صالح المسلّم-
كتبتُ مقالاً قبل فترة في هذه الصحيفة، وتقريباً قبل عشرة أشهر، أكدت فيه أن «تويتر» ومواقع التواصل الاجتماعي، ستكون أداة قوية من أدوات التجنيد بالنسبة إلى الـ «دواعش الجدد»، وأن أفضل أداة لتجنيد الفتيات والشباب في وقتنا الحاضر سيكون موقع «تويتر»، وهذا ما حصل فعلاً.. فآخر الأرقام والدراسات تؤكد هذه المسألة، والمقولة، وهي أن «داعش» أخذ يُجنِّد الفتيات عبر «تويتر»، وأضحى لدينا مجموعات هنا وهناك لـمَنْ يصحُّ أن نُطلق عليهم مجازاً الـ «دواعش الجدد»، ومع الأسف، هم في تكاثر في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وكأن على رؤوسنا الطير، بل وكأننا في غُمَّة، وظُلمة، فلا نحن قادرون على التصدي لهؤلاء، ولا حتى التكيُّف مع هذه البرامج بصُنع إعلام مضاد، وبرامج مضادة لتوعية الناس بهذه الأمراض، التي تفتك بالأمة والمجتمع، وتقتل الناس، وتشرد الأبرياء، والأطفال، وتنتهك الأعراض باسم الدين. مع الأسف، لا نحنُ وضعنا مناهج وخططاً تُفكِّك هذه المقولات، وتقطع دابر الإرهاب، ولا نحن تصدينا لها بكل وسائلنا وطرقنا ومناهجنا، بل مع الأسف أيضاً، ظلَّت غالبية المناهج في وطننا العربي كما هي، لا بل إن غالبية البلدان العربية متمسكة بمناهجها القديمة «ولم تقم بمراجعتها مثلما قامت حكومة خادم الحرمين الشريفين بمراجعة جميع المناهج الدينية خلال السنوات الماضية»، فظلت تلك المناهج تحث على العنف، والقتل، والدمار.. ومازالت هذه الدولة، أو تلك تضم في مناهجها الدينية بالذات ما يدعو إلى عدم التعايش مع الآخر، وهتك الأعراض، وتحريم ما أحلَّ الله، وتتوعَّد مَنْ يخالف الأوامر، وتشدِّد في كتاباتها على النار، والعذاب، ويستولي خطباء مساجدها على نصيب من صياغة هذه المناهج، فيكونون رافداً لها أيضاً في «جمعتهم المباركة»، ويصبُّون الزيت على النار، فتكون حرائق تستولي على الأخضر واليابس في ديارهم، وما جاورها!
غالبية المناهج يا سادة «ولا يغضب مني أحد» وإذا ما غضب أحدكم فليكن منطقياً قليلاً، أو ليشرب من ماء البحر، إن لم ترضه إجاباتي، لأنه لا يريد الخير لا لأمته، ولا لجيله، ولا حتى لدينه..! أعود وأقول: إن غالبية المناهج الدينية في الوطن العربي، مع الأسف، فيها من الشدة والغلظة والوعيد أكثر مما ذُكر فيها من الترغيب والجنة والتسامح، والمعاملة بالحسنى. «القرآن الكريم» حثنا على السلام والأمن، والعيش بأمن وأمان ورخاء، والآيات كثيرة في ذلك، ولكنهم اختاروا الآيات التي فيها نار، وعذاب أكثر من اختيارهم الآيات التي تنص على التعايش والسلام و.. «لكم دينكم ولي دين». «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ».
الرسول الكريم كان له جار يهودي، وكان الناس يتعايشون في المدينة مع اليهود وغيرهم في السلم، والحرب، وكانت الحياة عادية جداً، والصحابة يذهبون إلى الحروب، واليهود في المدينة، يبيعون ويشترون، ولا يتدخلون في شؤون غيرهم، وفي المقابل لا يضايقهم أحد من أهلها!
«الإسلام» يدعو إلى التسامح فهل طبَّقنا تلك التعاليم؟
التشدد جعل من أخواتنا في تزايد في «داعش»، ويعرفن بـ «نساء داعش»، وهو مصطلح لم نسمعه من قبل، و«كتيبة الخنساء» التي تقودها «أم ريان»، وتجند النساء العربيات والمسلمات، وتغزو العالم العربي، والخليجي بصفة خاصة، هي من أهم الأمور التي يجب أن نتوقف عندها، ونعالجها بصوت عالٍ، ونبحث عن حلول لها قبل أن يفتك بنا مرض «القاعدة»، و»داعش»، ويتربَّص بنا «السروريون»، ونقع في آلاعيب «الإخوان»، وقبل أن تتفكك الأمة الإسلامية إلى أحزاب بينها حروب طاحنة!
الوضع أسوأ مما نتصوَّر، وأكبر من معاناة أسرة، ذهب ابنها إلى الحدود لينضم إلى الـ «دواعش»، بل أضحى الأمر برمته يهمُّ الوطن كله، «وأمن الوطن»، وكل أسرة تعاني الآن من اختراقات «داعش»، وأساليبه، و«نساء داعش».
إن من أهم الأسباب التي تجعل المرأة تلتحق بتنظيم الدولة الإسلامية «داعش»: حاجتها، وفقرها، فهل نحتوي هذه الأسر، وننفض عنها «غبار العازة، والفقر»، لكي نُقفل أبواب الـ «دواعش»؟
النساء هناك في «داعش»، يتقاضين ما بين ألف، وألفي دولار في الشهر، فهل نجعل في خططنا الخمسية، والعشرية، والشهرية، والسنوية ما يسد رمق العيش لهذه الأسر كيلا تلتحق بـ «داعش» نساءً وشباباً؟
هل من خطط وبرامج لاحتواء هؤلاء النسوة، والأطفال، والفقراء، كي نُغلق أبواب الـ «دواعش»؟