دول » السعودية

لماذا تتنامى الدعوات لتغيير العلم السعودي؟

في 2025/01/17

(أحمد شوقي \ راصد الخليج) 

تنامت، في الآونة الأخيرة، عدة دعوات غير مسبوقة في التاريخ السعودي لتغيير علم المملكة، صدرت بدوافع مختلفة ومن قطاعات متنوعة، وهي فكرة غريبة يستدعي مجرد طرحها الانتباه ومحاولة التحليل والتفهم والتعامل المناسب بأبعاده المختلفة. بالطبع؛ كما أي دولة، هناك تغيرات تطرأ على العلم والنشيد الوطني، ولكن معظمها تكون تغيرات طفيفة لا تعكس تغيرات جذرية إلا في حال الثورات الكبرى، ومعظم هذه التعديلات والتغييرات تكون من جانب السلطات. أما وأن تأتي مطالب التغييرات من قطاعات شعبية؛ فذلك ما يعكس تناقضًا بين هذه القطاعات وبين السلطات وهو ما يجب أن تنتبه له السلطات السعودية وتتعامل معه بجدية وبسياسة حكيمة بعيدًا عن التعاملات الأمنية والبوليسية وحملات الدعاية على هذه القطاعات والمسارعة باتهامها بالخيانة او الانتماء لتنظيمات معادية للدولة. مع أن هناك تعديلات على العلم طالبت بها السلطات، مثلما قدمه أعضاء مجلس الشورى، في 31 يناير/كانون الأول 2022، من اقتراح بتغيير أو إضافة العلم والشعار والنشيد الوطني السعودي، شكّلت جدلًا واستياءً شعبيًا وهو ما جعل هيئة مكافحة الشائعات تتدخل لتوضح حقيقة التعديلات بأنها على نظام العلم وليس مضمونه، أي ما يتعلق بساعات وأيام رفعه وبروتوكولات استخدامه في الهيئات الحكومية، إلا أن هناك قطاعات طالبت بتغيير مضمون العلم بعد الانفتاح المجتمعي والتغيرات التي لحقت بالمجتمع السعودي من تراجع للوجه الديني للمملكة، ونشوء ظواهر جديدة غريبة عن المجتمع السعودي.

((إذ في العام 2023، وفي إطار الاحتفال بـ”يوم العلم السعودي” الذي أقرّ حديثًا بمرسوم ملكي، تداولَ ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطعَ فيديو لإحدى الفعاليات الراقصة التي أُقيمت في بوليفارد الرياض بهذه المناسبة. ووفقاً للفيديو المتداوَل، فقد ظهرت فرقةٌ راقصة على المسرح ضمّت فتاتين بملابس خليعة، وتوسّطَهما شخصٌ آخر حاملاً العلم السعودي الذي يحمل شعار التوحيد ويتراقص به بينهن، وهون ما أثار استياءً شعبيًا عارمًا. كما شهدت المملكة إنشاء "الهيئة العامة للترفيه" التي تقوم على تنظيم وتنمية قطاع الترفيه في السعودية لشرائح المجتمع كافة، بالإضافة إلى إعادة فتح دور السينما وإقامة حفلات غنائية أحياها عدد من مشاهير الفنانين العرب، وخلال مدة زمنية قصيرة نسبيًا انتشرت نوادي تعليم الرقص في بلاد الحرمين، وظهرت أشهر محترفات الرقص الشرقي يدربن الفتيات السعوديات على الاحتراف. وكشفت تقارير متطابقة وجود عشرات دور تعليم الرقص في السعودية تتراوح بين الرقص الشرقي والرقص على العمود والرقص المختلط.

كما شكل عنوان لأحد المؤسسات صدمة بالغة لقطاعات عديدة، وهو "لأول مرة بالسعودية ورش تدريب الرقص الشرقي"، وهو عنوان نشرته "مؤسسة الحركة السعيدة للفنون" هابي دانس في الرياض، وتعمل هذه الورشة في مساعدة الفتيات السعوديات على “احتراف الرقص الشرقي، بإشراف احترافي من الراقصة "دينا" المصرية. كما باتت مراكز تعليم الرقص في السعودية بالعشرات وتتركز بين الرياض وجدة والدمام، والنتيجة هو وجود رقص مختلط أمام العلم السعودي وراية التوحيد، وهو ما قوبل بموجة انتقادات واسعة، فقد رأها الكثيرون إساءة لشعار التوحيد على العلم السعودي.

هذه المشاهد المُخلة بالآداب، والتي شملت توشح نساء شبه عاريات بالعلم وهن يرقصن، أثارت حفيظة رواد مواقع التواصل، ما دفع نشطاء للمطالبة بتغيير العلم السعودي وحذف عبارة التوحيد لتتماشى وتوجهات ولي العهد الجديدة.

بالرغم من اتهام السلطات السعودية المطالبين بتغيير العلم بسبب تناقض محتواه الديني والممارسات الجديدة بتهم الانتماء إلى تنظيمات إخوانية لتقاطع مطالباتهم مع دعوة وجهها إعلامي مصري محسوب على جماعة الإخوان وهو الإعلامي محمد ناصر، إلا أن قطاعات لا تنتمي لأي تنظيمات شاركت في هذه الدعوة بسبب تناقض المضمون التوحيدي والديني للعلم والذي حرصت السعودية على احترامه لعقود طويلة مع الانفتاح المنفلت في السنوات الأخيرة. هذا يقود إلى تغيير أحد أمرين، إما السياسات الجديدة والعودة للالتزام الديني المجتمعي المعهود، وإما تغيير العلم ليتماشى وهذه التغييرات الجذرية حفاظًا على الشعار الإسلامي التوحيدي من التشويه.