دول » السعودية

منها ميناءان سعوديان.. غرق موانئ النفط صدمة الطاقة القادمة للعالم

في 2025/01/11

متابعات

تتصاعد المخاوف عالمياً من تداعيات الاحتباس الحراري التي تهدد بإحداث تغييرات كارثية على كوكب الأرض تمس اقتصاديات الدول وحياة السكان، لا سيما ما يتعلق بارتفاع مستوى سطح البحر، الذي من تهديداته غرق المدن الساحلية، وتداعياتها التي تهدد بالقضاء على الموانئ الحيوية بالغرق.

ومع استمرار ارتفاع مستوى سطح البحر نتيجة التغير المناخي، تواجه الموانئ النفطية حول العالم تهديداً غير مسبوق بالغرق والتآكل، مما يهدد بنقلات خطيرة في سلاسل التوريد وأسعار الطاقة العالمية.

هذه الظاهرة لا تؤثر فقط على البنية التحتية الحيوية، بل تحمل معها تداعيات اقتصادية وبيئية قد تكون كارثية إذا لم تُتخذ إجراءات فورية للتكيف مع هذا التحدي المتنامي.

وطالما كان الاحتباس الحراري الإنذار الأكبر للعالم، وأنه سيدفع إلى ذوبان الجليد القطبي وتمدد مياه المحيطات بفعل الحرارة؛ ما يعيد تشكيل خارطة جديدة للعديد من الدول.

لكن دراسات مختلفة تشير إلى أن غرق المدن الساحلية الكبرى ليس نتيجة تغير المناخ وذوبان الجليد فقط، بل يعود لأسباب أخرى أيضاً.

وتتمثل هذه العوامل بـ"هبوط الأرض الناتج عن أنشطة بشرية مكثفة، مثل استخراج المياه الجوفية، وحفر آبار الغاز والبترول، إضافة إلى ضغط وزن المباني الهائل"، بحسب دراسة نُشرت في مجلة Nature Sustainability.

تهديد بفوضى عالمية

على الرغم من أن حلولاً مختلفة يتخذها العديد من دول العالم لمواجهة الاحتباس الحراري لكن التحديات ما زالت أكبر مع استمرار وجود العوامل البشرية التي تؤثر البيئة.

تقرير الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) صدر في سبتمبر الماضي، وكشف عن معلومات هامة أبرزها:

ارتفع المتوسط العالمي لمستوى سطح البحر بين 21 و24 سم منذ عام 1880.

سجّل عام 2023 أعلى متوسط سنوي لارتفاع سطح البحر بـ 10.14 سم.

تفيد التقديرات بأن مستوى سطح البحر يرتفع بين 40 و63 سم بحلول عام 2100.

ذلك يُهدد بحدوث فوضى في جميع أنحاء العالم، مع مخاطر غرق مدن عديدة، ولا سيما المدن الساحلية.

الموانئ النفطية تحت التهديد

صحيفة "الغارديان" ذكرت في تقرير حديث أن العلماء يتوقعون أن تتعرض موانئ نفطية هامة، من ضمنها السعودية والولايات المتحدة، لأضرار جسيمة؛ بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر متراً واحداً.

وتشير التحليلات إلى أن ارتفاع مستويات سطح البحر الناجم عن أزمة المناخ سوف يطغى على العديد من أكبر موانئ النفط في العالم.

ووجد التحليل أن 13 من الموانئ التي تشهد أعلى حركة لناقلات النفط العملاقة سوف تتضرر بشكل خطير؛ بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار متر واحد فقط.

وقال الباحثون إن اثنين من الموانئ المنخفضة في السعودية، رأس تنورة وينبع، معرضان للخطر بشكل خاص. وكلاهما تديره "أرامكو"، شركة النفط الحكومية السعودية، وتخرج 98% من صادرات النفط في البلاد عبر هذين الموانئ.

وتشمل القائمة أيضاً موانئ النفط في هيوستن وجالفستون في الولايات المتحدة، أكبر منتج للنفط في العالم، إضافة إلى موانئ في الإمارات العربية المتحدة والصين وسنغافورة وهولندا.

وتشير أحدث الدراسات العلمية التي نشرتها المبادرة الدولية للمناخ الجليدي إلى أن ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار متر واحد أصبح أمراً لا مفر منه في غضون قرن أو نحو ذلك، وقد يحدث ذلك في وقت مبكر من عام 2070، إذا انهارت الصفائح الجليدية ولم يتم الحد من الانبعاثات.

ومن المحتمل أن يكون ارتفاع منسوب مياه البحر بمقدار 3 أمتار أكثر كارثية، وهو أمر لا مفر منه في الألفية أو الألفيتين القادمتين، وقد يحدث ذلك في أوائل القرن الـ22، بحسب التقرير.

أضرار اقتصادية كبيرة

الخبير الاقتصادي د. زياد الهاشمي يقول إن ارتفاع مناسيب المياه "يعدّ من المخاطر المزمنة التي دائماً ما تثير قلق إدارات الموانئ والسلطات البحرية في الدول".

في حديثه لـ"الخليج أونلاين" يوضح الهاشمي أن "غرق أرصفة الموانئ يؤدي بطبيعة الحال إلى شلّ حركة التحميل والتفريغ من تلك الموانئ".

ذلك بدوره يؤدي إلى تعطيل النشاط التجاري وتوقف بعض أو كل واردات أو صادرات البلد من المنتجات الأساسية ومنتجات الطاقة، وشح تلك المواد في الأسواق وارتفاع أسعارها، وهذا يعد مسألة ذات خطورة عالية على الأمن الاقتصادي للبلد، بحسب الهاشمي.

هناك مجموعة من الحلول يمكن اتباعها لحماية الموانئ، وفق ما يذكر الهاشمي، من بينها اعتماد كواسر الأمواج والحواجز البحرية وزيادة ارتفاعات الأرصفة البحرية.

ويلفت إلى أنه يمكن أيضاً اللجوء إلى نوع من السدود الآلية التي تعمل على تنظيم مستوى المياه داخل منطقة أرصفة الميناء؛ مثل الذي تعتمده هولندا من خلال نظام دلتا وركس لإدارة الفيضانات، إلى جانب استثمارات أخرى تتعلق بربط أنظمة استشعار وتنبؤ وإنذار مبكر، تتبع خطط طوارئ لإدارة كوارث الفيضانات.

ويشير الهاشمي إلى أهمية ميناء رأس تنورة السعودي في تصدير النفط، مبيناً أن "منطقة راس تنورة مثلاً التي فيها منصات تصدير نفط أرامكو، والتي تعتمد عليها السعودية في تصدير 90% من نفطها، يمكن أن يقطع توقفها 8%؜ من الصادرات النفطية العالمية".

وبين أن "تعطل صادرات النفط من هذا الميناء سيسبب صدمة كبيرة في قطاع الطاقة، ويمكن أن يدفع أسعار النفط لمستويات قياسية".

تهديدات بيئية

المختص بالشأن البيئي عمر عبد اللطيف، عضو مرصد العراق الأخضر، الذي تحدث لـ"الخليج أونلاين" يتطرق إلى التهديدات التي تواجه العالم، بما يتعلق بغرق مدن عديدة في العالم، بينها مدن عربية مثل البصرة والإسكندرية.

أما غرق الموانئ النفطية فهذه "مشكلة كبيرة جداً"، يقول عبد اللطيف، مبيناً أن ذلك يعود لأضرارها الفادحة اقتصادياً وبيئياً.

وأضاف: "هناك أضرار اقتصادية قد يسببها إيقاف تصدير الموانئ، إضافة إلى الأضرار التي قد تسببها المواد التي تصدر النفط والتي قد تحتاج إلى سنوات لإصلاحها وإعادتها للعمل على اعتبار أن مياه البحر المالحة تؤثر كثيراً على الموانئ".

على اعتبار أن السعودية أحد أكبر مصدري النفط بالعالم، يرى عبد اللطيف أن غرق الموانئ قد يسبب أزمة نفطية وارتفاعاً في أسعار الطاقة وآثاراً اقتصادية كبيرة.

ويشير إلى أنه من أجل الحفاظ على التداعيات البيئية يجب على الدول التي يهدد التغيير المناخي غرق موانئها أن تعمل بشكل استباقي، وتتخذ معالجات سريعة، من بينها أن تكون هناك معالجة لهذه الموانئ وتهيئة موانئ بديلة.