات الموجهة إليه حول رؤيته بعدم شرعية ما يدرس في كليات الحقوق وكيفية وصفه للقانونيين بالعلمانيين ودعوته للبراءة منهم وعدم مجالستهم.
من جهته، أكد المحامي أحمد بن خالد السديري لـ «عكاظ» أنه يستغرب أن يصدر كتاب «كليات الحقوق والحكم بغير ما أنزل الله» من شخص يعمل في السلك القضائي في المملكة ويقضي بين الناس، وأوضح السديري أن «القاضي يخلط بين مصدري القاعدة القانونية والقاعدة القانونية نفسها، ومصدر القانون أو التشريع نفسه»، مؤكدا أن «تشريع القانون (أي النظام) قد يكون مصدره القرآن وقد يصدر تشريع بإجماع الفقهاء، وقد تنسخ قاعدة قانونية مصدرها السنة النبوية، وقد يصدر تشريع وفقا لأمر ولي الأمر في تنظيم أمور لم يأت فيها نص لا في القرآن ولا في السنة، كالشركات المساهمة والمسؤولية المحدودة التي نظمها تشريع ولي الأمر».
وأوضح السديري أن «ما يعد مصلحة، يعد من الشرع»، مستندا على قول الإمام ابن القيم في الجزء الثالث من كتاب إعلام الموقعين، ومشيرا إلى أن «القاضي لو راجع كتاب ابن القيم، لعلم أن التشريعات والقوانين التي تصدر لتنظيم مصالح الناس أنها من الشرع»، مستنكرا قول القاضي إن «القوانين تبيح المحرمات»، مؤكدا أن «القوانين التي تبيح المحرمات والمنكرات لا تطبق ولا تدرس في المملكة».
واستشهد السديري أن «نظام المرافعات الشرعية الذي ينظم المرافعات بين الناس وقواعد المرافعات في المحاكم هو «نظام أو قانون»، أصدره ولي الأمر، لتنظيم المرافعات، ففيه مصلحة، ومحتم على كل قاض أن يدرسه ليتعلم من خلاله إجراءات التقاضي»، مبينا أن «النظام يدرس في السياسة الشرعية في معهد القضاء العالي، ولكنه -مع الأسف- لا يدرس في الفقه المقارن»، منوها بأن «قاضي الليث متخرج من الفقه المقارن وهو لا يعلم شيئا عن الأنظمة».
وشدد السديري على أن «مناهج كليات الحقوق جميعها تستند إلى الأنظمة المعمول بها في المملكة من نظريات العقود والجريمة والتجارة»، ودافع السديري عن القانونيين الذين اتهمهم القاضي بأنهم علمانيون ويفصلون الدين عن الدنيا بقوله إن «شرح النظام وتطبيقه لا يعني فصل الدين عن الدنيا ومن يدعي ذلك لا يفهم». وأضاف السديري أن «الشركات والأوراق التجارية والمرافعات والجمارك والمرور والميزانية والأموال في الدولة والموظفين وعلاقتهم مع الدولة كل ذلك مسن بأنظمة وهيئة كبار العلماء، فهل كل هذا حرام؟».
وطالب السديري «بتطوير منهج القضاء العالي؛ لأنه في حال عدم تطوره سيخرج علينا قضاة لهم رؤى مشابهة لرؤى قاضي الليث، لا يعون الأنظمة التي صدرت من ولي الأمر وراعت مصالح الناس التي هي من الشرع ونتبع في ذلك أئمة المذهب الحنبلي».
وكان قاضي المحكمة العامة في الليث قد أصدر كتابا بعنوان كليات القانون والحكم بغير ما أنزل الله، ذكر فيه أن الجامعات السعودية وعلى رأسها جامعة الملك سعود تدرس قوانين وصفها بـ «كفر بواح، وطاغوتية»، إذ تدرس قوانين وضعية بما فيها من أفكار إلحادية كتقديم تشريع الدولة والعرف على الشريعة.
واعتبر مخرجات كليات القانون أداة العلمانية لفصل الدين عن الدولة وللحكم بغير ما أنزل الله، كما أنها تدرس القوانين بشكل يفضي إلى تشريعها، مطالبا في كتابه بالبراءة من الشرك وخطورة مجالسة أهل البدع والإصغاء إليهم، والتتلمذ على أيديهم وعلى كتبهم، ودعا المبرد إلى أهمية الربط بين العلمانيين والقانونيين وعدم الاغترار بما يتظاهر به القانونيون من الحياد والاستقلال، فإن العلمانية -بحسب وصفه- لا تحقق فكرتها الإلحادية إلا بأداتها من مخرجات كليات القانون.