دول » السعودية

الإرهاب الزاحف!

في 2015/08/22

عبدالزهرة الركابي- القبس- قبل سنوات خلت، نشرت على هذه الصفحة مقالاً أسميته «الإرهاب المسافر»، وإن مضمون العنوان الآنف لا يزال قائماً، بدليل أن الإرهابي الذي ارتكب مجزرة جامع الإمام الصادق جاء من خارج حدود دولة الكويت، أي جاء عن طريق السفر، بيد أن هذا الإرهاب راح يدخل مضموناً إضافياً في أسلوبه، كما هو حاصل في الفترة الأخيرة، وهذا الأسلوب يعتمد على الزحف. لذلك؛ أسميت مقالي هذا بهذه «الصفة الزاحفة» إذا جاز القول.

فالإرهاب لم يعد تنحصر جرائمه في آسيا، بل راح يزحف هذا الإرهاب باتجاه أفريقيا وأوروبا وأميركا. وبالتالي، فإن مشكلته، أو بالأحرى خطورته اتسعت إلى حدود عالمية، ولم تعد تكمن في الشرق الأوسط والقارة الآسيوية فحسب، الأمر الذي يتطلب من العالم أساليب أخرى في محاربته أكثر فاعلية، وتتجاوز أسلوب أو أساليب مكافحة الإرهاب أو الحرب على الإرهاب، المعمول بها حتى الآن، بعدما اتضح جلياً عقم هذه الأساليب في وأد الإرهاب والقضاء عليه، أو على الأقل الحد من اتساع وتصاعد خطورته على هذا النحو القائم.

إن الإرهاب -بلا شك- اتسعت خطورته جغرافياً ولوجستياً وديموغرافياً، حيث راح يمارس أعماله الإجرامية، انطلاقاً من هذه المنصات الثلاث، الأمر الذي يعني -بشكل لا لبس فيه- أن لديه قواعد مكانية (الجغرافيا)، وطرق مرور وتحركا (اللوجستيا) وحواضن اجتماعية للاختباء والانطلاق منها في آن (الديموغرافيا).

لذلك، يتطلب أولاً في مكافحته ومحاربته، بلورة استراتيجية جديدة لا تعتمد على القوة العسكرية فحسب، وإنما تعتمد أيضاً على منهجية سياسية واجتماعية، تتمثل في معالجته سياسياً بالقضاء على التمييز الطائفي والعرقي، بعدما ثبت للعالم أن أسلوب القوة العسكرية والأمنية، لم يعد ناجعاً في محاربة هذا الإرهاب المتعاظم يوماً بعد آخر!

ومثل هذه المهمة لا تنحصر في الجهود الإقليمية فحسب، بل تتطلب جهوداً دولية على صعيد الدول الكبرى، وبعيداً عن مصالحها واهتماماتها وحساباتها الآنية، حيث إن لعبة تداخل المصالح بين الدول الكبرى تخصيصاً، ساهمت في اتساع خطورة هذا الإرهاب. وبالتالي، فإنه راح يضرب في الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا وأميركا، حتى أصبحت ساحة جرائمه مرشحة، للاتساع والامتداد إلى كل بقاع العالم، ومن لم يكتو بنار الإرهاب ماضياً وحاضراً، فلن يكون بمنأى عن هذه النار في الغد أو المستقبل.