دول » السعودية

(حاضنات التطرّف).. (قطيع يُساق إلى الجحيم)!

في 2015/08/25

الرياض- تنامي حوادث قتل المواطنين ورجال الأمن غيلة، وما تبع ذلك من تفجير المساجد وأماكن العبادة وقتل المصلين عبر الأحزمة الناسفة التي يقترفها المغرر بهم من أرباب الفكر التكفيري المتطرف، أصبحت القضية التي تجتذب حالياً اهتمام أستاذة علم النفس وعلم الاجتماع والكتاب ورجال الإعلام وغيرهم من المتخصصين بقراءة السلوك العام والخاص للأفراد، والتي أصبحت تركز في هذه الآونة على محاولة فهم واستقصاء الواقع والحالة التي كان عليها الشباب المغرر بهم قبل أن يتم تسجيلهم كعناصر متطرفة فكرياً، ومنها إلى اقتراف الأعمال الإرهابية والإجرامية بكافة أنواعها، دون وازع من ضمير أو خوف من عقاب رباني، بل يحيطهم شعور بأنهم يواجهون مجتمعاً كافراً منافقاً خارجاً عن الطريق المستقيم يجب إعادته إلى ما يعتقدون أنّه هو الصراط المستقيم وهو إعطاء البيعة إلى زعيمهم، زعيم الخوارج وعناصره وأركانه المتطرفة، أو أن يكون مصير المجتمع إلى التصفية الجسدية، معتقدين بأنّ هذه الأعمال الإجرامية تقربهم إلى الله، وأنه لا يؤخر نيلهم جائزة هذه الأعمال سوى الضغط على زناد ذلك الحزام الناسف، ليكونوا بعدها في أحضان الحور العين.

هذه الأفكار المتطرفة التي رسمها في مخيلتهم من قام باستقطابهم من أرباب الغلو والتطرف والإجرام المنظم، استدعت بشكل جاد محاولة قراءة وفهم العوامل النفسية والبيئة الاجتماعية التي سهّلت استقطابهم إلى هذه المنزلقات الخطرة والإجرامية، وكيف تمت تغذية عقولهم بهذه الأفكار والمعتقدات دون أن يكون لديهم أي نوع من أنواع المراجعة أو التبصر، بل كأنهم كالقطيع الذي يساق إلى مصيره دون الحاجة إلى أي جهد وعناء، ومن هنا فإن هذا الواقع الذي تمارسه تلك المنظمات الإجرامية لاستقطاب الشباب وتجنيدهم لمشروعات القتل والتخريب والإفساد، يتطلب ضرورة إعادة رسم إستراتيجية مواجهة هذه المنظمات المتطرفة لحماية أبنائنا وتحصينهم ومعالجة جميع ما يسهم في جعلهم صيداً سهل لأعداء العقيدة والوطن.

الخطوة الأولى

في البداية قال الدكتور خليل الخليل -أكاديمي وكاتب-: يبدو أن لكل شاب تم تجنيده لتنظيمات التطرف والإرهاب قصة مستقلة، تختلف عن الآخرين ممن جندوا معه في صفوف منظمات الإرهاب على اختلاف مسمياتها وشعاراتها وقياداتها، فالسمة السائدة في الملتحقين بتلك المنظومات الظلامية والإجرامية: التشدد الديني، والنزعة للتفسيق والتكفير، والحنق على مجتمعه وبلاده، تلك السمة كفيلة بتقبل الشاب للعزلة عن محيطه الأسري الطبيعي واعتبار المنظمات الجديدة التي انضم إليها الأسرة والدولة له بعد إعادة إنتاجه وتحول رغباته وولاءاته.

وأضاف أنّ الشاب يعبر مراحل من العلاقات والتزويد بالأفكار والمعتقدات للتهيئة من أجل التقبل لمشروع التحول النفسي والفكري والاجتماعي، والإقدام على وضع قدميه في الخطوات الأولى في طريق الهلاك والانتحار باسم الجهاد ونصرة الإسلام والمسلمين ومحاربة المشركين والمنافقين، لافتاً إلى أنّ تلك المراحل تبدأ بعلاقات مباشرة أو غير مباشرة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي التي تشعره بالذاتية وبدور جديد يمنحه التميز عن مجتمعه، مع تشويه صورة المجتمع الذي يعيش فيه واعتباره مجتمعا فسادا وفسوقا لا يحمل صفة الشرعية والديانة بدليل ما يبث في وسائل الإعلام، ونسيان قضية فلسطين، والانبطاح للغرب، وتصدر المنافقين في المجتمع، إلى آخر ذلك من اتهامات باطلة.

وأشار إلى أنّه يكثر الحديث عن المناهج الدراسية في التعليم الرسمي وتحميل تلك المناهج - المسؤولية الأولى - في زرع بذور الإرهاب، مؤكداً بأنه ليس مع هذا التوجه، فمنذ بداية عهد البلاد قبل عقدين بالحوادث الإرهابية - قبل المناهج الدراسية في التعليم الرسمي يحل المعلم في الأولوية إزاء التوجهات الثقافية والعقائدية والفكرية والسياسية في الدول والمجتمعات، لذا من الأهمية بمكان إعادة النظر في مصادر التعليم والتوجيه، وتحديد المهم والأهم، بمهنية ومصداقية، ملمحاً إلى أن النمط المؤثر بفعالية على الأجيال الشابة في بلادنا، نمط التعليم غير الرسمي، ذلك يشمل ما يتم توجيه المجتمع من خلاله خارج أسوار المدارس النظامية الرسمية - التحولات السياسية والثقافية والدينية والاجتماعية لا تتم صياغتها وصناعتها في مدارس الحكومات الرسمية، إنما تتم بفعالية وجدية خارج المحاضن التي تتحكم فيها الحكومات ضمن المنظومة البيروقراطية.

بيئة التنشئة

من جهتها رأت الدكتورة سحر رجب -مستشار نفسي وأسري- أنّ هناك أسبابا كثيرة تجعل من الأطفال والمراهقين في تطرف فكري، منها البيئة التي نشأ بها، فكثيراً نجد العنف والكبت يؤدي إلى مشكلات نفسية، هنا لابد من حل سريع وتثقيف الأسرة برمتها حتى لا يضيع الشباب بسبب غسيل الأدمغة، مشيرة إلى أن الكبت والعنف يولد الانحراف السلوكي، ويخرطهم في إيذاء أنفسهم قبل غيرهم من أفراد المجتمع، مؤكدة أن النصيب الأكبر يقع عندما تكون "الضحية" وهذا المسمى الصحيح لها في حالة تغيب عقلي، وفي حالة إهمال من أسرته وعدم اهتمام، وما يجده من سخرية باستمرار ونقد جارح، ومعايرة بمن هم أفضل منه، حتى لو كان من أسرته أو أقرانه، كل هذا من أسباب الانحراف السلوكي الذي يحتاج لتعديل وتغيير جذري، إذ لابد أن تكون اللبنة الأولى في الاهتمام والرعاية والحب لأفراد أسرته.

وأضافت إنّ البطالة والفراغ أحياناً يجعل التفكير غير سوي، كما أن المدرسة يقع عليها مسؤولية كبرى من نواحي كثيرة، منها الشرود في الفصل، وعمل مشكلات مع الأقران، وعدم التجاوب مع المعلمين، وتدني مستواهم التعليمي، كل هذا لابد من الالتفات له، حتى لو كان عدد الطلاب كثير في الفصل، فلابد من الإلمام بالموضوع والانتباه له من جميع الجوانب، هذا إلى جانب إفصاح الطالب عن مخاوفه إذ لابد أن يسبقه الأمان والاحتواء، مؤكدة أن هؤلاء الجماعات قبل الإيقاع بهم يدرسون حالة الضحية ثم يقدمون له ما عجز عنه وأسرته عن تلبيته له.

وأشارت إلى أنّ لعب "البلاي ستيشن"مع المجموعات من أخطر الألعاب، وكذلك التواصل الهاتفي بالأجهزة الذكية يعطي مساحة كبرى ليدخلوا بكل هدوء للضحية المنشودة ثم يبدأ بالتصوير ثم الابتزاز تحت الضغط المجبر، مشيرة إلى أن هناك فئة تخاف أن تبلغ أولياء أسرهم حتى لا يقوموا بالقمع والحرمان لهم والعقاب القاسي، وهناك من يستمر لخوفه من الفضيحة، وكلما جلب لهم شخص زادوا في العطاء.

تجهيز الضحية

وأكّدت الدكتورة سحر رجب على أنّه لابد من الانتباه لأفراد أسرهم بدءاً من الوحدة والشرود لنكون رقباء بحنوٍ عليهم حتى يتحدثوا معنا بكل شفافية وأريحية، ولنبدأ بالموازنة حتى نكشف لهم الخير من الشر، وأضافت أنه لابد أن يكون هناك اجتماع عائلي كل أسبوع على الأقل ليتم غرس حب الوطن في نفوسهم، وأن الوطن هو الأسرة الأكبر التي نحتمي تحت ظلها الوارف، لافتةً إلى أنّ المشكلة تبدأ عندما تصور تلك الجماعات الإرهابية لهؤلاء الشباب بأنهم إن دمروا وخربوا سيكون لهم الجنة لأنهم سيصححون أشياء كثيرة، وأن زوجاتهم من الحور العين بانتظارهم ليعجلوا لهم الدخول معهم وتنفيذ ما يطلبون دون سؤال، وأن التفجيرات التي تبدأ بهم بالحزام الناسف سيكون بعدها شهيد، وهنا المأساة.

وأضافت أنّ البداية تبدأ بعملية استرخاء ثم تنويم إيحائي ليتركوا الضحية في اللاوعي ويثبتوا ما يشاءون، هذا هو الغرض  ومن هنا يكون مدخلهم أسهل، ودعت إلى مراقبة أجهزة الأبناء، ومراقبة خروجهم ودخولهم وسهرهم وشلتهم وأصدقائهم لنكون على علم وتيقظ كامل ووعي لما يدور وراء ظهورنا، ناصحة الوالدين: "أبني في طفلك منذ الصغر ثقته بذاته، علمه الصواب، واصطحابه معك ليتعلم منك، تجاوب معه، لاعبه، أفتح له قلبك وأعطه سرك ولو من باب الاختبار، جربه في مهام صغيرة، دعه يثق ويتعلم من أخطائه، لا توبخه، وعلمه كتاب الله  وكيف يتعايش معه، وكن قدوته وأصقل موهبته وأشغل وقته بما يفيد، وأشركه في ناد قريب يجعل قواه منهكة لا يقوى على فعل شيء"، مشيرةً إلى أنّ فلذات أكبادنا أمانة وضعها الخالق في أعناقنا فلنحسن تربيتهم ورعايتهم وتعليمهم والاهتمام بهم دائماً وأبداً، وأن نترفق بمن هم تحت ولايتنا وأننا محاسبون من رب كريم، وأضافت: كل ما يهمنا في النهاية أن نتعرف على أبنائنا وما يسكن دواخلهم وما يشغل فكرهم لنكون وهم في أمان، في الختام كلنا نتعلم من أخطاء سابقة لتتكون لدينا خبرات وزيادة مدارك وتوسيع أفق.

تأثيرات متعددة

وأوضح خالد اليحيا -محامي ومستشار قانوني- أنّ التأثيرات النفسية على الشاب وتحويله من شخص طبيعي ومعتدل إلى شخص متطرف ولديه غلو ثم يصبح ميال إلى العنف بأن هذا العامل قد تغذيه جوانب أسرية أو مدرسية أو بيئة اجتماعية ويؤسس له الجاهزية الجينية لدى الطفل هو الطفل صاحب العقل المسطح والمركب الذي لا يرى في الدنيا سوى ثنائيات" الحق والباطل" و"المسلمين والكفار" و"الحلال والحرام" و"الأبيض والأسود" فينشأ الطفل على أن العالم عبارة عن مجموعتين فيصبح لا تستقطبه القيم العليا وأعمال الخير والتقوى الداخلية بقدر ما يستهويه الحكم على الأشخاص ويبدأ بتصنيف الناس وتصنيف المجتمع لا من خلال الخيرية ولكن من جانب عقدي ضيق دفعته إليه ظروفه النفسية والاجتماعية وبيئته التعليمية المغلقة فيصبح جاهز تماماً لاستقطاب هذه الجماعات ومن ثم يتم توظيفه ضد المجتمع وضد الوطن بأسهل مما نتوقع.

وأضاف أنّ هناك عوامل أخرى مشجعة على مثل هذا الانحراف، مثل عوامل مواجهة صعوبات الحياة والفشل الدراسي أو أحياناً الفشل في الحصول على وظيفة أو الفشل في إشباع الرغبات الفطرية فيصبح جاهز لإشباع هذا الرغبات غيبياً عبر الرغبة العارمة في الانتقال السريع من دنياه التي يراها مؤلمة إلى البرزخ والآخرة، نتيجة أنّه غير مدرك لوظيفته في الحياة؛ بسبب أن هرم التدين لديه مقلوب، لافتاً إلى أنّ هذا النوع غالباً يتنكر لقيم الإسلام العليا لأنه غير مدرك لها، مثل قيم العدل والمساواة وتكريم الله للإنسان ويتنكر لوظيفته في هذا الكون التي هي عمارة هذا لكون وعبادة الله، حيث أنّ مدركاتنا هي التي تصنع خبراتنا في الحياة ونظرتنا لها فإن هذا النوع قد يكون غير مدرك لهذه القيم والمعارف، وعقله مغلق على بعض المفاهيم الضيقة، وبالتالي يتحول إلى قنبلة موقوتة جاهزة للانفجار في أي وقت وتحت أي ظرف.

وأشار إلى أنّ من يعاني من تلك الاضطرابات يتجه إلى البحث عن الأشخاص الذين يفهمون تصوره للمجتمع والوطن ويفسرون هذه الرؤى بطريقة ملائمة تنسجم مع نفسيته وتنشئته المغلقة وبالتالي يقع في حبالهم، كما أن النقص المعرفي وتشوه صورة الدين لديه تجعله يقع في حبال أشخاص ليس بالضرورة لديهم غايات دينية، بل أشخاص تتحكم فيهم جهات خارجية أو مخابرات دولية ويجدون في هذا لشخص وأمثاله أهداف سهلة لتنفيذ أغراضهم السياسية، والتخريبية والطائفية وبالتالي يجد نفسه في آخر المطاف أنه عبارة عن حزام ناسف لأغراض أكبر من أن يفهمها تكون داخلة في مخططات الفوضى الخلاقة بالمنطقة والتي تسعى إلى إيجاد حروب طائفية ودينية محدودة لمصالحها العليا.

دعاة الفتنة

بيّن الدكتور خليل الخليل أنّه بعد أن تشرب الشاب اليافع بالأفكار التي أصبحت جزءاً من مسلمات الفكر الديني والدعوي لدى البعض، بدون النظر في المآلات، يسهل على دعاة الفتنة والتكفير اقتناص الشاب وتجنيده وربطه بعناصر الإجرام في البلاد أو دعوته للسفر إلى المناطق الملتهبة والمضطربة، حيث إنّ البوابة الأولى للتجنيد التشكيك في نوايا وأعمال وعلاقات القيادات السياسية والأمنية والدينية في البلاد، والتلميح أو التصريح بفسادهم وبعمالتهم، موضحاً أنّ إحياء توظيف الأساليب التقليدية -الأسرة الوالدين الأصدقاء المسجد اللقاءات العوائلية- في توجيه النشء الجديد مفيد، لكن لا ينبغي أن تعول الدولة الحديثة على تلك الأساليب المعتادة، بل على الدولة الحديثة أن تعول على ابتكاراتها ومنطلقاتها المضيئة وعلى ومصادر التوجيه الحديثة المؤثرة التي استطاعت بعض الدول في الشرق والغرب؛ بسبب الأخذ بها أن تثبت وجودها وتنهض.

وأضاف أنّه يجب أن تصنع الدولة في مجتمعاتها الناشئة والعريقة الاندماج الثقافي والحضاري بين شعوبها في ظل (سلم مجتمعي) متعلم ومحفز ومريح ومقبول وجذاب، يسمح بالتعددية والإبداع، مع اختلاف لغاتهم وأديانهم وخلفياتهم العرقية واختلاف ألوانهم وتوجهاتهم، ذلك يمكن أن يتم بإحداث (التغيير الشامل المتقصد) الذي يتوافق مع مصادر القوة الذاتية للمجتمع من لغة ودين وحضارة وتواريخ، تتسع آفاقها للمستجدات والاستجابة لمتطلبات الدولة الحديثة والحياة الزاخرة بالمكتشفات والعلوم والمخترعات والتجديد، وبدون ذلك تبقى الاحتقانات والاستقطابات بين المعسكرات الفكرية والدينية والمناطقية والعرقية مصادر تهديد وتمزيق للمجتمع وللدولة القطرية، مهما أخلص المخلصون لبناء السدود والمصدات لما أطلقوا عليه الغزو الفكري أو التغريب، إذ لم يعد في العالم أسوار منيعة لصد الأفكار والنظريات والمخترعات الحديثة، الأمة تعيش في مرحلة (كن) أو (لا تكن).

وأشار إلى أنّ الإسلام اليوم أصبح جزءا من ثقافة الغرب وحضارته، رغم الحركات اليمينية والعنصرية في تلك الدول والمجتمعات، والغرب أصبح جزءاً من ثقافة العالم الإسلامي وحضارته رغم تكتل أقطاب المحافظة والتشدد وحماة الفضيلة، كما أن المنافسة بين الحضارتين الإسلامية والغربية مشروعة من خلال اكتساب العلوم والمعارف وتشييد الصناعات واكتشاف أسرار الكون وبناء الاقتصاد ومجتمعات القوانين والاستقرار والرفاهية، وأن الأسوار بينهما للعزلة والهروب من التأثر والتأثير لاشك واهية وفاشلة ومضيعة الوقت والجهود والموارد البشرية والمادية.

اعتبر خالد اليحيا أنّ من معززات التطرف لدى الشاب أن تكون نشأته في أسرة غير مثالية وتحيط بها الكثير من المشكلات، مثل فقدان أحد الأبوين أو كلاهما أو كون الأبوين لديهما نقص معرفي أو كون الأسرة فيها طلاق ومشكلات أسرية يرغب من خلالها الشاب التخلص من واقعه المرير أو كون الأب وهو ما يمثل حجر الزاوية في الأسرة قد نشأ نشأة غلو لسبب أو لآخر أو كون الشاب تم استقطابه منذ الصغر في بيئات حاضنة يكون على رأسها من لديه منهج منحرف أو تكفيري أو سوداوي، أو حاقد على المجتمع أو على الدولة لسبب أو لآخر ، وهذه من العوامل التي تسبق تحول الشاب إلى هذا المستوى من الغلو ويتزامن معه إحساس كبير بالغربة الاجتماعية والنفسية فيتحول مثل هؤلاء الشباب إلى خلايا هلامية منعزلة تغذي بعضها البعض بهذا المنهج وتقوي بعضها البعض فيصبح هؤلاء الشباب محتقرين لهبة الله العظمى للإنسان "العقل" ومتنكرين لغايات الدين الكبرى "العدل" ومتبعين لعاشقي الدماء والفوضى. وأضاف أنّه لابد من وجود إستراتيجية وطنية شاملة لدراسة أسباب هذه الظاهرة بعمق والعمل على إيجاد حلول سريعة على المدى القصير وحلول إستراتيجية على المدى الطويل، سواءً كانت حلولا اقتصادية أو اجتماعية أو حتى المساعدة النفسية عبر استكشاف هذه الظاهرة قبل استفحالها ومساعدة الشاب على إيجاد المنهج القويم والسلوك السوي الذي يحترم من خلاله بادئ ذي بدأ قيمته الإنسانية وشخصيته ووظيفته في الحياة ويرى في مجتمعه رؤية إيجابية طموحة وفي وطنه مستقبل، حتى يكون بذرة صالحة وعلينا التركيز على فئة الطفولة من سن الثامنة حتى سن الثامنة عشرة عبر تبني مراكز معرفية رياضية تربوية تتلمس مهارات وهوايات هؤلاء الأطفال وتنميتها وتطويرها وتكون هذه المراكز تحت إشراف مؤسسات اجتماعية وتربوية، وفي نفس الوقت تكون مربوطة بأهداف الطفل القويمة وتجيب عن سؤال ماذا نريد أن يكون هذا الطفل في المستقبل. وأشار إلى أنّه بالتالي تكون المخرجات من مثل هذه المراكز شابا يعرف ماذا يريد وما هي أهدافه وما هي طاقاته وقدراته الإبداعية مربوط بأهداف التنمية والمجتمع والأهداف الأمنية وأهداف الرؤية الاجتماعية التنموية والاقتصادية، ويصبح عضوا صالحا في المجتمع، ويحتاج هذا المشروع الوطني الجبار إلى شراكة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص عبر وزارة الداخلية ورعاية الشباب ووزارة الشؤون الاجتماعية والتعليم وبدعم تمويلي من القطاع الخاص يمثل المشاركة في البنية التحتية حتى نتلافى ترك الشباب يواجهون مصيرهم والمخاطر المحيطة بهم.