دول » السعودية

رغم حضور الإمارات.. لماذا تحفظت السعودية عن دخول بريكس؟

في 2024/10/29

يوسف حمود\ الخليج أونلاين

كثرت التأويلات في تفسير غياب ولي العهد السعودي عن قمة مجموعة "بريكس بلس" المنعقدة في 22-24 أكتوبر في قازان الروسية، حيث كان هو الغائب الوحيد من بين بقية قادة الدول العشر الأعضاء داخل هذا التكتل، في حين شارك الرئيس الإماراتي لأول مرة.

والقمة تُعد أكبر تجمُّع لزعماء العالم في روسيا منذ عقود، وتُعقد في وقت تخوض فيه حرباً مع أوكرانيا المدعومة من الغرب، في حين يشهد الشرق الأوسط صراعاً كبيراً منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في الـ7 من أكتوبر 2023.

ومع مشاركة الإمارات في القمة تأكد انضمامها إلى هذا التكتل، فيما يبدو أن السعودية لم تتخذ قرارها النهائي، وسط تساؤلات حول سبب دخول أبوظبي بدون تردد وتحفظت الرياض؟

غياب واضح

غياب ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، عن قمة "بريكس" أثار تساؤلات حول حقيقة انضمام السعودية رسمياً إلى التكتل، رغم مشاركته قبلها بأيام في القمة الأوروبية-الخليجية في بروكسل 16 أكتوبر.

وأعلن الكرملين أنه قدم دعوة رسمية للسعودية للمشاركة في قمة "بريكس" بدورتها الـ16، لكنه قال حينها قبل انطلاقها: إنه "من غير المتوقع أن يحضر بن سلمان القمة، وأن وفد المملكة سوف يترأسه وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان"، وهو ما حصل فعلاً رغم غيابه عن الطاولة المستديرة للقمة التي ظهرت بها 9 دول.

وبينما كان الإعلان هو دعوة كل من إيران والسعودية والإمارات والأرجنتين ومصر وإثيوبيا ليصبحوا أعضاء كاملي العضوية، قالت "واس" إن السعودية شاركت بصفتها "دولة مدعوة للانضمام للمجموعة".

وأجاب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن سؤال بشأن نظرته حول انضمام السعودية إلى تجمُّع "بريكس"، قائلاً إنه يأمل "أن تستمر العلاقات بين روسيا والمملكة العربية السعودية".

وأضاف في مؤتمر صحفي عقب انتهاء القمة: "بالنسبة للمملكة العربية السعودية، نعم، بالطبع، نحن على اتصال جيد للغاية، أي مع صديقنا ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، ولدينا علاقة رائعة مع العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود".

وتابع بوتين: "لقد شارك ممثلون عن المملكة العربية السعودية في عملنا المشترك اليوم، ونأمل أن يتوسع هذا العمل أكثر".

موقف ضبابي

وكانت تقارير روسية قد أشارت إلى أن تمثيل السعودية في القمة "لن يكون على المستوى المأمول"، مشيرة إلى أن المملكة "تتجنب اتخاذ خطوات قد تثير توتراً في العلاقات مع الغرب، خاصة مع الولايات المتحدة، فالمملكة تريد البريكس مع الحفاظ على علاقتها بالغرب".

وأعلنت السعودية رسمياً في يناير 2024، أنها سوف تباشر رسمياً عضويتها الكاملة في مجموعة "بريكس" التي كانت تضم كلاً من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، إضافة إلى أعضاء جدد هم: إيران والإمارات ومصر والأرجنتين وإثيوبيا، بحسب وكالة الأنباء الرسمية "واس".

لكن في فبراير الماضي، نقلت وكالة "رويترز"، عن مصدر رسمي سعودي، قوله إن المملكة لا تزال تدرس دعوة للانضمام إلى "بريكس" بعدما طلبت منها المجموعة الانضمام في العام الماضي.

وجاء تعليق المصدر السعودي حينها، بعدما قالت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا، ناليدي باندور، إن المملكة انضمت إلى التكتل.

التحرر من الاستقطابات

يرى الباحث في علم الاجتماع السياسي د. عبد الكريم غانم، أن موقف المملكة المتحفظ من الانضمام إلى مجموعة بريكس "نابعٌ من سعيها للتحرر من القطبية التقليدية والاستقطابات الجديدة".

ويشير إلى أن المملكة "تفضل إمساك العصا من المنتصف"، موضحاً بقوله: "تقاربها مع روسيا لا يرقى إلى مستوى علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية، فما يربط البلدين من مصالح مشتركة يفوق علاقة المملكة بروسيا".

ويؤكد لـ"الخليج أونلاين"، أن ذلك يأتي "في ظل توجهات المملكة لتعزيز العلاقات الدفاعية والأمنية مع الولايات المتحدة الأمريكية، ومنها التعاون في البرنامج النووي السلمي، وتعزيز التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي".

وأضاف: "كما أن روسيا التي هي في حالة حرب طويلة مع أوكرانيا، لا تستطيع الفوز برضى السعودية؛ لكونها الحليف العسكري لإيران، وربما لأذرعها في المنطقة، إذ يبدو أن موسكو متورطة في  تسليح جماعة الحوثي الموالية لإيران بالصواريخ الفرط صوتية وغيرها من صفقات الأسلحة، بما يشكّله ذلك من تهديد لأمن المملكة".

كما يؤكد ضرورة "الأخذ في الاعتبار السعي الحثيث للرياض لتعظيم الفوائد الاقتصادية التي تتطلع إليها، في سياق رؤيتها 2030، وما قد يتطلبه ذلك من تخلي المملكة عن سياسة السعر النفطي المرتفع، في "أوبك بلاس"، في سبيل رفع حصتها في إنتاج النفط بما يلبي حاجتها  للتحول إلى مركز صناعي وتجاري في المنطقة".

وفي وقت قالت فيه الإمارات إنها انضمت إلى هذا التكتل وشاركت رسمياً بقيادة رئيسها الشيخ محمد بن زايد في القمة، يبدو أن السعودية تتريث بالتزامن مع أنباء توقيع اتفاق دفاعي مع الولايات المتحدة، التي باتت توصف بأنها أقل التزاماً بأمن الخليج مما كانت عليه في الماضي.